تخيل معى أن الولايات المتحدة الأمريكية هددتها دول منبع نهر الأمازون بأنها ستنشىء سدود وتملأها، وبأن حصة واشنطن من المياه مهددة بكل أنواع النقصان وربما الجفاف، وواصل تخيلك معى وتصور أن أمريكا لجأت للدبلوماسية بكافة صورها ولمائدة المفاوضات بكافة أشكالها، وليس هذا فقط بل أرسلت الوفود والدبلوماسيين وعصرت على نفسها لمونة وتقبلت كافة التصريحات المتعالية التى تطلقها دولة المنبع اللاتينية، ولتزد من تخيلك وتتصور الصبر الأمريكى على الصلف والتعالى اللاتينى، وأكمل تيار الخيال وعش لحظة لجوء الولايات المتحدة إلى مجلس الأمن تشتكى له أزمتها وتبث له شكواها وتطلب منه الحل والتدخل لإعادة المياه إلى مصبها وأخذها من منبعها، هل تتصور للحظة أن يخرج مجلس الأمن ببيان يقول فيه ليس لدينا الكثير للقيام به حيال أزمة نهر الأمازون.. هذه المقدمة إنما تنم عن الاشمئزاز الذى شعرت به عندما طالعتنا وسائل التواصل الاجتماعى ووسائل الاعلام ووكالات الانباء بتصريحات لرئيس مجلس الأمن الدولى نيكولا دى ريفير يعلن فيه أن مجلسه الموقر الذى يترأسه فى دورته الحالية ليس لديه الكثير ليتعامل به فى الأزمة المائية فى القارة الافريقية. ونتساءل بدورنا ليس هذا المجلس هو الذى صال وجال وأظهر مواد الفصل السابع وأعلن وأقر بالحرب الأنجلو أمريكية على العراق وأعاده من أوجه نهضته الى عصور الجهل والتخلف والعصبية ونهبت ثرواته وشرد ابناءه واغتيل علماءه، وارغم الكثير منهم على ترك بلاده والتجنس بجنسية من استحلوا دماء بنو وطنه، أليس هذا المجلس بكل ما فيه من عتاد وعباد هو من اقتلع الرئيس الليبى وشاهد مقتله صامتا ولم تتحرك له بنت شفه، أليس هو نفس المنظمة الدولية التى غضت بصرها عما يحدث فى سوريا من حرب عصابات ومحاولات دولية مضنية لتقسيمها وتفتيتها وإعطاء ضوء أخضر لتركيا باحتلال عفرين السورية ورفع العلم التركى عليها وانتهاك سيادة الدولة السورية على مرأى ومسمع ممن يطلقون على أنفسهم منظمات دولية وحماة حقوق الإنسان، هو نفس المجلس المسمى بالأمن وهو لا يسعى إلا لتأمين مصالح من أقاموه هو من أشعل الفتن فى اليمن وسلب منها سعادتها وجعلها حتى ليست بيمن وليست بسعيدة.. مجلس الأمن هو نفس المكان بنفس التوجهات، وأن اختلف الأشخاص إلا أن كلهم حافظين عن ظهر قلب دورهم فى المجلس وهو الشجب والإدانة فى دورها وفرض العقوبات الفورية فى حينها والتدخل الفورى حطنما يتطلب الموقف ذلك.. وعليه فلابد أن يعرف العم نيكولا سليل العم سام أن أوراق اللعبة الدولية حيال هذه الأزمة تعيها قيادتنا السياسية جيدًا وتعلم كل خطواتها ولا تستبعد أي وسائل لعودة قوانين الطبيعة الى سابق عهدها، وليعلم كل أقارب نيكولا وجيرانه أن مصر دولة تاريخ وتعلم كل ما يخطط لها وتفرق بين الصالح والطالح وتدرك متى وكيف وأين ولماذا ولمن تتوجه وتتحرك وترمى بنبال نجاتها من أي معضلة.. مصر تعلم جيدا أن أروقة مجلس الأمن وكافة المنظمات الدولية صناعة أبناء العم سام، وبأنهم يغضوا أبصارهم عن كل ما يتعارض مع أهدافهم والتاريخ يشهد عن قرارات الأمم المتحدة تجاه فلسطين المغتصبة وبأنها كلها حبر على ورق.. مصر فى قبضة الرحمن يا عم سام ويا سيد نيكولا ونيلها سيسرى وأعدائها زائلون.