عند التحدث عن الصحراء و روح المغامرة لابد و أن تتذكر هذا الرجل، الذى عاش في مصر باقرن الماضي تحديداً في حقبة الثلاثينيات والأربعينيات، لدرجة أن حي “ألماظة” الشهير في مصر الجديدة سُمي على اسمه، إنه الكونت “ألماسي”.
ولد الكونت “ألماسي” في النمسا، وكان يعمل وكيلا لشركة "شتير" النمساوية لصناعة السيارات في بعض مناطق المجر، و كان من محبي سباقات السيارات، وسبق له الدخول في بعض السباقات الأوروبية بسيارات الشركة، وفاز فيها.
في منتصف عشرينات القرن الماضي، بدأ “ألماسي” تنظيم رحلات الصيد للأوروبيين في صحراء مصر، وخلال تلك الرحلات اكتشف الرجل شغفه وحبه لصحراء مصر.
ساهمت هذه الرحلات الصحراوية في إظهار قدرات وكفاءة سيارات الشركة على السير في الظروف القاسية، ولكي يبدأ أولى رحلاته في الصحراء، استخدم سيارتين “لوري” وهو مصطلح تم اطلاقه على النقل الثقيل في القرن الماضي، وهما من إنتاج “شتير” أيضاً.
مع بداية عام 1932، كثرت رحلات عاشق الصحراء، حتي اكتشف ألماسي واحة “زرزورة” التي كانت تعرف سابقاً بواحة "الطيور"، وشاركه في هذه الرحلة 3 من المغامرين البريطانيين بدعم مباشر من الأمير كمال الدين حسين.
استخدم “ألماسي” في هذه الرحلة سيارات وطائرة لمسح المنطقة من الداخل، حتي اكتشاف بعض المنحوتات التي ترجع عمرها إلى عصور ما قبل التاريخ في منطقتي العوينات والجلف الكبير، لدرجة أنه في العام التالي اكتشف الوادي الثالث في واحة “زرزورة”.
بعد مرور فترة من الوقت لقب ألماسي" أبو رملة" من قبل أصدقائه البدو، لشغفه من محب لقيادة السيارات في الصحاري، إلا عاشق و مكتشف للصحراء، وهو الدافع الذى شجع “ألماسي” لتوثيق كل مغامراته في الصحراء من خلال كتابه “الصحراء المجهولة”، الذى كانت طبعته الأولى في العاصمة المجرية “بودابست” عام 1934، و في عام 1939 ظهرت النسخة الألمانية منه.
احتوي الكتاب علي وصفا دقيقاً وجذاباً لجبل العوينات، مع وصف دقيق لواحة “زرزورة” المفقودة، و أيضاً للرسوم التي تم اكتشافها على الصخور في هضبة الجلف الكبير، على الرغم انه لم يكن متكشفها فكان الفضل في ذلك لبدو الصحراء.
و مع مرور كل عام قام “ألماسي” بالعديد من بعثات جيولوجية وأثرية في الصحراء، بالإضافة لعمله بمطار “ألماظة” كمعلم للطيران، وبعد قيام الحرب العالمية الثانية عاد إلى المجر، بعدما اعتقد البريطانيون انه جاسوساً للإيطاليين.
ليعود “ألماسي” لاحقاً إلى مصر بناء على طلب من الملك فاروق حتي يعمل بمعهد الصحراء، ويرجع لنشاطه مرة أخرى، فحاول اكتشاف آثار جيش “قمبيز” الفارسي الذي اختفى بجنوده البالغ عددهم عشرة آلاف في بحر الرمال، إلا أن الموت داهمه ولم يستطع إكتمال رحلة البحث، ليرحل في عام 1951 خلال زيارة لموطنه النمسا.