اختتمت في العاصمة العراقية بغداد الأحد، القمة الثلاثية بين قادة مصر والعراق والأردن، والتي جاءت لبحث سبل التعاون والتنسيق والتكامل الاستراتيجي بين البلدان الثلاثة.
وعقدت القمة الثلاثية بين مصر والعراق والأردن بعد إرجائها مرتين، في إطار مسار آلية التعاون الثلاثي بين الدول الثلاث التي انطلقت أولى جولاتها في القاهرة في مارس 2019، لتأسيس مرحلة مقبلة من التكامل الاستراتيجي بين الدول الثلاث، قائمة على الأهداف التنموية المشتركة.
ويرى مراقبون، أن قمة بغداد، تهدف إلى تحقيق شراكات اقتصادية تنموية، مؤكدين أن هذا التحالف كان يفترض بأن يتشكل منذ زمن، ليكون نواة عربية لتحالف وتجمع اقتصادي عربي مهم جدا، لإعادة التوازن إلى المنطقة.
وفي نهاية مارس الماضي، أعلن رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي تأجيل القمة الثلاثية بين مصر والعراق والأردن، التي كان مقررا عقدها في السابع والعشرين من الشهر ذاته في العاصمة بغداد، بسبب حادث تصادم قطارين في مدينة سوهاج جنوب مصر، ثم تأجلت مرة أخرى بسبب تداعيات قضية "الفتنة" في الأردن.
يصب في مصلحة الشعوب
المحلل السياسي الأردني الدكتور خالد شنيكات، علق على قمة بغداد قائلا إن «أي تعاون بين الدول الثلاث يصب في النهاية في مصلحة شعوبهم، بمعنى آخر تحسن الظروف الاقتصادية لمواطني هذه الدول من خلال زيادة الاستثمارات المتبادلة، وتكوين وعمل الشركات، ومن ثم تشغيل الأفراد بما يساهم في خفض نسب البطالة»
وأضاف شنيكات في تصريحات لـ«صدى البلد»، أن التعاون بين القاهرة وبغداد وعمان يسهل حركة انتقال الأفراد أمام مواطني الدول الثلاث، ويقلل من التكاليف والإجراءات.
وأوضح شنيكات، أن إقامة شبكة نقل بري من ضمن المشروعات المقرر تنفيذها بين الدول الثلاث، وسيكون هناك مردود اقتصادي يتمثل في خفض سعر برميل النفط على المستهلك خاص أن الحكومة العراقية تعهدت للجانب المصري والأردني ببيع برميل النفط بـ16 دولارا.
ولفت «بالنسبة للعراق هناك فائدة تعود عليه من خلال شبكات الربط الكهربائي، لأن مصر لديها فائض كهربائي وبالتالي سيتم تصديره من خلال الأردن إلى العراق وهذا المشروع أطلق عليه "مشروع الشام الجديد"»
مشاريع عملاقة بالشام الجديد
وتابع « المشاريع العملاقة بـ مشروع الشام الجديد منها: مد خط أنبوب البصرة الذي يمتد من البصرة مرورا بالأراضي الأردنية وصولا إلى قناة السويس ثم التصدير إلى أوروبا» مردفا «هذا المشروع كبير ويشبه إلى حد كبير مشروعات سيل 1 وغيرها من مشروعات الغاز الروسية التي تتجه إلى أوروبا؛ فـ المشروع يتجه أيضا إلى أوروبا ولكن بتكلفة أقل على الأوروبيين وتنافسهم، ويجعل مصر في مركز متقدم في سوق الغاز والنفط»
واستطرد «تكون بداية مشروع الشام الجديد بالدول الثلاث ولكن في حال حقق نجاحا وحقق الأهداف التي رسمت قد تلحق به دول عربية أخرى منها: دول الخليج العربي وربما سوريا ولبنان لاحقا».
وأكد أن «التعاون بين الدول الثلاث يحمل رسائل عدة داخلية وخارجية منها عودة العمل العربي الجماعي بعد فترة من التراجع نتيجة لثورات الربيع العربي، حيث سيطرت المواقف السياسية على الدول العربية بين مع وضد ودخلنا في خريف عربي».
وأشار إلى أن «المشروع أول رد عربي، وأول كينونة بعد الربيع العربي خاصة وإن "الشام الجديد" يضم ثلاث دول لديها كتلة سكانية تزيد عن 150 مليون نسمة، وهذه الكتلة السكانية كبيرة بالنسبة للعالم العربي وبها عدد ضخم مقارنة بعدد سكان باقي الدول العربية "يصل إلى النصف تقريبا"».
وأردف «قد يرسم التعاون بين الدول الثلاث حدودا لوقف تدخلات قوى إقليمية في المنطقة العربية، ووقف التعديات على سيادة الدول العربية».
تعاون في مجال مكافحة الإرهاب
وواصل «قد تشهد العلاقات بين مصر والعراق والأردن تعاونا في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف، وقد تدخل ملفات كالملف السوري وحرب اليمن وملف لبنان على أجندة هذه الدول في مجال التعاون وليس الاستقطابات كما كان في الأزمنة السابقة بين كل الدول العربية».
واستكمل «قد تدخل الشركات المصرية والأردنية في عملية إعادة إعمار العراق والذي لم ينتهى بعد من حربه ضد الإرهاب» معقبا «مهمة جدا مرحلة الاستقرار الأمني لكن الذي يحقق كل ذلك هو الاستقرار الاقتصادي والتنمية الاقتصادية لهذه الدول وشعوبها».
وشدد «التعاون بين مصر والعراق والأردن يهدف لزيادة حجم التجارة البينية بين الدول الثلاث، وهو ضعيف مقارنة بحجم التجارة لهذه الدول مع الدول الأخرى من خارج منظومة الدول العربية، لذا فقد يعاد النظر في صياغة سياسات الاستيراد والتصدير لهذه الدول على أمل أن يشكل هذا التعاون مصالح مشتركة بين شعوب تلك الدول وتستفيد من هذه التسهيلات».
رؤية مشتركة حول القضايا العربية
وقال رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي في ختام اجتماعه مع العاهل الأردني عبدالله الثاني والرئيس عبد الفتاح السيسي، إن القادة الثلاثة اتفقوا على «مواصلة التنسيق حول عدد من الملفات الإقليمية كالملف السوري والليبي وكذلك اليمني والفلسطيني، وعلى صياغة رؤية مشتركة حول هذه القضايا من خلال التعاون والتنسيق من أجل مساعدة أشقائنا في هذه الدول على مواجهة هذه التحديات».
وأضاف الكاظمي قائلاً: «ركزنا على الاستثمار والتعاون الاقتصادي، واتفقنا على رؤية مشتركة، ونجحنا في الوصول إلى تصورات محددة، ونحن الآن في مرحلة الوصول إلى تنفيذ هذه المشروعات، في مجالات الربط الكهربائي والزراعة والنقل، بالإضافة إلى مسألة الأمن الغذائي التي طرحها الملك عبدالله الثاني في لقاء القمة السابق».