فوائد شكر الله على نعمه لفظ الشكر كغيره من الألفاظ في اللغة العربيّة، له معنيان: واحدٌ في اللغة وآخر في الاصطلاح، وفيما يأتي بيانٌ لكلا المعنيين: الشكر في اللغة اسمٌ، ويُقال: شكره، وشكر له، ويشكر شكرًا، وشكورًا وشكرانًا، الشكر: عرفان الإحسان ونشره، والشكر من الله: المجازاة والثناء الجميل.
الشكر في الاصطلاح: هو ظهور أثر نعم الله -سبحانه وتعالى- على عبده في قلبه من خلال الإيمان به، وفي لسانه، من خلال حمده والثناء عليه، وفي جوارحه من خلال عبادته وطاعته.
تفضّل الله سبحانه وتعالى على عباده بالنِّعم التي لا تُعدُّ ولا تُحصى، وفضّل بني آدم على سائر المخلوقات وحباهم بكافة النِّعم؛ قال -تعالى-: "ولقد كرّمنا بني آدم"؛ فمن تفضّل عليك بالنِّعم ووهبك إيّاها من غير حولٍ منك ولا قوةً هو الله؛ فواجب العباد شُكر الله المُتصل على هذه النِّعم.
كيفية شكر الله على نعمه
ويعد شُكر الله على نعمه صفةٌ من صفات عباد الله المؤمنين الذين قال عنهم سبحانه: «وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِي الشَّكُورُ» فالشُّكر هو دليل معرفة عظيم النِّعمة أو النِّعم التي وُهبتها من الله، وقد سمّى الله نفسه بالشَّكور أي كثير الشُّكر؛ فالشُّكر هو مفتاح الزِّيادة من الخيرات وهو وعدٌ ربانيٌّ جاء بصريح اللفظ في الكتاب العزيز: «وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْش».
فضل الشكر ومنزلة الشاكرين
شكر الله على نعمه له منزلةٌ عظيمةٌ وفضائل كثيرةٌ، منها:
أنّ من أسماء الله تعالى الشاكر والشكور.
أنّ الشكر من صفات الأنبياء عليهم الصّلاة والسّلام.
أنّ الله تعالى أمر عباده بشكره.
أنّ الشكر من صفات عباد الله المؤمنين، ففي الحديث النبوي يقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ؛ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ».
كيفية شكر نعم الله
يوجد العديد من الوسائل لشكر الله على نعمه، أبرزها:
الإكثار من قول الحمد لله في اليوم والليلة؛ فالحمد لله مع سبحان الله كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان.
عند حدوث ما تُحب وتتمنى يستحب الإكثار من ترديد: الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
سجود الشُّكر لله تعالى فور تلقي الخبر السّار أو حصول النِّعمة أو دفع البلاء؛ وتكون سجدة من غير صلاةٍ، ولا يشترط فيها الوضوء أو التوجه إلى القِبلة أو الطّهارة؛ فيسجد المسلم على الحال الذي هو عليه فور حدوث أو سماع ما يتمنى.
من شُكر الله على نعمه استخدام هذه النِّعم في طاعة الله سبحانه وتعالى، وفي تحقيق العدل ودفع الظُّلم، وتجنب ارتكاب الذُّنوب والمعاصي؛ فشُكر القلب بالاعتراف بأنّ الله هو صاحب الفضل بالنِّعم، وشُكر اللِّسان هو ترديد قول الحمد لله مقتنعًا بها.
وفي الصلاة لا بُدّ من تدبر قولنا عند الرَّفع من الرُّكوع:"سمع الله لمن حَمِد" أيّ أنّ الله يستمع ويجيب ويعطي من يحمده.
التَّحدث بنعم الله على عبده صورةٌ من صور النِّعم دون مبالغةٍ أو جرحٍ لمشاعر الآخرين، وفي حال أمِن الحسد والعين، كذلك استخدام هذه النِّعم فتظهر على الإنسان في مطعمه وملبسه ومسكنه وسائر شؤون حياته العامّة والخاصّة دون إسرافٍ أو تقتيرٍ.
من شُكر الله شُكر عباد الله الذين جعلهم الله سببًا في مساعدتك؛ فمن عَجِز عن شُكر النَّاس فهو عن شُكر الله أعجز.
دفع صدقةٍ للفقراء والمحتاجين قُربةً لله الذي أعطاك ووهبك هذه النِّعم.
حمد الله وشكره بعد تناول الطعام والشراب بقول: الحمد لله الذي أطعمنا وأسقانا من غير حول منا ولا قوة، وقول:الحمد لله عقب تمام كل نعمة.
فوائد شكر الله على نعمه
الشكر سببٌ لرضى الله تعالى عن عبده، قال الله تعالى: «إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ ۖ وَلَا يَرْضَىٰ لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ ۖ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ ۗ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ۗ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ۚ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ».
شكر الله أمانٌ للعبد من عذاب الله.
شكر الله سببٌ في زيادة النعم، قال الله تعالى: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ).
الشكر سببٌ في حصول العبد على الأجر العظيم في الآخرة.
رضا الله تعالى معلّقٌ بشكره؛ فمتى شكر العبد ربَّه نال رضاه.
دخول الشاكر في قائمة المؤمنين: لأنّ العبد المؤمن يتميّزُ بشكر الله تعالى على كلّ ما يصيبه، إن كان خيرًا فرح وشكر، وإن كان شرًا احتسب وصبر، فهو يعلم أنّ كلّ ما يأتي من الله هو خيرٌ له وإن كان ظاهره شرًا، وهذا ما يسمّى "النعمة الباطنة".
فوائد شكر الله على نعمه
زيادة النعمة: من كرم الله تعالى أنّه يكافئ العبد على شكره النعمة، فيُديمها لصاحبها ويزيدُها له، وليحذرْ المسلم من نسيانِ الشكر؛ لأنه بذلك يعرّض نفسه للعذاب وزوال النعمة.
اكتسابُ الأجر في الآخرة: لا تقتصرُ مكافأة الله لعبده الشكور على حدود الحياة الدنيا، إنما تجتازُها لينالَ الأجرَ والجزاء العظيمَ منه تعالى في الآخرة. فهو سبحانه القائل: «وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ»، [آل عمران، الآية: 145].
باب لرضا المولى سبحانه وتعالى عن عبده.
سبب للنجاة من العذاب الذي قد يحلّ: لأنّ العبد الشكور ينجيه اللهُ -عزّ وجل- من العذاب كما ينجي المؤمن بسبب إيمانه.
حكم شكر الله تعالى
ذهب الفقهاء والأئمة من المذاهب الفقهيّة، إلى أنّ شكر الله على نعمه واجبٌ في الشرع من حيث الجملة، ولا يجوز تركه بالكليّة، وقد أُستدلّ على ذلك بالآيات القرآنيّة الكريمة التي فيها الأمر بالشكر؛ كقول الله -سبحانه وتعالى- في القرآن الكريم: «فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ»، وقول الله تعالى أيضًا: «فَاذْكُرُوا آلاَءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ»، ويُستحب الإكثار من شكر الله تعالى على نعمه.
أعمال ترضي الله
أرشد القرآن والسنة النبوية إلى بعضالأعمال الصالحة التي يحبها اللهسبحانه وتعالى، ويغفر بها الذنوب ويرفع الدرجات، ويرصد «صدى البلد» منها 10 أعمال:
-1- الحرص على أداء الصلوات الخمس في وقتها
2- الاستغفار يكفر الذنوب ويوسع الرزق ويدخل الجنة
3- الصّدقةُ تطفئ غضب الله وتمحو الخطيئة
4- الصيام من مكفرات الذنوب ولا يعرف أجره إلا الله
5- التسامح والعفو من مكفرات الذنوب ودليل على التقوى
6- الحج يكفر الذنوب ويرَجَعَ الحاج منه كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ
7- تفريج كربة عن مؤمن، وعون الضعيف لها أجر كبير عند الله8- أداء الأمانة وصدق الحديث وحسن الجوار يحبها الله
9- أحب الكلام إلى الله «سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر
10- أحب العباد إلى الله أحسنهم خلقًا
11- حب سورة الإخلاص، ودليل ذلك:عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ رَجُلًا عَلَى سَرِيَّةٍ، وَكَانَ يَقْرَأُ لأَصْحَابِهِ فِي صَلاَتِهِمْ فَيَخْتِمُ بِـ «قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ»، فَلَمَّا رَجَعُوا ذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «سَلُوهُ لأَيِّ شَيْءٍ يَصْنَعُ ذَلِكَ؟، فَسَأَلُوهُ فَقَالَ: لأَنَّهَا صِفَةُ الرَّحْمَنِ، فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَقْرَأَ بِهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَخْبِرُوهُ أَنَّ اللَّهَ يُحِبُّهُ» (متفق عليه).