الشك في عدد الركعات أثناء الصلاة .. اختلف الفقهاء في حكم ما لوشكَّ المُصلِّي في عددِ الركعات، فشكَّ في رُباعيَّة؛ هل صلَّاها ثلاثًا أو أربعًا، على قولين: القول الأول: لو شكَّ المُصلِّي في رُباعيَّة؛ هل صلَّاها ثلاثًا أم أربعًا، أتى بركعةٍ، وسجَد للسهوِ، ولا يَعملُ بغلبةِ الظنِّ، وهو مذهبُ الجمهورِ: المالكيَّة، والشافعيَّة، والحنابلة.
واستدل أصحاب القول الأول بما روي عن أبي سعيدٍ الخدريِّ رَضِيَ اللهُ عَنْه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «إذا شكَّ أحدُكم في صلاتِه، فلمْ يَدرِ كم صلَّى؟ ثلاثًا أم أربعًا؟ فلْيَطْرَحِ الشكَّ، ولْيَبنِ على ما استيقَنَ، ثمَّ يَسجُدُ سَجدتينِ قبل أن يُسلِّمَ، فإنْ كان صلَّى خمسًا، شَفَعْنَ له صلاتَه، وإنْ كان صلَّى إتمامًا لأربعٍ، كانتَا ترغيمًا للشيطانِ».
حكم الشك في ترك ركعة
القول الثاني: لو شكَّ المُصلِّي في رُباعيَّة؛ هل صلَّاها ثلاثًا أم أربعًا فإنَّه يَتحرَّى، فإنْ ترجَّح له شيءٌ عمِل به، وإلَّا عمِلَ باليقينِ، وهو الأقلُّ، وهو مذهبُ الحنفيَّة، واختاره الشوكانيُّ، واستدلوا بما روي عن ابنِ مَسعودٍ، قال: «صلَّى بنا رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صلاةً زاد فيها، أو نقَصَ منها، فلمَّا أتمَّ قلنا: يا رسولَ الله، أحدَث في الصلاةِ شيءٌ؟ قال: فثَنى رِجلَه فسجَدَ سجدتينِ، ثم قال: لو حدَث في الصِّلاةِ شيءٌ لأخبرتُكم به، ولكن إنَّما أنا بشرٌ، أنْسَى كما تَنسَونَ، فإذا نسيتُ فذَكِّروني، وإذا أحدُكم شكَّ في صلاتِه فلْيتَحرَّى الصوابَ، وليبنِ عليه، ثم ليسجدْ سَجدتينِ».
قال الدكتور محمود شلبي، أمين الفتوى بدار الإفتاء، إنه فيما أرشدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عند الشك في عدد ركعات الصلاة، فإننا نبني على اليقين أو الأقل.
واستدل بأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- نسي وأكمل صلاته وسجد سجدتي السهو، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إحْدَى صَلَاتَيْ الْعَشِيِّ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ، فَقَامَ إلَى خَشَبَةٍ مَعْرُوضَةٍ فِي الْمَسْجِدِ فَاتَّكَأَ عَلَيْهَا كَأَنَّهُ غَضْبَانُ، وَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ، وَوَضَعَ خَدَّهُ الْأَيْمَنَ عَلَى ظَهْرِ كَفِّهِ الْيُسْرَى، وَخَرَجْت السَّرَعَانُ مِنْ أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ، فَقَالُوا: قُصِرَتْ الصَّلَاةُ؟ وَفِي الْقَوْمِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فَهَابَا أَنْ يُكَلِّمَاهُ، وَفِي الْقَوْمِ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ:
ذُو الْيَدَيْنِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنِسيتَ أَمْ قُصِرَتْ الصَّلَاةُ؟ فَقَالَ: لَمْ أَنْسَ وَلَمْ تُقْصَرْ، فَقَالَ: أَكَمَا يَقُولُ ذو الْيَدَيْنِ؟ فَقَالُوا: نَعَمْ، فَتَقَدَّمَ فَصَلَّى مَا تَرَكَ، ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ كَبَّرَ وَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَكَبَّرَ، ثُمَّ كَبَّرَ وَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَكَبَّرَ فَرُبَّمَا سَأَلُوهُ، ثُمَّ سَلَّمَ، فَيَقُولُ:-أي ابن سيرين راوي الحديث عن أبي هريرة.- أُنْبِئْت أَنَّ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ قَالَ: ثُمَّ سَلَّمَ» [رواه: البخاري]، وعند مسلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إنما أنا بشر مثلكم، أنسى كما تنسون، فإذا زاد الرجل أو نقص، فليسجد سجدتين».
ذكر مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، أن سجود السهو: هو سجدتان متواليتان بعد التشهد الأخير وقبل السلام من الصلاة.
الشك في عدد ركعات الصلاة
نوه الشيخ عويضة عثمان، مدير إدارة الفتوى الشفوية وأمين الفتوى بـدار الإفتاء،بأنه في حال شك المُصلي في عدد الركعات، التي أداها، فنسي ما إذا كان قد صلى ثلاث ركعات أم أربعة فعليه أن يبنـي علـى اليقين وهو الأقل.
وألمح «عويضة» في إجابته عن سؤال: « أشك دائمًا في عدد الركعات وأنا أصلي، ما إذا كنت قد صليت ثلاث ركعات أم أربع، فهل أعيد الصلاة؟»، إلى أنه إذاشك المُصلي في صلاتهفلم يدر كم صلى ثلاث ركعات أم أربـع؟ فيجب عليه أن يبنـي علـى اليقين وهو الأقل أي الثلاثة مثلا ثم يأتي بالرابعة إن كانت الصلاة رباعية ثم يسجد سجدتين للسهو.
ونبه على أن هذا إذا لـم يكن عنـده ظـن غالـب فإن كـان عنده ظن غالب بني على غالب ظنه وإن كان الأكثر عددًا، منوهًا بأنه إذا كان هذا أمرًا طارئًا وليس متكررًا فيبني على اليقين وهو الأقل، إلا إذا كان هذا الأمر متكرر دائمًا فهذا يعني أن الشخص لديه وسوسة.
هل يجب إعادة الصلاة عند السرحان
أفتى مجمع البحوث الإسلامية، بأن السرحان في الصلاة لا يبطلها، وإنما هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد، ولا يجب به سجود السهو ما دام قد أتى بأركانها وواجباتها، لكنه ينقصها نقصانًا كبيرًا.
وأشار «المجمع» في إجابته عن سؤال: «هل يجب اعادة الصلاة عند السرحان وعدم الخشوع فيها؟»، إلى أنه إذا قام المسلم إلى الصلاة عليه أن يستشعر عظمة من قام بين يديه، وأن يؤمن إيمانًا كاملًا بأن الله تبارك وتعالى يعلم ما توسوس به نفسه.
وتابع: إن يحرص غاية الحرص أن يجمع قلبه على ما يقول ويفعل فى صلاته وألا يذهب بفكره وعقله يمينًا وشمالًا، وإذا حدث له ذلك، فعليه أن يتفل عن يساره ثلاثًا ويستعذ بالله من الشيطان الرجيم، والتفل دون البصق، حيث إن التفل هو إخراج للهواء فقط، دون غيره من البصاق».
حكم إعادة الصلاة بسبب عدم الخشوع
نبه مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية، على أن جمهور الفقهاء ذهبوا إلى أن الخشوع في الصلاة ليس من أركانها، ولكنه من لوازمها فلا تبطل الصلاة بتركه، ولكن ينقص الثواب بقدر ما تفقده من خشوع.
واستشهد المركز في إجابته عن سؤال: «هل يسن إعادة الصلاة التي فقد فيها الخشوع بسبب التفكير في شيء خارجي؟»، بما ورد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ الْعَبْدَ لَيُصَلِّي، فَمَا يُكْتَبُ لَهُ إِلاَّ عُشْرُ صَلاَتِهِ، فَالتُّسْعُ، فَالثُّمُنُ، فَالسُّبُعُ، حَتَّى تُكْتَبَ صَلاَتُهُ تَامَّةٌ».
وواصل: وذهب بعض الفقهاء إلى أن الخشوع واجب من واجبات الصلاة وتبطل الصلاة بتركه، ولكن الراجح ما ذهب إليه الجمهور بعدم بطلانها لكن على المرء أن يتحرى الخشوع في صلاته حتى يغنم منها بالأجر العظيم من الله لقوله تعالى: «قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2)»، وأن يتدبر ما يقرأه من الآيات القرآنية.
هو السكون فيها، وفيه يُظهر المصلِّي التذلّلُ للهِ عزَّ وجلَّ بقلبهِ وجميع جوارحهِ، وذلك بحضورِ القلبِ وانكسارهِ بين يدي اللهِ تعالى، وكمالُ الخشوعِ يتحقّقُ بتصفيةِ القلبِ من الرياءِ للخلقِ في الصلاةِ.
الخشوع في الصلاةيَكثرُ ثوابها أو يقلّ حسبما يعقل المصلّي في صلاتهِ، إضافةً إلى استشعارُ الخضوعِ والتواضعِ للهِ عزَّ وجلَّ عند ركوعهِ وسجودهِ، وأن يمتلئَ قلبهُ بتعظيمِ اللهِ عز وجلّ عند كل جزءٍ من أجزاء الصلاةِ، وأن يبتعد المُصلّي في صلاتهِ عن الأفكارِ والخواطرِ الدنيويّة، والإعراضِ عن حديثِ النفسِ ووسوسةِ الشيطانِ؛ ذلك أنّ الصلاةَ مع الغفلةِ عن الخشوعِ والخضوعِ لله عز وجل لا فائدة فيها.
3 أمور تساعد على الخشوع
وضع الدكتور عمرو الورداني، مدير إدارة التدريب وأمين الفتوى بدار الإفتاء، روشتة شرعية لـ الخشوع في الصلاة، وعلاج السرحان وشرود الذهن أثناء الصلاة، من 3 أمور تُعين المسلم على الخشوع في الصلاة.
وقال «الورداني» في إجابته عن سؤال: «دائمًا ينتابني هاجس أن عبادتي غير مقبولة فماذا أفعل؟»، أن الأمر الأول الذي يساعد على الخشوع في الصلاة هو العناية بالتركيز في القراءة بتأنٍ وتدبر الآيات وليس مجرد التلفظ بها، مشيرًا إلى خطأ البعض في عدم التلفظ ولهج اللسان بتحريك الشفتين في القراء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا صَلاة لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ».
وأضاف أن ثاني هذه الأمور: العناية بموضع النظر في مراحل الصلاة المختلفة، لافتًا إلى أن النظر أثناء الوقوف يكون إلى محل السجود، وأثناء الركوع إلى أطراف أصابع قدميك، وعند السجود يكون إلى «أرنبة» الأنف، وأخيرًا عند التشهد يكون النظر إلى طرف الإصبع المُسبحة -بحسب تعبيره-.
وتابع: ثالثًا: العناية بالأدعية التي يقولها المصلي في أثناء الركوع والسجود والقيام، مشيرًا إلى حضور قلب الداعي أثناء الدعاء، لما رواه أبو هريرةَ أنَّ رسُولَ اللَّه -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «أقربُ مَا يَكونُ العبْدُ مِن ربِّهِ وَهَو ساجدٌ، فَأَكثِرُوا الدُّعاء» رواهُ مسلم.
ونصح مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، ببعض الوسائل التي تعين المسلم على الخشوع في الصلاة ومنها: أولًا: معرفة صفة صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- من واجبات وآداب وهيئات وأدعية وأذكار، ثانيًا: وأن تحرص بعد المعرفة على التطبيق التام لها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم «صلوا كما رأيتموني أصلي».
وأضاف: ثالثًا: المجاهدة والمثابرة على الخشوع في الصلاة ولذا قال سبحانه وتعالى: «وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا»، وقال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا الْعِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ، وَإِنَّمَا الْحِلْمُ بِالتَّحَلُّمِ»، رابعًا: استحضار عظمة الله تعالى وجلاله وعلوه على خلقه، وأنك تقف بين يديه عبد بين يدي سيده ومولاه.
وتابع: خامسًا: وإذا عرض لك شيء يشغلك في صلاتك فاتفل «هواء مع ريق خفيف يشبه الرذاذ» عن يسارك واستعذ بالله من الشيطان الرجيم، فإنه ينصرف عنك بفضل الله تعالى.
كيفية سجود السهو
اختلف الفقهاء في محلسجود السهوهل يكون قبل السلام أم بعده؟،رأى الإمام أبي حنيفة أن سجود السهو الأَوْلَى فعله بعد السلام مطلقًا في الزيادة والنقصان،واشترطوا النية له، حيث اعتبروه صلاة لابد فيها من تحقُّق النية، وقياسا على اشتراط النية في سجودالشكر،وسجود التلاوة.
بينما رأىالإمام مالك أنه إذا كان السهو لنقص فالأَولى فعله قبل السلام، وإن كان لزيادة فالأولى فعله بعد السلام، أما فيما يتعلق بالنية، فلا حاجة لها إن كان سجود السهو قبل السلام، حيث تكفي نية الصلاة باعتباره جزءًا منها، إما إن كان بعد الصلاة فلابد من النية، لأنه خرج عن الصلاة.
وعند الإمام الشافعي: الأَوْلَى فعلسجود السهوقبل السلاموبعد التشهُّد مهما اختلف سببهفي الزيادة والنقصان، وتلزم نية له، لكلٍّ من الإمام والمنفرد على حد سواء، أما المأموم فلا يحتاج إلى النية، اكتفاءً بنية إمامه، ومحل النية هو القلب.
ورأى الحنابلة: قالوا بأن سجود السهو يكون قبل السلام من الصلاة مطلقًا، وفي جميع الحالات باستثناء حالَتين، الأولى: نقص ركعةٍ، أو أكثر من الصلاة، فإن نقصت عدد الركعات، فإنّ المُصلي يأتي بالنقص، ثمّ يسجد للسَّهو بعد السلام، والثانية: الشك في شيءٍ من أعمال الصلاة، فالمُصلّي حينها يبني صلاته على غلبة ظنه، ويُتمّ الصلاة بناءً عليها، ثم يسجد للسَّهو بعد السلام، واشترط الحنابلة التشهُّد بعد سجود السَّهو وقبل السلام منه إن كان بعد الصلاة، وقال الإمام ابن قدامة أثناء كلامه على أحوال مَواضِع السجود: «وجملة ذلك أن السجود عند أحمد قبل السلام إلا في الموضعين اللَّذَيْن ورد النصُّ بسجودهما بعد السلام وهما: إذا سلَّم من نقص عن صلاته، أو تحرَّى الإمام فبنى غالب ظنِّه... وما عداهما يسجد له قبل السلام، نصَّ على هذا في رواية الأثرم».
يتلخص مبحث سجود السهو كالتالي:
أن سجود السهو مشروع وهو سجدتان يَسجُدهما المصلِّي قبل السلام أو بعده لجبر خلل في صلاته.
لا يُعتَبَر السهو دليلًا على الإعراض في الصلاة؛ لأنه من مُقتَضَى الطبيعة البشريَّة، وأن سيِّد الخاشعين والعابدين - صلَّى الله عليْه وسلَّم - سَهَا في صلاته.
أسبابه ثلاثة وهي: الزيادة، والنقص، والشك. أنَّه سجدتان صفتهما كصفة سجدتي الصلاة مع التكبير. لا خِلاف بين الفقهاء في جَواز السجود للسهو قبل السلام أم بعده، والراجح التفصيل لأن ما سجَدَه النبي - صلَّى الله عليْه وسلَّم - قبل السلام فهو الصواب، وهو لحِكمَة وما سجَدَه - صلَّى الله عليْه وسلَّم - بعد السلام فهو الصواب وهو لحِكمَة، وكذلك بيَّن أن الشكَّ قسمان: شكٌّ مع التحرِّي، وشكٌّ مع البناء على اليقين كما يلي:
فإن شكَّ وتحرَّى فإنه يسجد بعد السلام. وإن شكَّ ولم يتبيَّن له الراجح فالسجود قبل السلام.
الحكمة من مشروعية سجود السهو شرع الله -سبحانه تعالى- سجود السَّهو؛ جَبرًا لِما قد يقع فيه المُصلّي من الخطأ في الصلاة؛ سهوًا، أو نسيانًا، فسجود السَّهو يَسُدُّ الخلل الحاصل، ويجبره، فينال العبد بذلك رضا الله -تعالى-، بإتمام الصلاة دون تقصيرٍ، فالخطأ من طبيعة النفس البشريّة، وقد سها النبيّ -عليه الصلاة والسلام- في صلاته.
حكم سجود السهو
القول الأول:قال الشافعيّة بأنّ سجود السَّهو سنّةٌ، ولا يسجد المأموم لسَهْو نفسه خلف إمامه أبدًا؛ إذ يتحمّل الإمام عنه ذلك، ويجب سجود السَّهو في حالةٍ واحدةٍ فقط، وهي الاقتداء؛ إذ وجب على المأموم أن يتابع إمامه.
القول الثاني:قال المالكية إن سجود السَّهو سُنّةٌ مؤكّدةٌ لكلٍّ من الإمام والمنفرد، ولكن إن سها المأموم، فإنّه لا يسجد للسَّهو إلّا حين فراغ الإمام من الصلاة والسلام، فبذلك يسجد المأموم لسَهْو نفسه.
القول الثالث:فصل الحنابلة في حكم سجود السَّهو، وذهبوا في ذلك إلى ثلاث حالاتٍ، بيانها فيما يأتي: الحالة الأولى: يجب سجود السَّهو إن غَفل المُصلّي، وسها عن ركنٍ، أو شكّ فيه، أو سها عن واجبٍ، أو جَهل وأخطأ في القراءة، ممّا أدى إلى تغيير معنى الآية بغير علمٍ.
الحالة الثانية: يُسَنّ سجود السَّهو لمَن أضاف قولًا مشروعًا في غير موضعه؛ سهوًا كان، أو عمدًا. الحالة الثالثة: يُباح سجود السَّهو لمَن ترك سُنّةً من سُنَن الصلاة.
القول الرابع:قال الحنفيّة بوجوب سجود السهو، فإن تركه المُصلي، فإنّ الإثم يترتب عليه، إلا أن صلاته لا تبطل، استدلالًا بحديث ابن مسعود -رضي الله عنه- أنّ النبيّ قال: «إذا شَكَّ أحدُكُم في صلاتِهِ فليتحرَّ الصَّوابَ فليُتمَّ عليهِ ثمَّ ليسلِّم ثمَّ ليسجُدْ سَجدتَينِ»، واستدلّوا أيضًا بحديث ثوبان مولى الرسول -صلى الله عليه وسلم-: «لكلِّ سهوٍ سجدتان بعدما يُسلِّمُ»، واحتجوا أيضًا بعدم ترك الرسول -صلى الله عليه وسلم-، والصحابة -رضي الله عنهم- لسجود السهو؛ فبذلك تكون المواظبة عليه بلا تركٍ تفيد الوجوب.
حكم من نسي سجود السهو؟
إنه إذا نسي سجود السهو فصلاته صحيحة، لكن متى ذكر سجد سجدتي السهو سواء في المسجد أو في بيته، وقال بعض أهل العلم: إذا طال الفصل سقطت، ولكن الأحوط والأولى أنه متى ذكرها ولو طال الفصل سجد سجدتين بنية السهو، سواء في المسجد أو في بيته كما ذكر بعض العلماء.
وقال الدكتور على جمعة مفتى الجمهورية السابق، إنسجود السهوسُنة، ولو تركها الإنسان فالصلاة صحيحة ولا تبطل بتركها.
وأوضح جمعة، في إجابته عن سؤال: «ماحكم من نسي سجود السهو؟» أن سجود السهو نؤديه استكمالًا للصلاة فمن نسيه أو نسى سجدة من سجدتي السهو فلا شىء عليه وصلاته تبقى صحيحة.
قال مجمع البحوث الإسلامية، إن سجود السهو في الصلاة سُنة وليس واجبًا وشُرع لجَبْر الخلل الذي يَحدث في الصلاة من زيادةٍ أو نقصان في الصلاة.
وأوضح مجمع البحوث في إجابته عن سؤال: «ما هي أحكام السهو في الصلاة ؟»، أن سجود السهو يكون سجدتين يسجدهما المصلي قبل السلام أو بعده»، مستشهدًا بقول النبي -صلى الله عليه وسلم- «إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِى صَلاَتِهِ فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى ثَلاَثًا أَمْ أَرْبَعًا فَلْيَطْرَحِ الشَّكَّ وَلْيَبْنِ عَلَى مَا اسْتَيْقَنَ ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ فَإِنْ كَانَ صَلَّى خَمْسًا شَفَعْنَ لَهُ صَلاَتَهُ وَإِنْ كَانَ صَلَّى إِتْمَامًا لأَرْبَعٍ كَانَتَا تَرْغِيمًا لِلشَّيْطَانِ» رواه مسلم.
وذكر مجمع البحوث الإسلامية، أن سجود السهو في الصلاة يكون في هذه الحالات: أولًا: إذا سلم المصلي قبل إتمام الصلاة، ثانيًا:عند الزيادة عن الصلاة، ثالثًا عند نسيان التشهد الأول، أو نسيان سنة من سنن الصلاة، رابعًا عند الشك في عدد ركعات الصلاة ، كأن شك، صلى واحدة أو اثنتين، يجعلها واحدة، ويسجد للسهو.