كما تدب الأشجار جذورها في عمق الأرض، انطلقت الأعصاب تشق طريقها داخل ذراعي الآيسلندي جريتارسون في أول عملية زراعة كتفين وذراعين في العالم على يد أطباء فرنسيين، والتي حققت معجزة طبية قد تغير مجرى حياة مبتوري الأطراف.
فبعد 20 عاما من المعاناة إثر حادث أليم، برق الأمل في عيني الآيسلندي «فيليكس جريتارسون» البالغ من العمر 48 عامًا، عند شعوره بالألم لأول مرة منذ خضوعه لزارعة كتفين وذراعين من متبرع في يناير الماضي، ضمن معجزة طبية هزت فرنسا والعالم.
استغرقت العملية الجراحية الرائدة حوالي 14 ساعة في ليون بفرنسا، وقد أظهر الآيسلندي تعافيًا بعد 10 أيام من خضوعه للعملية في طفرة طبية غير مسبوقة، مما بعث الأمل في نفوس مبتوري الأطراف حول العالم، وعلقت العيون آمالها على قدرة جريتارسون في استكمال مشواره بالعلاج التأهيلي لمدة 3 سنوات.
فهل تأقلمت الذراعين مع الجسد الجديد؟
في حوار انفرد به موقع «صدى البلد» مع أول شخص في العالم يجري عملية زراعة كتفين وذراعين بفرنسا، يحكي جريتارسون عن مشوار تعافيه منذ خروجه من المستشفى وخلال 6 أشهر منذ خضوعه للعملية الجراحية الرائدة.
"أشعر بوخز وألم لأول مرة في أول 3 سم من كتفي"، صرخ جريتارسون مبتهجًا بأول علامة واضحة على استجابة الجسم لوجود الذراعين الجديدين، وأوضح له الأطباء أن الأعصاب بدأت في شق طريقها من جسده إلى داخل كتفيه، ومن ثم ستنتقل إلى ذراعيه مع استمراره في البرنامج التأهيلي.
وبالطبع لم يكن الأمر بتلك السهولة، يقول جريتارسون لموقع «صدى البلد»: "بدأت ألحظ طفح جلدي على كلا ذراعي قبل شهر، في هذا الوقت اعتقدت أن جسمي يرفض العضو المزروع حديثًا، وكان الأمر بالنسبة لي مريبا، فقد امتلأت ذراعي بالبقع الحمراء، لكن سرعان ما أدركت أنه نوع من الفطريات ناتج عن حساسية جلدية، والتي تعامل معها الأطباء بالأدوية".
يستكمل: "ثم وبعد ذلك، بدأت ذراعاي في التورّم، أصبح الذراع الأيسر أفضل الآن، ولكن ذراعي الأيمن مازال يبدوا ضخمًا"، وكانت المفاجأة بعد الفحص الطبي.
يقول جريتارسون: "أجريت فحص طبي قبل تصوير التقرير بأسبوع، وبدأت أحس وأشعر بأجزاء من الذراع المزروع حديثا في حوالي 1 أو 2 سنتيمتر منه، مما يبشر بالخير، فإذا ارتطم كوعي بشئ صلب أشعر بوخز شديد كأن الم في عصب ذراعي يظهر، وهذا يحدث داخل عصب ذراعي لذا يجب عليا توخي الحذر".
سبب الحادث الأليم
فقد «فيليكس جريتارسون» الأب لطفلين ذراعيه خلال حادث أليم في 12 يناير 1998، حيث كان يعمل كفني كهربائي على خط عالي الجهد، وهناك أحرقت الكهرباء يديه بقوة 11000 فولت وسقط على أرض جليدية، مما ترتب عليه فقدانه لذراعيه في معاناة استمرت 23 عامًا.
جدير بالذكر أن المسكين دخل في غيبوبة لمدة 3 أشهر عندما بتر الجراحون ذراعيه بعد إصابته بكسور متعددة وإصابات داخلية، واستغرق الأمر سنوات للعثور على متبرعين مناسبين له.
وقد عملت 4 فرق جراحية على عملية الزرع الأولى من نوعها مع حوالي 50 شخصًا شاركوا في الإجراء شديد التعقيد داخل مستشفىEdouard Herriot.