بايدن يحدد لبوتين ما لا يُسمح له بتجاوزه خلال قمة جنيف
خبراء يحذرون من "بوتين الذي لا يمكن توقعه"
بوتين فرض على بايدن بالقوة عقد قمة جنيف
بايدن جازف بهيبة الولايات المتحدة في قضية نافالني
منذ أعلن البيت الأبيض موعد لقاء القمة الأول بين الرئيسين الأمريكي جو بايدن والروسي فلاديمير بوتين، والمقرر عقدها اليوم، ألح بايدن في تكرار هدفين رئيسيين حددهما للقمة.
الهدف الأول هو تحديد المصالح المشتركة بين الولايات المتحدة وروسيا وإمكانيات التعاون، أما الهدف الثاني والأهم، فهو "تحديد الخطوط الحمراء لبوتين"، وإبلاغه بشكل واضح بما لا تسمح الولايات المتحدة له بالإقدام عليه.
ووفقًا لموقع "فوكس" الأمريكي، يبدو موقف بايدن صارمًا بما يكفي لإرضاء الجمهور الأمريكي المتحمس لمنافسات إثبات القوة، غير أن خبراء مطلعين ينصحون بايدن بأخذ احتمالات الفشل في حسبانه.
وأوضح الموقع أن تحديد "خطوط حمراء" لا يُسمح بتجاوزها لشخص يصعب توقع خطواته القادمة مثل بوتين هو أمر ينطوي على مخاطر جمة، وما إن يتجاوز بوتين أحد الخطوط الحمراء، مثل ترك المعارض الروسي أليكسي نافالني يموت في محبسه، أو يأمر بشن هجوم سيبراني جديد ضد مؤسسات أمريكية حكومية أو خاصة، فستكون تلك "صفعة محرجة" على وجه الرئيس الأمريكي.
ونقل الموقع عن الباحثة بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بالعاصمة الأمريكية واشنطن هيذر كونلي قولها "أخشى ما أخشاه هو الإذلال الذي قد يتعرض له بايدن فيما بعد، والذي سيكون ضربة سياسية حقيقية له.
أما الأخطر من ذلك فهو أن يجد بايدن نفسه مضطرًا للرد بقوة على أي تجاوز للخطوط الحمراء من جانب بوتين، وهو ما وعد به بالفعل، وبالرغم من أن ذلك قد يبدو مبررًا في حينه، فإنه سيحبط مسعى بوتين لترميم العلاقات وخفض التوتر بين الولايات المتحدة وروسيا.
وكان بايدن قد كرر مرارًا في اتصالات سابقة مع نظيره الروسي أنه يتطلع إلى مرحلة من العلاقات المستقرة والمحكومة بين البلدين، وبالرغم من أنه لم يقدم تعريفًا محددًا للعلاقات المستقرة، فسر معظم المعلقين حديث بايدن باعتباره مطالبة لبوتين بالكف عن استهداف مصالح الولايات المتحدة وحلفائها.
وتتهم الولايات المتحدة روسيا بتجاوز حدود خطرة في عدة قضايا، مثل التدخل في الانتخابات الأمريكية وانتخابات دول أوروبية، وضم شبه جزيرة القرم من أوكرانيا، وإحباط خطط الجيش الأمريكي في سوريا، ورصد مكافآت لاستهداف القوات الأمريكية في أفغانستان.
ولذا، تبدو مهمة بايدن الأساسية في جنيف هي مطالبة بوتين بأن يأخذ خطوة إلى الوراء والبحث بدلًا من ذلك عن طرق لإعادة بناء الثقة بين البلدين، وتقدم الإدارة الأمريكية اتفاق واشنطن وموسكو على تمديد أجل معاهدة "نيو ستارت" للحد من التسلح كمثال على إمكانيات التعاون بين البلدين في حال توافر الإرادة لديهما معًا.
المشكلة أن مهمة "بناء علاقات مستقرة ومحكومة" بحاجة إلى طرفين، ولأن أحد هذين الطرفين هو بوتين فإن احتمالات نجاح هذه المهمة تبدو على المحك. وفي هذا الصدد يقول الباحث بمعهد بروكنجز الأمريكي جيمس جولدجير إن "بوتين شخص غير قابل للتوقع. إنه يريد الاستمرار في الضغط على الغرب واستفزازه، وأحد أهدافه من ذلك الهروب من مشكلات تحاصره داخل روسيا، مثل العجز عن احتواء جائحة كورونا".
من جانب آخر، يعرف بوتين أن بايدن ربما يكون أكثر اهتمامًا بالتقارب مع الصين لا روسيا، وهذا يمنحه سببًا إضافيًا لإجبار الغرب بالقوة على الاعتراف بأهميته.
ويمكن القول إن بوتين نجح في مسعاه – إزعاج الغرب وجذب الانتباه الدولي باستمرار - إلى حد كبير، ففي أبريل الماضي حبس العالم أنفاسه مع حشد قوات عسكرية روسية ضخمة على الحدود الأوكرانية، ما أثار مخاوف بشأن استعداد موسكو لغزو أوكرانيا، وفي الشهر ذاته عرض بايدن عقد لقاء قمة مع بوتين، وبعدها بأيام أمر بوتين بسحب الحشود العسكرية.
عندئذ، بدا بوتين وكأنه فرض عقد القمة على بايدن واكتسب قدرًا لا بأس به من الهيبة الدولية المتعطش لها باستمرار. لكن المشكلة بالنسبة لبايدن أنه من المستبعد أن يغير نظيره الروسي سلوكه بعد قمة جنيف.
وأضاف الموقع أن قضية المعارض الروسي أليكسي نافالني بالذات تنطوي على خطر لا يستهان به على سمعة بايدن، فالأخير أعلن صراحة أكثر من مرة أن ترك نافالني للموت في سجنه خط أحمر من شأن تجاوزه أن يرتد بعواقب مؤلمة لبوتين.
ولأن بايدن سيكرر تحذيراته لبوتين في هذا الصدد على الأرجح خلال قمة اليوم، فإن الخطر سيزداد ولا سيما مع تردي صحة نافالني في محبسه، ومن شأن وفاته المحتملة أن تكون إهانة مباشرة لبايدن وتحد لهيبته، وحينها سيجد بايدن نفسه مضطرًا للرد بخطوة كبيرة، والتي من المرجح أن تكون عقوبات ضخمة يفرضها على موسكو. وهنا بالتحديد يكمن خطر أكبر على هيبة بايدن وسمعته، فالتجربة التاريخية برهنت على أن بوتين لا يغير سلوكه بالعقوبات.
وخلص الموقع إلى أن بايدن حشر نفسه في ركن ضيق دون هامش واسع للمناورة، وهو يلتقي بوتين اليوم على أمل "إقناعه" بتغيير سلوكه، فإذا ما فشل في ذلك فلن تكون قمة جنيف سوى مقدمة لمستقبل خطر للعلاقات الأمريكية الروسية، ومسمار مبكر في نعش بايدن سياسيًا.