التعليم من منظور الأهل والخبراء ..
- قلة التحصيل لدى الطلاب نتيجة طبيعية لانتشار فيروس كورونا
- المعلمون هم القادرون على تعويض الطلاب عن ما يعانونه في فترة كورونا
شهدت ملامح الحياة تغيرات كبيرة وباتت وتيرتها تسير نحو إتجاهات مختلفة نوعًا ما، فمنذ بدء جائحة كورونا وعمليات الفتح والإغلاق للبلدان تأثرت بشكل كبير وانعكست على المؤسسات والهيئات والحكومات، ولم يقتصر التأثير إلى داخل كل أسرة فحسب، بل وعلى كل فرد بها.
ومن الأمور التي أثر عليها انتشار فيروس كورونا بشكل كبير، قطاع التعليم، حيث أدت عملية تأجيل الدراسة وتقديم الامتحانات وبدء تجربة التعليم عن بعد إلى خلق فجوة تعليمية متباينة بين أبناء الجيل الواحد، ففي استطلاع لـ "صدى البلد" ناقش فيه مع الطلاب وأولياء الأمور مدى التحصيل التعليمي للأبناء في ظل جائحة كورونا، ظهر جليًا مدى التفاوت الكبير في عملية تحصيل الطلاب في هذه الفترة تبعًا لعوامل كثيرة أبرزها الحالة المادية لأولياء الأمور ومدى الإدراك لديهم بأهمية التعليم.
فقالت أم حنين، أرملة وأم لخمسة أطفال في هذا الصدد لـ "صدى البلد" إن أبناءها لم يذهبوا إلى المدرسة سوى بضع مرات وذلك إما للحضور الصوري أو دخول الإمتحان خلال العامين الماضيين وتحصيلهم خلال هذين العامين ضعيف جدًا مقارنة بفترة ما قبل كورونا، وعملية التعليم باتت تعتمد إما على الدروس الخصوصية، وإما التعليم عن بعد، وفي الحالتين لا طاقة لها بمواكبتهما.
وترى الأم أنه من الأفضل للأبناء في ظل هذه الفترة تعلم حرفة توفر لهم بعض المال الذي يعين الأسرة البسيطة على أمور حياتهم.
في حين يرى الأسطى عاصم، كهربائي وأب لأربعة أطفال، أنه لم يعد يعتمد على التعليم الذي تقدمه المدرسة، فالأمر أصبح بمثابة مجازفة بمستقبل أولاده ولذا عمد الأب إلى إيجاد مدرسين لأبنائه ليضمن لهم الحصول على نفس القدر من التحصيل مقارنة بأقرانهم.
وتابع الأسطى عصام، أنه لو كانت حالته تسمح لقدم لأبنائه في مدارس خاصة، فهناك الوضع مختلف حيث تتم متابعة الطلاب بشكل مكثف وتوفير كل سبل التعليم لهم في المدارس، مع الالتزام بعدد معين وإجراءات احترازية مكثفة، أو عن طريق توفير نظام تعليم عن بعد متطور، آملا في أن يأتي اليوم الذي تصبح فيه فرص التعليم متكافئة ما بين التعليم الحكومي والخاص.
وقال الدكتور حسن شحاتة، الخبير التعليمي في تصريح لـ صدى البلد، الوضع التحصيلي للطلاب بات متباينا بشكل واضح وصارخ، فنرى انعداما وتدهورا لدى أبناء الطبقة الكادحة ومحاولة للمقاومة والاستمرار لدى أبناء الطبقة المتوسطة في حين تحاول الطبقة الراقية توفير كل الإجراءات التي تضمن سير العملية التعليمية لأبنائها بشكل طبيعي دون تعريضهم لأي من مخاطر الإصابة بفيروس كورونا.
وأضاف، هذه الفجوة الصارخة والتباين الواضح لا يقف على حكومة بعينها أو منظومة تعليمية محددة، ففي تقرير نشرته هيومن رايتس ووتش في أبريل 2020 ذكرت فيه أنه تم استبعاد 1,4 مليار طالب من مدارسهم التمهيدية والابتدائية والثانوية في أكثر من 190 دولة، وذكر التقريرإحصائية تنص على أن 90% من الأطفال الذين لم يتم استبعادهم تم تعطيل دراستهم، الأمر الذي ينم عن مشكلة كبيرة تنم عن ضرورة إيجاد حل سريع للسيطرة على هذه الفجوة.
وقال الدكتور حسن إن مصر حاولت التقليل من وجود هذه الفجوة من خلال إدخال العديد من نظم التعليم مثل: التعليم المدمج والتعليم الهجين ونظام الفصل المقلوب إضافة لإطلاق المنصات التعليمية وتطبيق الأبحاث وعقد الامتحانات المجمعة.
وتابع خبير التعليم: إن قلة التحصيل لدى الطلاب نتيجة طبيعية لانتشار فيروس كورونا إلا أنها ليست بالمشكلة الكبيرة فباستطاعة الطلاب تعويض واستكمال الناقص في الفصول القادمة فالعملية التعليمية منظومة متكاملة تعتمد على المرحلة ككل وليست الصفوف الدراسية بشكل منفصل، لذا فقامت الوزارة بالاقتصار على المهارات الأساسية في كل فصل دراسي وبناء عليه تم حذف الزيادات والتكرار وما دون ذلك سيتم استكماله على المدى البعيد في الصفوف العليا.
وشدد على أهمية دور المعلمين في هذه المرحلة، فهم وحدهم القادرون على تعويض الطلاب تحت توجيهات وزارة التربية والتعليم لضمان المتابعه المستمرة لسير العملية التعليمية.
وفي نهاية تصريحه لـ صدى البلد، أكيد خبير التعليم على ضرورة إيجاد سبل جديدة للتتعامل مع ما فات الطلاب في الأعوام المقبلة بعد انتهاء فترة كورونا.