بعد قضائه 12 عامًا في حكم دولة الاحتلال، كرر التاريخ نفسه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لتتم الإطاحة به، عبر تحالف مكون من أحزاب يمينية ووسطية لتنهي حكمه الذي يعد الأطول بين جميع رؤساء وزراء دولة الاحتلال.
وشن نتنياهو خلال توليه منصب رئيس وزراء إسرائيل 3 حروب على قطاع غزة قتل خلالها الآلاف من المدنيين الفلسطينيين، جراء القصف الجائر الذي تشنه طائرات الاحتلال في كل حرب.
حرب نتنياهو الأولى على غزة عام 2012
كانت أولى الحروب التي خاضها نتنياهو بعد وصوله إلى السلطة في 14 نوفمبر عام 2012، وأطلق عليها اسم "عامود السحاب" بينما أسمتها حركة حماس "حجارة السجيل" واستمرت لمدة 8 أيام.
وبدأت الحرب عقب اغتيال إسرائيل، لأحمد الجعبري، قائد كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، في اليوم نفسه، تنفيذاً لقرار اللجنة الوزارية المصغرة للشؤون الأمنية الإسرائيلية (كابينت)، الذي اتخذته سراً في صبيحة اليوم السابق، على الرغم من التوصل إلى مسودة اتفاق تهدئة مع المقاومة بوساطة مصرية، آنذاك.
وبينما لم يعلن الجانب الإسرائيلي عن الرقم الإجمالي لضحايا هجمات الفصائل الفلسطينية على المدن الإسرائيلية، في هذه الحرب، تحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن سقوط 6 قتلى (2 عسكريين، 4 مدنيين)، فضلاً عن 240 جريحاً.
وأسفرت تلك العملية العسكرية التي أطلقت عليها المقاومة الفلسطينية اسم معركة "حجارة السجيل"، عن مقتل 162 فلسطينيًا بينهم 42 طفلاً و11 سيدة، وإصابة نحو 1300 آخرين بحسب وزارة الصحة الفلسطينية، فيما قتل 20 إسرائيليًا وأصيب 625 آخرين، معظمهم بـ"الهلع"، بحسب وسائل إعلام إسرائيلية.
وهدمت إسرائيل 200 منزل بشكل كامل، خلال هذه العملية، ودمرت 1500 منزل بشكل جزئي، إضافة إلى تضرر عشرات المساجد وعدد من المقابر والمدارس والجامعات والمباني والمؤسسات والمكاتب الصحفية.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه استهدف 980 منصة صاروخية موجهة تحت الأرض، و140 نفقًا أرضيًا لتهريب البضائع والأفراد، و66 نفقًا للمقاومة الفلسطينية، إضافة إلى استهداف 42 غرفة عمليات تابعة لـ"حماس" و26 موقعا لتصنيع الصواريخ والقذائف المحلية.
وأعلنت كتائب القسام حينها تمكنها من ضرب مواقع وبلدات إسرائيلية بـ 1573 قذيفة صاروخية واستهدفت طائرات وبوارج حربية ومدفعيات إسرائيلية، واستخدمت لأول مرة صواريخ بعيدة المدى وصلت إلى "هرتسيليا" وتل أبيب والقدس المحتلة.
الحرب الثانية على غزة "الجرف الصامد" 2014
تعد تلك الحرب هي أطول حروب إسرائيل العدوانية على القطاع المحاصر، ففي 7 يوليو عام 2014، شنت إسرائيل الحرب الثالثة على قطاع غزة، والثانية في عهد نتنياهو، وأطلقت عليها اسم “الجرف الصامد”، فيما أطلقت عليها حركة حماس اسم “العصف المأكول”، واستمرت لمدة 51 يومًا.
وعلى مدار الحرب تعرض قطاع غزة، الذي يُعرف بأنه أكثر المناطق كثافة للسكان في العالم، (1.9 مليون فلسطيني) لعدوان عسكري إسرائيلي جوي وبري، تسبب بمقتل 2322 فلسطينيًا، بينهم 578 طفلاً (أعمارهم من شهر إلى 16 عاما) ، و489 امرأةً (20-40)، و102 مسنًا (50-80)، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية.
وجرح نحو 11 ألفا آخرون، (10870)، وفقا لإحصائيات صادرة عن وزارة الصحة الفلسطينية.
وارتكبت إسرائيل مجازر بحق 144 عائلة، قُتل من كل عائلة ثلاثة أفراد أو أكثر، بحسب التقرير.
في المقابل، كشفت بيانات رسمية إسرائيلية عن مقتل 68 عسكريًا من جنودها، و4 مدنيين، إضافة إلى عامل أجنبي واحد، وإصابة 2522 إسرائيلياً بجروح، بينهم 740 عسكريًا، حوالي نصفهم باتوا معاقين، بحسب بيانات عبرية.
وشنت القوات الإسرائيلية قرابة 60 ألفًا و664 غارة على قطاع غزة، جواً وبراً وبحراً.
وحسب إحصائية، أعدتها وزارة الأشغال ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا) بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)، فإن عدد الوحدات السكنية المهدمة كلياً بلغت 12 ألف وحدة، فيما بلغ عدد المهدمة جزئياً 160 ألف وحدة، منها 6600 وحدة غير صالحة للسكن.
وبحسب "أونروا"، فإن مخلفات الحرب القابلة للانفجار، لا تزال تشكل تهديدا كبيرا ومستمرا للمدنيين ولعمليات إعادة الإعمار في غزة.
ووفقا للوكالة فإن 16 شخصاً لقوا مصرعهم وأصيب 97 آخرون، بينهم 48 طفلا، في حوادث مخلفات الحرب القابلة للانفجار منذ عام 2014.
ويبلغ عدد المنازل المأهولة بالسكان ويشتبه بوجود قنابل وصواريخ إسرائيلية غير منفجرة أسفلها، 40 منزلاً موزعةً على أنحاء القطاع، وفق دائرة "هندسة المتفجرات"، التابعة لوزارة الداخلية بغزة.
وخلال الحرب، أعلنت كتائب القسام الجناح المسلح لحركة "حماس" في 20 من يوليو 2014، عن أسرها الجندي الإسرائيلي شاؤول آرون، خلال تصديها لتوغل بري للجيش الإسرائيلي شرق مدينة غزة، وبعد يومين، اعترف الجيش الإسرائيلي بفقدان آرون، لكنه رجح مقتله في المعارك مع مقاتلي "حماس".
وتتهم إسرائيل حركة "حماس" باحتجاز جثة ضابط آخر يدعى هدار غولدن قُتل في اشتباك مسلح شرقي مدينة رفح، يوم 1 أغسطس 2014، وهو ما لم تؤكده الحركة أو تنفه.
وكانت الحكومة الإسرائيلية، قد أعلنت عن فقدان جثتي جنديين في قطاع غزة خلال الحرب الإسرائيلية عام 2014، لكن وزارة الدفاع عادت وصنفتهما، مؤخرا، على أنهما "مفقودان وأسيران".
الحرب الثالثة والأخيرة “حارس الجدران” 2021
في 23 أبريل، أصدرت حركة حماس بيانا تحذر فيه إسرائيل من مغبة الاستمرار في انتهاكاتها بحق المقدسيين وتهجير العائلات الفلسطينية من منازلهم بالقدس في إطار توسيع المستوطنات الإسرائيلية بشكل غير مسبوق في القدس المحتلة، وذلك في أعقاب أعمال استفزازية شنتها إسرائيل في المسجد الأقصى وعمليات تهجير جماعية للأهالي الفلسطينية للاستيلاء على منازلهم.
ولم تلتفت سلطات الاحتلال إلى التحذير الذي أصدرته حركة حماس، واقتحمت في 10 مايو المسجد الأقصى مرتين وأوقعت أكثر من 350 إصابة بين المصلين، ما دفع حماس لإمهال إسرائيل حتى السادسة مساء من نفس اليوم للإنسحاب من المسجد الأقصى ووقف الاعتداءات على المصلين.
ومع انقضاء تلك المهلة، أعلنت الفصائل الفلسطينية قصف مدنًا إسرائيلية بالصواريخ، وهو ما دفع إسرائيل لشن حرب واسعة على قطاع غزة أسمتها "حارس الجدران".
وأعلنت كتائب القسام خلال تلك الحرب دخول "صاروخ عياش 250" إلى الخدمة، وتمكنت الحركة من استهداف أقصى نقطة في إسرائيل من شمالها إلى جنوبها، وهو ما دفع تل أبيب إلى تحويل الرحلات القادمة من مطار بن جوريون إلى مطار آخر في الجنوب.
ومن أجل رفع تكاليف الحرب على قطاع غزة، استهدفت إسرائيل أبراجا داخل القطاع ومبان سكنية ومنشآت مدنية خلال الحرب، أسقطت خلالها مئات القتلى والجرحى المدنيين، فيما أطلقت حركة حماس أكثر من 4 آلاف صاروخ تجاه المستوطنات والمدن الإسرائيلية.
وتوقفت الحرب بعد تدخل مصري أمريكي للوساطة بين حماس وإسرائيل، ثم أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسي إطلاق مبادرة لإعادة إعمار قطاع غزة، بعد مفاوضات أجرتها مصر مع الجانب الإسرائيلي الممثل في حكومة نتنياهو.
وشكلت تلك الحرب نهاية سيئة لفترة نتنياهو في الحكم، حيث تمكنت حركة حماس لأول مرة من الوصول إلى عمق إسرائيل وشل حركة الطيران والطرق داخل إسرائيل.