قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، عبر صفحته على فيس بوك، إن رجع المفتي عن فتواه، أو تبين خطؤه، فليس للمستفتي أن يستند في المستقبل إليها في واقعة أخرى مماثلة. وأما ما فعله ومضى فله أحوال:
1- إن تبين أن المفتي خالف نص كتاب أو سنة صحيحة لا معارض لها أو خالف الإجماع أو القياس الجلي، ينقض ما عمل فإن كان بيعا فسخاه، وإن كان نكاحاً وجب عليه فراقها، وإن كان استحل بها مالاً وجب عليه إعادته إلى أربابه.
2- إن كانت فتواه الأولى عن اجتهاد، ثم تغير اجتهاده، فلا يلزم المستفتي نقض ما عمل، لأن الاجتهاد لا ينقض بالاجتهاد، والفتيا في هذا نظير القضاء.
وينبغي أن يتبع المفتي منهجاً ثابتاً في الإفتاء بحسب ترتيب الأدلة الشرعية، فإذا سئل عن مسألة بحث عن حكمها في القرآن، فإن لم يجد ففي السنة، فإن لم يجد فيعمل القياس، حتى يستنبط الحكم الذي يطمئن إليه قلبه ويشترط في هذا الحكم ألا يخالف الإجماع.
وأما الأدلة المختلف فيها كالاستحسان وشرع من قبلنا، فإن أداه اجتهاده إلى صحة شيء منها أفتى به، وإذا تعارضت عنده الأدلة فعليه أن يفتي بالراجح منها. وليس له أن يفتي في السعة بمذهب أحد المجتهدين ما لم يؤده اجتهاده إلى أنه هو الحق، وليس له أن يفتي بما هو المرجوح في نظره.
ولعل ما ذكرناه يتناسب مع المجتهدين الأوائل الذين أسسوا المذاهب الفقهية المعتمدة، أما بالنسبة للعلماء بعدهم، فقد درسوا الفقه في تلك المدارس الفقهية، وكانوا يفتون بمذهب أئمتهم أو بغيرها بعد اطلاعهم على أصول وأدلة المذاهب الأخرى، وتكلم العلماء المحققون عن ذلك، فمن ذلك ما ذكره العلامة المحقق الحنبلي البهوتي في المبدع: قال أحمد في رواية المروزي: إذا سئلت عن مسألة لم أعرف فيها خبراً قلت فيها بقول الشافعي لأنه إمام عالم من قريش وقد قال صلى الله عليه وسلم: «يملأ الأرض علما» (كشاف القناع، للبهوتي).