لطالما احتفت الولايات المتحدة وبريطانيا بما تسميانه العلاقة الخاصة التاريخية التي تجمعهما معًا، واليوم تخوض هذه العلاقة الخاصة اختبارًا مهمًا، مع لقاء الرئيس الأمريكي جو بايدن ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون في بلدة كورنوال التي تستضيف قمة مجموعة السبع.
ووفقًا لوكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية، يأتي اللقاء المرتقب بين بايدن وجونسون محفوفًا بخلافات سياسية وشخصية بين الرجلين، وفيما يحاول بايدن استثمار جولته الخارجية الأولى كرئيس لتجسير الفجوة التي اتسعت بين الولايات المتحدة والحلفاء الأوروبيين بسبب سياسات سلفه دونالد ترامب الانعزالية، تصطدم محاولته تلك مع الفجوة الفاصلة بينه وبين جونسون، الذي وصفه بايدن ذات مرة بأنه "استنساخ جسدي وعاطفي لترامب".
وأوضحت الوكالة أن بايدن عارض بقوة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (البريكست) الذي دفع جونسون بكل قوته باتجاهه، كما أعرب بايدن عن قلقه البالغ حيال مستقبل أيرلندا الشمالية التابعة للتاج البريطاني وعلاقتها بسائر دول الاتحاد الأوروبي عبر امتدادها الجغرافي جنوبًا مع جمهورية أيرلندا بعد البريكست.
وكان بايدن، الذي يفخر بأصوله الأيرلندية، قد حذر مرارًا من خطورة نشوب مشكلة بشأن تدفق البضائع على جانبي الحدود بين أيرلندا الشمالية وجمهورية أيرلندا بعد البريكست، لما يثيره ذلك من حساسيات تاريخية مرتبطة بالحرب الأهلية الأيرلندية التي وضعت أوزارها في وقت قريب نسبيًا في التسعينيات، وأثارت تحذيرات بايدن حفيظة الكثير من البريطانيين بسبب الحساسيات نفسها.
من جانبها، تبذل حكومة جونسون جهدًا ملحوظًا لتجاوز الخلافات بين الأخير وبايدن والبحث عن أرضية مشتركة تجمعهما في قضايا مثل التغير المناخي ودعم المؤسسات الدولية، ومع ذلك يبدو جونسون محبطًا إزاء تحفظ بايدن عن إبرام اتفاق تجاري مع بريطانيا ما بعد البريكست.
مع ذلك، لا يزال هنالك انطباع بأن أثر ترامب سيظل يلقي بظله على العلاقة بين بايدن وجونسون، فإبان عهد ترامب بدا هو وجونسون وكأنهما توأمين، فكلاهما زعيم شعبوي ترك بصمة على مجتمعه يصعب محوها، أفضت إلى البريكست في بريطانيا وإلى تمزق غير مسبوق في النسيج المجتمعي في الولايات المتحدة.
ولطالما أعرب بايدن عن عدم ثقته في جونسون، الذي وجه ذات مرة إساءة من الطراز الترامبي للرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، الذي كان بايدن نائبًا له، عندما ألمح إلى الأصول الكينية لأوباما زاعمًا أن الأخير لم يتخلص من كراهية بريطانيا الموروثة عن أسلافه الأفارقة.
ومنذ الحرب العالمية الثانية، تعززت "العلاقة الخاصة" بين الولايات المتحدة وبريطانيا باللغة المشتركة والمصالح المشتركة والإرث الثقافي المشترك، فضلًا عن التعاون الاقتصادي والعسكري، وفي بعض الحقب بلغ التقارب بين البلدين ذروته مدفوعًا بالعلاقات الودية الشخصية بين زعماء البلدين، مثل الصداقة التي جمعت الرئيس الأمريكي الراحل رونالد ريجان برئيسة الوزراء البريطانية مارجريت تاتشر في الثمانينيات، أو تلك التي جمعت الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون برئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير.
ومن المتوقع أن يضع البريكست العلاقة الخاصة الأمريكية البريطانية تلك أمام اختبار مفصلي، فبايدن أعلن قبل حتى أن يصبح رئيسًا للولايات المتحدة أنه سيسعى لترميم العلاقات مع الاتحاد الأوروبي التي تضررت بشدة جراء سياسات ترامب، وهذا يعني أن دول الاتحاد الأوروبي قد تحظى بعناية من واشنطن أكبر من تلك التي ستوليها لبريطانيا.