نظمت بعثة مصر الدائمة لدى الأمم المتحدة في جنيف بالتعاون مع المجلس القومي للمرأة،، ندوة افتراضية حول جهود مكافحة العنف ضد المرأة في مصر، حيث ألقت السيدة ميشيل باشلية المفوضة السامية لحقوق الإنسان كلمتها الافتتاحية، مشيرة إلى ازدياد حالات العنف ضد المرأة خلال جائحة كورونا، وارتباط مسألة مناهضة العنف ضد المرأة بحقوق الانسان ومن بينها الحق في الحياة والمساواة. كما أشادت "باشليه" بالجهود المصرية في هذا الصدد وأبرزها وضع استراتيجية وطنية لتمكين المرأة 2030 مثنية بشكل خاص على جهود المجلس القومي للمرأة واللجنة الوطنية للقضاء على ختان الإناث.
كانت المتحدثة الرئيسية في الندوة الدكتورة مايا مرسي، رئيسة المجلس القومي للمرأة، وأدارها السفير الدكتور أحمد إيهاب جمال الدين المندوب الدائم لمصر لدى الأمم المتحدة في جنيف، فضلاً عن مشاركة نيكول أميلين الوزيرة السابقة وعضو لجنة القضاء على التمييز ضد المرأة، و دوبرافكا سيمونوفيتش مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بالعنف ضد المرأة، والدكتور ماجد عثمان عضو المجلس القومي للمرأة ومدير مركز بصيرة، و فريدريكا ميجر، ممثلة صندوق الأمم المتحدة للسكان في مصر، و كريستين عرب، ممثلة منظمة الأمم المتحدة للمرأة في مصر، والدكتورة إيمان بيبرس نائب الرئيس والمدير الإقليمي لـ “أشوكا” العالم العربي". وحضر الفعالية عدد من رؤساء وممثلي البعثات الدبلوماسية بجنيف، فضلاً عن العديد من المهتمين بالشأن المصري في الدول الغربية.
استعرضت الدكتورة مايا مرسي رئيسة المجلس القومي للمرأة خلال الندوة جهود مصر في مجال حماية المرأة والقضاء على كافة أشكال العنف ضد المرأة، وقالت الدكتورة مايا مرسي "إن المرأة المصرية تحظى بوجود قيادة سياسية مؤمنة بأهمية دورها وداعمة لإمكانياتها وقدراتها، وحريصة على إعطائها الفرصة للإسهام بفاعلية في تعزيز مسيرة التنمية التي تشهدها البلاد"، لافته أيضاً إلى أن دستور مصر لعام 2014 ألزم الدولة بحماية المرأة من كافة أشكال العنف الموجه ضدها.
وأوضحت رئيسة المجلس أنه خلال السنوات الماضية تم إقرار العديد من القوانين وأدخلت عليها تعديلات والتي تكفل للمرأةِ المصريةِ المساواةَ الكاملةَ والفرص المتكافئةَ، من بينها تغليظِ عقوبتي ختان الإناث و التحرش الجنسي، وإصدار قانون بتجريم الحرمان من الميراث، وفي عام 2020 وخلال تفشي فيروس كورونا، صدر قانون لمواجهة المتهربين من دفع النفقة، وقانون حماية البيانات الشخصية، وتعديل قانون تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية المتعلقة بالولاية على المال، وإصدار قانون بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية بالنص على عدم الكشف عن بيانات المجنى عليها في جرائم التحرش والعنف وهتك العرض.
وأكدت الدكتورة مايا مرسي أن الدولة تعمل على القضاء على كافة أشكال العنف ضد المرأة في ضوء إطار استراتيجي محدد والذى يتضمن الاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة المصرية 2030 التي اعتمدها رئيس الجمهورية في عام 2017 "عام المرأة المصرية " وأقرها كخارطةِ طريقٍ للحكومةِ المصريةِ، كذلك الاستراتيجية الوطنية لمناهضة العنف ضد المرأة، والاستراتيجية الوطنية لمكافحة الزواج المبكر ، والاستراتيجية الوطنية لمناهضة الاتجار بالبشر، والاستراتيجية الوطنية لمناهضة الهجرة غير الشرعية، مشيرة الى أن مصر كانت أول دولة في المنطقة العربية تطلق مسح "التكلفة الاقتصادية للعنف القائم على النوع الاجتماعي" عام 2015".
وأوضحت الدكتورة مايا مرسي أن المجلس القومي للمرأة أطلق تقريراً حول "الاستراتيجية الوطنية للقضاء على العنف ضد المرأة 2015-2020"، والذي هدف الى تسليط الضوء على أهم نتائج الاستراتيجية، وعرض الانجازات والانشطة التفصيلية المنفذة تحت كل محور من محاورها، منذ إطلاقها في أبريل 2015 وحتي أبريل 2021، وذلك لتوفير أداة تتسم بالشفافية للمواطنين والمواطنات حول ما تم إنجازه وما هي ابرز العقبات، بالإضافة الى توضيح عملية الرصد والتقييم التي تمت أثناء تنفيذ الاستراتيجية، وتحديد الخطوات المستقبلية اللازمة لضمان استمرارية الجهود المبذولة للقضاء على العنف والتمييز والبناء عليها.
و أشارت رئيسة المجلس الى قيام مصر بتأسيس اللجنة الوطنية للقضاء على ختان الإناث برئاسة مشتركة بين المجلس القومي للمرأة والمجلس القومي للطفولة والأمومة في مايو 2019 ولقد نجحت حملات التوعية التي نفذتها اللجنة في كافه محافظات الجمهورية في الوصول إلى أكثر من76 مليون اتصال توعوي خلال سنتين.
كما أشارت إلى أن الحكومة المصرية أنشأت عددًا من الاليات لضمان تحقيق المساواة بين الجنسين ومناهضة العنف والتمييز ضد المرأة في كافة المجالات، مشيرة الى أنه من بين هذه الاجهزة وحدات تكافؤ الفرص بالوزارات، ووحدات مناهضة العنف ضد المرأة بوزارة الداخلية، وقطاع حقوق الانسان بوزارة الداخلية ، وقطاع حقوق الإنسان والمرأة والطفل بوزارة العدل، ، بالإضافة الي الدور الذي يقوم به مكتب شكاوي المرأة بالمجلس والذي يتكون من فريق عمل قانوني مدرب لتقديم المشورة القانونية اللازمة للشاكيات في مركزه الرئيسي وفروعه بالمحافظات، لافتة أن المكتب يقدم الدعم والمساندة القانونية والنفسية للسيدات واستقباله للشكاوى والاستفسارات عبر الخط المختصر ١٥١١٥ ، ومن خلال المقابلة الشخصية، مشيرة *أيضاً إلى خط نجدة الطفل 16000، ، كما أشارت إلى افتتاح النيابه العامه ل٨ مكاتب رقميه لخدمات نيابات الأسرة، بالإضافة الي وحدات مكافحة التحرش بالجامعات ، ووحدات "المرأة الآمنة" بالمستشفيات الجامعية.
أعربت "نيكول ايميلين" عضو اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة "سيداو" عن تقديرها للحكومة المصرية لجهودها لمناهضة العنف ضد المرأة، بالإضافة إلى تقديرها للدور الذي تضطلع به الدكتورة مايا مرسي في هذا الصدد. كما أشادت بالاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة والإطار القانوني لحماية حقوق المرأة الذي يوفره دستور 2014، داعية إلى مقاربة شاملة لتعاون السيداو مع المؤسسات الوطنية المعنية بحقوق الانسان والمجتمع المدني بهدف منع وليس فقط مكافحة العنف ضد المرأة. كما تطرقت إلى ضرورة سد الفجوة بين الإطار القانوني والممارسات، من خلال الإعداد الجيد للقضاة وقوات إنفاذ القانون للتعامل مع حالات العنف ضد المرأة.
أشادت "دوبرافكا سيمونوفيتش"، المقررة الخاصة المعنية بمسألة العنف ضد المراة، بجهود مصر في مكافحة العنف ضد المرأة، معربة عن تقديرها للفرصة التي تتيحها هذه الجلسة لتبادل وجهات النظر مع مصر بشأن التقدم المحرز في هذا المجال، ومشيرة إلى أن دورها كمقررة خاصة هو تشجيع التقدم المحرز والتطرق إلى الأمور التي لا زالت في حاجة إلى معالجة.
تلى ذلك قيام "ماجد عثمان"، رئيس المركز المصري لبحوث الرأي العام "بصيرة"، باستعراض جهود المرصد الوطني للمرأة باعتباره مركزاً للمعرفة يهدف إلى المشاركة في السياسيات الخاصة بتمكين المرأة والمساواة، ويقوم بإتاحة معلومات وبيانات بشأن حقوق المرأة في مصر، فضلاً عن إجراء استبيانات، ونظام للرصد والتقييم حول مؤشرات التنمية المستدامة.
أثنت فريدريكا ميجر، ممثلة صندوق الأمم المتحدة للسكان في مصر على الانجازات الكبيرة التي حققتها الحكومة المصرية في مجال العنف ضد المرأة، مشيدة بالدراسة الوطنية حول مسح التكلفة الاقتصادية للعنف القائم على النوع الاجتماعي في مصر 2015، والذي تم من خلاله تحديد التكلفة الاقتصادية التي يتم تكبدها، بالإضافة إلى جهود الدولة المصرية في مناهضة ختان الإناث، والتي ساهمت في تناقص الحالات بنسبة 63%، مؤكدة دعمهم للحكومة المصرية على خفض نسب ممارسة الختان في مصر للقضاء عليها نهائياً بحلول عام 2030.
من جانبها تطرقت كريستين عرب، ممثلة هيئة الأمم المتحدة للمرأة في مصر، إلى أهمية تعزيز الحوار لمناهضة العنف ضد المرأة مشددة على أهمية تمكين المرأة لتحقيق معدلات تنمية مرتفعة في مصر، حيث تطرقت إلى الأسباب الجذرية للعنف ضد المرأة والتي ترجع بالأساس إلى بعض الأعراف الاجتماعية والتي يتعين معالجتها من خلال التعليم والعمل على تغيير النظرة المجتمعية للمرأة.
عرضت الدكتورة إيمان بيبرس، الممثل الإقليمي لمنظمة أشوكا العالمية في الشرق الأوسط، بشكل مفصل الأربع محاور الرئيسية لمناهضة العنف ضد المرأة، والتي تتمثل في ضرورة توافر إرادة سياسية، وإطار قانوني، وآليات لتنفيذ الإطار القانوني المتفق عليه، مشددة على ضرورة إشراك المجتمع المدني في جهود الدولة في هذا الصدد.
في ختام الحلقة النقاشية أعرب جمال الدين عن تقديره الكبير للمفوضة السامية لحقوق الإنسان والتي حرصت على المشاركة في الندوة رغم انشغال جدول أعمالها، بما يعكس تقدير المفوضة السامية للجهود المبذولة من قبل الحكومة المصرية في هذا السياق. كما أثنى المندوب الدائم على الجهد الكبير الذي يقوم به المجلس القومي للمرأة لتعزيز وحماية حقوق المرأة في مصر بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني باعتبارها شريكاً أساسياً للحكومة في عملية تعزيز وحماية حقوق الإنسان بكافة أبعادها. كما أعرب عن تقديره للمداخلات القيمة التي أثرت النقاش من كل نيكول أميلين والسيدة دوبرافكا سيمونوفيتش والدكتور ماجد عثمان والسيدة فريدريكا ميجر والسيدة كريستين عرب والدكتورة إيمان بيبرس (يقترح إضافة مضمون من كلماتهم).
وأضاف جمال الدين أن الخطوات التي اتخذتها الدولة وبمبادرة ذاتية سواء على المسار التشريعي أو المؤسسي أو التنفيذي اتصالاً بحقوق المرأة تعبر عن إرادة سياسية حقيقية تعكس التزام الحكومة المصرية بخلق بيئة عامة مواتية تساعد على بناء دولة مدنية حديثة أحد أسسها العدالة والمساوة وتمكين جميع فئات الشعب، وعلى رأسها المرأة. وأبرز أن العديد من الخطوات غير المسبوقة التي تمت في هذا الملف خلال السنوات الأخيرة كانت بفضل الدعم والرعاية الاستثنائية التي تحظى بها حقوق المرأة من قبل القيادة السياسية، مما ساهم في تخطي العديد من العقبات القانونية والاجتماعية والثقافية.
وأبرز مندوب مصر الدائم أن النقاشات خلال الندوة أوضحت التزام الحكومة المصرية بحماية المرأة من جميع أشكال العنف، وأن استراتيجية مناهضة العنف ضد المرأة قد تم إعدادها من خلال منهج تشاركي بالتعاون مع جميع أصحاب المصلحة، مع اعتمادها على دراسة دقيقة للوضع الحالي. وأضاف أن الحوار بين المتحدثين كشف عن الفرص العديدة المتاحة للتعاون بين الحكومة والمجلس القومي للمرأة والمنظمات الأممية والمجتمع المدني المصري في هذا الإطار بما يحفظ كرامة المرأة المصرية وسلامتها ويمكنها من القيام بدورها المنشود في تنمية الدولة والمجتمع.
وأكد إيهاب جمال الدين أن عقد تلك الندوة يأتي في إطار سلسلة من الفعاليات التي تنظمها البعثة الدائمة في جنيف سعياً لتعزيز العلاقة بين الحكومة المصرية والمنظمات الأممية وآلية الاجراءات الخاصة التابعة لمجلس حقوق الإنسان من جانب، فضلاً عن تسليط الضوء على الجهود الحثيثة التي تقوم بها الحكومة المصرية في إطار استراتيجية متكاملة لتعزيز وحماية حقوق الإنسان في البلاد.