الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

شيخ "العدوة".. محطات فى حياة أشهر قراء المنيا

الشيخ سيد عثمان حسانين
الشيخ سيد عثمان حسانين عويس

صاحب أطول رحلة  فى دروب علم القرآن والتجويد ، سخّر حياته من أجله ، فحفظه عن ظهر قلبٍ فى سن الرابعة عشرة من عمره ، ليسير بعد ذلك في هذا الدرب ، متخذًا من تلاوات كبار المشايخ  نبراسًا له ، محتفظا بفطرته كما أراد لصوته دومًا .

 

أداء متميز ، و صوت رخيم من ذهب ، و مدرسة فريدة من نوعها بعيدة عن التقليد ، حينما تسمعه تعود بك الذاكرة إلى عمالقة التلاوة فى مصر ، إنه الشيخ سيد عثمان حسانين عويس .

 

نشأته

 

ولد الشيخ الراحل فى عام 1904م ، بقرية زاوية برمشا ، التابعة لمركز العدوة بمحافظة المنيا ، و نشأ في بيئة تهتم بالقرآن الكريم حفظاً وتجويداً، وكان الشيخ سيد يتمتع بشعبية كبيرة ، لجمال صوته ولروعة أسلوبه . 

 

تعلم على يد الشيخ /  فتح الباب محمد عبد اللطيف الأصم،  والذي توسم فيه منذ صغره ،  كل المؤهلات القرآنية التي أصقلته من خلال سماعه القرآن ، الذي كان يُتلَى بالمنزل ليل نهار ، ومن ثم لاحظ الشيخ على تلميذه الموهوب أنه يتميز بجملةٍ من المواهب والنبوغ تتمثل في سرعة استيعابه لما أخذه من القرآن، إلى جانب شدة انتباهه ، وحرصه على متابعة شيخه بشغف وحب ، ودقة التحكم فى الألفاظ ومخارجها، بداية بالابتداء مرورًا بالوقف ، وصولاً إلى عذوبة صوته.

 

وتقلد الشيخ سيد مناصب عدة ، فعمل عضوًا بمجلس قروي عطف حيدر ،  وعضوا بالاتحاد الاشتراكي ، إلى جانب عمله بلجنة المصالحات وفض المنازعات، علاوة على كونه محكمًا عرفيًا ، ولديه مخزون وفير فى علم المواريث

 

 

كما عمل الشيخ سيد إمامًا وخطيبًا للمسجد الذي قام بوضع لبنته الأولى بنفسه، و لقب المسجد باسمه، ليكون مسجد "  الشيخ سيد" ، ولم يدخر جهدًا فى تعليم كل من تتوق له نفسه الإبحار في علوم القرآن وأحكامه ، وعلى جانب آخر وازن الشيخ سيد بين حياته الدينية والاجتماعية ، وكذا التجارية، فعمل بتجارة التموين والقطن .

 

واجتهد الشيخ في تحصيله للعلم، وتقدم على أقرانه، وصارت له مكانة مرموقة، وبلغ في التدريس مكانة عظيمة جعلت طلاب العلم يتوافدون على مجلسه .

 

ولم يكن أبناء السبيل فى منأى عن حياة الشيخ سيد ، بل أعطى لهم عناية بالغة ، وقام بتخصيص حجرات سكنية خاصة بهم ، فى سبيل وجه الله و إرضائه.

 

و وسط هذا كله، لم تنته مسيرة العطاء هذا، بل ترك وراءه جيلاً خالدًا من أبنائه ، امتد عمره لأكثر من ثلاثين عامًا ،  في خدمة كتاب الله عزوجل ، تميزت أصواتهم بالعذوبة والرقة ، والنبرة الجياشة،  مما جعل لهم القبول بين الناس وذاع صيتهم في شمال الصعيد،  تتلألأ أطياف أصواتهم لتشعرك بدفء الأجواء الروحانية والإيمانية، فما بين الشيخ بكري السيد ، مرورًا بالشيخ ممدوح السيد ، والشيخ عبد العظيم فؤاد، وصولاً إلى الشيخ فضل السيد ، وغيرهم الآلاف ممن تعلموا على يد سيدنا ، ليتدرجوا بعد ذلك في العديد من المناصب المرموقة ، ما بين أطباء ومهندسين، ومعلمين، كما أن الذين لم تسنح لهم الفرصة للإلتحاق بالمدرسة طلبًا للعلم، كان لهم النصيب  الوافر من التعُلم على يد هذا الشيخ العظيم ، ليعلمهم أسس وتعاليم الكتابة والقراءة السليمة. 

 

ففى وسط حلقات الذكر تعهد الشيخ لطلابه بتعليمهم أسس القراءة والكتابة السليمة أولاً ، ومن ثم الإبحار بهم فى علوم القرآن وأحكامه،  ليخلد بذلك اسمه بين أبناء قريته إلى يومنا هذا ، لا ينسون صنعه، داعين له المولى عزوجل بالرحمة والمغفرة .

 

وتفرد الشيخ بحياة حافلة بالعطاء والتميز، والعمل الدؤوب، والسعي الجاد، ومتابعة الشئون العلمية ، والاهتمام بطلابه، والتواصل مع أهالى قريته فى كافة الأمور، مهتمًا لشئون الكبير والصغير، الأمر الذي أكسبه تقديرًا كبيرًا فى عيون الآخرين. 

 

وفاته

 

وفى يوم الإثنين ، الرابع من شهر مايو لعام 1992،  انتقل  الشيخ  سيد ، إلى جوار ربه، عن عمر ناهز الـ 88 عاما، فى خدمة كتاب الله، يرتل ويجود القرآن الكريم ، بمدرسته الفريدة والمتميزة فى التلاوة.

 

وخرجت جنازته صبيحة يوم الإثنين، وحضر جنازته جميع أبناء القرية، وكان يومًا مشهودًا ومشهدًا حافلا، دليل على منزلته العظيمة، فقد عرف الشيخ  بالصلاح ، والزهد،  وحسن السيرة ، ومكانته السامية إلى جانب شهرته العلمية بين العلماء وطلبة العلم كافة.