خلال الأيام القليلة الماضية، أثير الكثير من الجدل والتساؤلات عن تحالف الأقلية العربية في إسرائيل بقيادة حزب محسوب على التنظيم العالمي لجماعة "الإخوان الإرهابية" مع تكتل إسرائيلي يميني متطرف لتشكيل حكومة.
قاد الجانب العربي الإخواني، منصور عباس، رئيس القائمة العربية الموحدة، والذي أعلن اتفاقه مع ائتلاف "التغيير" بقيادة اليمني المتطرف نفتالي بينيت، والمعتدل نسبيا يائير لابيد، بعدما كاد عباس أن يبرم اتفاقاً مماثلا مع رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو.
واعتبرت لقطة عباس الذي يقف مبتسما إلى جوار زعيم يهودي من اليمين المتطرف وحلفائه وذلك بعد لحظات من الموافقة على توليه رئاسة الوزراء ومنحه أغلبية حاكمة في البرلمان، تاريخية إلى حد بعيد.
لكن ..من هو منصور عباس؟
ينتمي عباس، 47 عاما، لبلدة المغار التي يتألف سكانها من المسلمين والدروز، قرب بحيرة طبرية. وحزبه هو الجناح السياسي للفرع الجنوبي من الحركة الإسلامية في إسرائيل التي تأسست في العام 1971 وترجع أصولها إلى جماعة الإخوان المسلمين.
دخل منصور عباس عالم السياسة منذ ثلاثة أعوام، حيث ترشح إلى الانتخابات التشريعية الإسرائيلية ثلاث مرات. في الماضي كان طبيب أسنان مغمور، ذو توجه إسلامي. والآن أصبح سياساً معروفاً، وهو يشغل منصب نائب الرئيس في حزب الحركة الإسلامية الجنوبية، التي انشقت في 1995 عن الحركة الإسلامية، المحظورة.
ويشار إلى أن حركة عباس الإسلامية تختلف في الرؤية السياسية مع الحركة الإسلامية "الأم"، التي يقودها الشيخ رائد صلاح. فالأخيرة ترفض أن يكون الكنيست منصة لممارسة العمل السياسي الفلسطيني لعرب الـ 48. أما الأولى، فالبعكس، ترى في البرلمان المؤلف من 120 مقعداً المكان الأنسب و"الأكثر واقعية" لخدمة المجتمع الفلسطيني، وتعرف الحركة الإسلامية الجنوبية إسرائيلياً باسم "راعم".
في انتخابات مارس من عام 2020، شكل حزب الحركة الإسلامية الجنوبية جزءاً من "القائمة المشتركة"، التي حصلت على 15 مقعداً في البرلمان. وفي يناير من 2021، انفصلت الحركة الإسلامية الجنوبية عن القائمة (التي تداعت) بسبب "خلافات" برزت بين الطرفين، وترشّح منصور عباس عن القائمة العربية الموحدة.
وتألفت "القائمة المشتركة" من مجموعة ذات توجهات مختلفة من يسارية وشيوعية وإسلامية، وهي تقول إنها تمثل جزءاً من قوى المعارضة، وصوت عرب الـ 48 الذين يشكلون نحو خمس الناخبين في إسرائيل، وحازت على 6 مقاعد في الكنيست مسجلة تراجعاً مدوياً.
أثارت تصريحات عباس سابقا الكثير من الجدل، حيث أعرب عن رغبته في التعاون مع نتنياهو، وكذلك وصف الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية بـ"المخربين" وهو التصريح الذي عرّضه لانتقادات كثيرة، ففي بعض الأوساط الفلسطينية، هناك من يتهم عباس أيضاً بأنه يروّج للرواية الإسرائيلية التي تسعى إلى تقديم "كفاح الشعب الفلسطيني على أنه نوع من الإرهاب".
في العامين الأخيرين بدت إسرائيل من دون توجه سياسي واضح. الائتلاف الحاكم كان شرطاً من أجل قيام أي حكومة، وغابت الأكثرية عن البرلمان على الرغم من إجراء عدّة انتخابات، واستغل عباس هذه الفوضى واستغل كذلك انهيار حزب "أزرق أبيض" الذي تزعمه الجنرال المتقاعد بيني جانتس، وزير الدفاع، واستطاع مقارعة الليكود لفترة وجيزة، ليبرز على الساحة السياسية كلاعب لا يمكن التغاضي عنه بشكل كامل.
وقال عبّاس في وقت سابق إن الاصطفاف الفلسطيني حول شخصية نتنياهو، كان مؤيداً لها أو معارضاً، "لعبة محصلتها صفر". ويرى أنه قد "يحدث تغييرا" إذا انخرط في السياسة. أضف إلى ذلك أن عباس قال في تصريح سابق إنه لا يرى السياسة بـ"الأبيض والأسود"، موضحاً أن الأولوية هي المشاركة في المشهد السياسي في إسرائيل.
وفي الأخير، نحى عباس جانبا خلافاته مع نفتالي بينيت رئيس الوزراء المقبل في الحكومة الجديدة والزعيم السابق لتنظيم كبير للمستوطنات اليهودية وأحد المدافعين عن ضم معظم الضفة الغربية المحتلة.
وقال بينيت إن أي تحفظات ربما كانت لديه قد تلاشت لأنه لا توجد "كلمة قومية واحدة" في مطالب عباس. بينما يقول منصور عباس إنه يأمل في تحسين أوضاع المواطنين العرب الذين يشكون من التمييز وإهمال الحكومة لهم.
وقال في رسالة إلى أنصاره بعد توقيع اتفاق الائتلاف مع بينيت وزعيم المعارضة يائير لابيد إن فصيله قرر الانضمام للحكومة "من أجل تغيير توازن القوى السياسية في البلاد".
وقالت القائمة العربية الموحدة إن الاتفاق يقضى بتخصيص أكثر من 53 مليار شيكل (16 مليار دولار) لتحسين البنية التحتية والتصدي لجرائم العنف في المدن العربية.
وأضافت أن الاتفاق يتضمن أيضا بنودا لتجميد هدم البيوت التي بنيت دون تراخيص في قرى عربية ومنح بلدات البدو في صحراء النقب، والتي تعتبر معقلا للدعم الإسلامي، وضعا رسميا.
وقال عباس إنه عندما تتأسس الحكومة على دعم الفصيل العربي فإنه سيتمكن من التأثير فيها وتحقيق إنجازات للمجتمع العربي.
ليست المرة الأولى أو الأخير لـ الإخوان
قال تقرير قناة "العربية"، إنها ليست اللقطة الأولى ولن تكون الأخيرة تلك التي ظهر فيها الإخواني من الأقلية العربية في إسرائيل، منصور عباس، إلى جوار زعيم يهودي من اليمين المتطرف وحلفائه، وذلك بعد لحظات من الموافقة على توليه رئاسة الوزراء ومنحه أغلبية حاكمة في البرلمان.
وأكد التقرير إن اللقطة كشفت عن حقيقة ثابتة وهي أن الإخوان يتحالفون مع إسرائيل سرا وجهرا رغم مزاعم قياداتهم ومنصاتهم ومنابرهم الإعلامية بالعداء مع الدولة التي يصفونها بالكيان الصهيوني لإثارة مشاعر أنصارهم، والوقائع كثيرة منها ما هو مثبت وخرج للعلن، ومنها مازال في إطار السرية، والصفقات بين الجانبين لم ولن تتوقف.
وأشار إلى أن منصور عباس القيادي الإخواني لم يقم باتصالات مع الإسرائيليين من تلقاء نفسه، فالأمور التنظيمية للجماعة لا تسمح باتخاذ قرارات فردية لأمور خطيرة واستراتيجية مثل هذه دون موافقة التنظيم الدولي، وهو ما يعني أن القرار صدر من قيادات التنظيم الدولي في العاصمة البريطانية لندن لفرع التنظيم في إسرائيل، وما يدعم ذلك أن منصور لم يكن الأول بل سبقه مؤسس الحركة الإسلامية عبد الله نمر درويش، الذي كان يعقد اجتماعات علنية مع رؤساء إسرائيل ورؤساء الحكومات الإسرائيلية علنا ودون مواربة.
بداية فإن تنظيم الإخوان المسلمين في إسرائيل تأسس على يد عبد الله نمر درويش الذي ولد في العام 1948 في كفر قاسم، وعقب تخرجه في العام 1971 من المدرسة الإسلامية في نابلس، عمل على تأسيس الحركة الإسلامية داخل الأراضي الفلسطينية بفكر حركة الإخوان المسلمين.
وفي العام 1972 أقام درويش أول نواة للحركة الإخوانية في كفر قاسم، ثم توسعت ووصلت إلى كفر برا، جلجولية، الطيرة والطيبة وأم الفحم وباقة الغربية وجت، والنقب، والناصرة وبلدات الجليل.