تميل أرواحنا دائمًا للتعلق بكل ما هو قديم من زمن مضى، نلامسه بقلوبنا في محاولة للشعور بما كان يشعر به أباءنا و أجدادنا عند استخدامهم لهذا الشيء العتيق الذي كان يعني في عصره اختراع كبير متقن التقدم، ليظل حتى وقتنا هذا كنز عظيم يتسابق كلًا منا لامتلاكه، مثلما حدث مع السيارة الكلاسيكية الستيناتية التي أحدثت ضجة كبيرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي عند نشر مجموعة من الصور لها بعد تصليحها لتصبح وكأنها صنعت الحين فأخذت المتابعين جولة حول الماضي.
لذا بحثنا عن الفريق العبقري الذي اتقن ترميم هذه التحفة الكلاسيكية، فأخبرنا رامي يحيي الياسيرجي المسؤول عن فريق الترميم، بأنه يعمل في هذا المجال منذ فترة طويلة بلغت 50 عاما، والتي ورثها عن والده، في تأكيد منه بأن هذه الخبرة المتقنة لم تأتي من فراغ.
و قال "رامي" أن هناك العديد من الأعمال الأخرى في كثير من السيارات "الكلاسيكية" المختلفة ، وتجديدها بشكل عام ، إلا أن هذه السيارة قد حظيت بشهرة واسعة عبر صفحات التواصل الاجتماعي ، سواء داخل مصر وخارجها أيضاً، مشيرًا إلى أن الحظ كان حليفه بسبب أنه كان هناك كثير من الناس قاموا بترشيحه للقيام بأعمال التجديد لهذه السيارة ، مما كان يمثل تحدي كبير لظهورها بشكلها الحالي، وذلك يرجع إلى تعاون واجتهاد ومهارة فريق العمل الخاص به معه .
وكانت السيارة من إنتاج شركة صناعة السيارات الأمريكية بونتياكPONTIAC، من الطرازCATALINAموديل عام 1963، وهي النسخة الوحيدة الموجودة من هذا الطراز هنا في والتي يملكها الدكتور عباس قورة، ليظل نجله محافظًا على تراث أبيه حتى اليوم وهو الذي أرسل طلب ترميم هذه السيارة، و عن قصة شراء هذه السيارة نوه " رامي " بأنه كان يملكها احد أفراد الأسرة المالكة بدولة الكويت، وقام الدكتور عباس قورة بشرائها منه في العام 1964، لتظل مستقرة بها إلى اليوم.
وأوضح " رامي "، بأن أصعب مرحلة واجهتهم أثناء عملية الترميم هي استعادة الهيكل الخارجي للسيارة إلى طبيعته مرة أخرى ، وذلك بسبب التلفيات التي تعرضت لها عند خروجها من الجراج إلى أحد الشوارع وظلت مصطفة به لوقت طويل وهو ما تسبب في كثير من التلفيات بها بسبب العوامل الخارجية للطقس ، هذا بالإضافة إلى وقوع شجرة كبيرة عليها، مما تسبب في تهشم هيكلها، لافتًا إلى ان أعمال "السمكرة" تعد هي الأصعب مع نوع هذه السيارة ، نظراً لاختلاف خامة السيارة وندرتها عن خامات السيارات المتواجدة حالياً .
وأضاف " الياسيرجي " إلى أنه استغرقت أعمال ترميم السيارة وقتا طويلاً ، حيث تم العمل على إصلاح هيكلها الأساسي أولا ثم أعمال الميكانيكا والشكل الخارجي الخاص بها، خاصة و ان جميع الكماليات و الاكسسوارات المتواجدة بها هي أصلية الصنع تم استيرادها من بلد المنشأ من الولايات المتحدة الامريكية.
وتستمد السيارةPONTIAC CATALINA موديل عام 1963، قوتها من محرك مكون من 8 أسطوانات، بسعة 6600 سي سي، يستطيع ان يولد قوة قدرها 225 حصانًا، وجميع أجزاء محركها هي الأصلية الخاصة بها وليست مستبدلة من سيارة أخرى، وبالرغم من مرور كل هذه الأعوام على تصنيع هذه السيارة إلا انها لم تقطع مسافات سوى 90 ألف ميل منذ العام 1963 وحتى اليوم.
وأشار رامي سبب تميز فريقه في مجال ترميم السيارات الكلاسيكية، حتى تخرج هذه السيارة بهذا الشكل العبقري، هو خوض والده تجارب كثيرة في مختلف الأماكن خارج مصر للاطلاع على كل جديد في هذا المجال إضافة لفريق العمل الخاص به والذي يعمل معه منذ أكثر من 40 عاما ، للخروج بأعمال مميزة بشكل دائم ومستمر ، فمن وقت إلى آخر يقوم هذا الفريق بأعمال تحدث ضجة في مجال السيارات ، لتلاقي اهتمامات كبيرة من جانب الكثيرين .
و كان من أبرز هذه السيارات هي سيارة الفنان "عبد السلام النابلسي" الذي كان دائمًا يشتهر بامتلاكه لسيارات غريبة نادرة ، و أيضًا أعمال الترميم الخاصة بسيارة برمائية تسير على الأرض والمياه موديل 44 ، إضافة إلى العديد من السيارات الاخرى مثل "شيڤيل" و " فورد موستينج" أشهر إصدارات شركة فورد الامريكية.
ولم يقتصر هذا الإبداع والتجديد على السيارات فقط وإنما تنوع وتعدد ليشمل مختلف المركبات مثل الدراجات النارية "سكوتر" الألماني موديل 1957 و “سكوتر” موديل 1962، واللذان يعتبرا أحد التحف النادرة الوجود في الزمن الحالي، و يسعى الكثير لمحاولة امتلاك مثل هذه التحف النادرة.