قال الدكتور مجدى عاشور، مستشار مفتى الجمهورية، إن أكبر الكبائر بعد الشرك بالله ، عقوق الوالدين لحديث النبى "سئل النبى عن أكبر الكبائر بعد الشرك قال عقوق الوالدين".
وأضاف عاشور، أن النبى قال فى حديثه الشريف "لا يدخل الجنة عاق"، ومعناه أنه لا يدخل ابتداءً كما يقول العلماء، لأن عقوق الوالدين من أشد المعاصى والآثام، منوها بأنه لابد أن نتعامل مع هذا العاق بلطف حتى نأتى به من دائرة المعاصى إلى دائرة الطاعات.
وقال الدكتور على جمعة مفتي الجمهورية السابق، عضو هيئة كبار العلماء، إن عقوق الابن لوالديه قد يكون بداية العقوق التي تتعرض له شجرة العائلة؛ فلا يشترط أن يكون الأمر على سبيل العقاب ورد الدين.
وأضاف "جمعة" في إجابته عن سؤال ورد إليه تقول صاحبته: "ابني عاق بيا وبدعي ربنا يهديه بس مش بيتهدي، ومن كتر زعلي بطلت ادعيله، مع العلم إني أنا ووالده كنا بارين بأهلنا جدًا؛ اعمل ايه؟»، أن الابن بدأ العقوق من أجل أن يعقه أبناؤه.
وأوضح عضو هيئة كبار العلماء أن سيدنا نوح – عليه السلام- تعرض لمثل هذا الأمر مع ابنه وتفرط قلبه عليه، مستشهدًا بقول الله – تعالى- على لسان نوح – عليه السلام- « وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَىٰ نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلَا تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ»، ( سورة هود: الآية 42).
واختتم أن حكمة الله – تعالى- في أن يبدأ هذا الولد العقوق أنه سيجاز بعقوق أبنائه له، ويتألم مثلما كان سببًا في ألم أمه وانفطار قلبها عليه.
-عقوق الوالدين.. تعرف على خطوات عملية للتوبة منه وتحقيق برهما:
حثّ الشرع الحنيف على برّ الوالدين ورغّب فيه، وحرّم عقوقهم وعدّه من كبائر الذنوب، وجاءت النصوص الشرعيّة من القرآن الكريم والسنّة الشريفة حاثّةً على البرّ ومحذّرةً من العقوق في حقّ الوالدين في مواطن كثيرةٍ.
ويمكن تعريف عقوق الوالدين بأنّه: كلّ سوء أدبٍ مع الوالدين؛ كرفع الصوت عليهما، وتقدّم المشي بينهما، ومنادتهما باسمهما المجرد والوصف الذي لا ينمّ عن الاحترام والتقدير، والتنكّر لمعروفهما، حتى إنّ كلمة أُفٍّ تعتبر من العقوق، حيث قال -تعالى-: (فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا)، فكيف بالتكبّر، والحرمان، والاعتداء، والإهانة، والهجران.
ولا يقتصر العقوق على الأشكال المباشرة له؛ كأن يسبّ الإنسان والديه، بل قد يكون بشكلٍ غير مباشرٍ من خلال سبّه لوالدي شخصٍ آخر، فيسبّ ذلك الشخص والديه، فيكون بذلك عاقًّا لهما، كما قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (إنَّ مِن أَكبَرِ الكبائِرِ أن يَلْعَنَ الرَّجُلُ والدَيهِ، قيلَ: يا رسولَ اللَّهِ، وَكيفَ يَلعنُ الرَّجُلُ والديهِ؟ قالَ: يَسبُّ الرَّجلُ أبا الرَّجلِ، فيسُبُّ أباهُ، ويسبُّ أمَّهُ فيَسبُّ أُمَّهُ).
ويعد عقوق الوالدين ثاني أكبر الكبائر بعد الشرك بالله تعالى؛ حيث قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- للصحابة ذات يومٍ:(ألا أنبِّئُكم بأكبرِ الكبائرِ ثلاثًا؟ قالوا: بلَى يا رسولَ اللهِ، قال: الإشراكُ باللهِ، وعقوقُ الوالدينِ، وجلَس وكان متكئًا، فقال: ألا وقولُ الزُّورِ).
وممّا يدلّ على عظم جريمة العاقّ في حقّ والديه، أنّه ملعونٌ على لسان نبي الرحمة عليه الصّلاة والسّلام؛ حيث قال:(لعن اللهُ من عقَّ والديهِ)، كما خوّف النبي -عليه الصّلاة والسّلام- العاقّ من عذاب النار والحرمان من دخول الجنّة؛ فقال: (لا يدخلُ الجنَّةَ عاقٌّ، ولا منَّانٌ، ولا مُدمنُ خمرٍ، ولا مُكذِّبٌ بقدرٍ).
بالإضافة إلى أنّ العاق لوالديه يعتبر قاطعًا للرّحم، بل قاطعًا لأعظم رحمٍ أمره الله تعالى بوصلها؛ حيث قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (إنَّ اللَّهَ خلقَ الخلقَ حتَّى إذا فرغَ من خلقِهِ قالتِ الرَّحِمُ: هذا مقامُ العائذِ بكَ منَ القطيعةِ قالَ: نعَم، أما ترضِينَ أن أصلَ من وصلَكِ وأقطعَ من قطعَكِ، قالت: بلى يا ربِّ قالَ: فهوَ لكِ).