مخيمات النازحين في محافظة (مأرب) اليمنية ومآسيهم اليومية ونقص الغذاء والدواء مستمرة مع إستمرار المعارك العنيفة بين جماعة الحوثي والجيش الوطني ولا نتائج ملموسة حتى الآن رغم اللقاءات المستمرة والإنغماس الأمريكي في حل النزاع والجولات المكوكية للمبعوث الأمريكي (تيم ليندر كينغ) وأخرها لقاءاته في مسقط ومطالبته للحوثيين بالتفاعل بإيجابية مع (مارتن جريفيث) المبعوث الأممي وأنه لا حل بدون دعم قوى من الحوثيين مما يؤكد أن أمريكا تريد أن تلعب دور الوسيط وليس بنيتها تسريع عملية السلام التي تحتضر.. إن السبب الحقيقي والذي تدركه أمريكا والأمم المتحدة وجميع الأطراف وراء إطالة أمد الحرب في اليمن هو إيران فجماعة الحوثي لا تمتلك القرار وإنما القرار مرتهن بيد المرشد لذا فالحل في طهران وليس في صنعاء ورغم الإدعاءات الإيرانية بأنها لا تتدخل في الملف اليمني إلا أن دعمها للحوثيين بالمال والسلاح مستمر وهذا ما ذكره وزير الخارجية اليمني (أحمد عوض بن مبارك) لوزير الخارجية الروسي (سيرجي لافروف) أثناء لقاءهم..
إضافة إلى السفير الإيراني الغير شرعي الملقب بحاكم صنعاء (حسن إيرلو) وهو أحد قيادات الحرس الثوري.. إن تحول الأزمة اليمنية من صراع داخلي إلى صراع إقليمي هو ما يعقد المشهد اليمني ويحوله إلى مواجهة بين إيران والمملكة العربية السعودية والواقع أن السعودية ليست طرفاً في النزاع وإنما هي تدخلت لحماية الشرعية ضد الإنقلاب الحوثي وضمن تحالف عربي وليست منفردة كما أنها تقوم بدور إنساني ضخم لتخفيف المعاناة عن الشعب اليمني إضافة إلى أنها تعمل جهود حثيثة مع جميع الأطراف للتوصل إلى حل ينهي الصراع ونجحت على المستوى الدبلوماسي حيث قدمت المبادرة السعودية ورمت الكرة في ملعب الحوثيين ورفضوها بأوامر من طهران..
كما أن المملكة تدفع ثمن وقوفها إلى جانب الشعب اليمني حيث تتعرض للصواريخ الحوثية الطائشة والمسيرات المحملة بالمتفجرات الموجهة للعمق السعودي والتي يتم التصدي لها وكان آخرها إحباط هجوم بزورقين مفخخين تم توجيهم لميناء (الصليف) بالبحر الأحمر.. إن جماعة الحوثي تتباهى ببث فيديوهات تثبت قيامها بأعمال عدائية ضد السعودية والمشكلة أنه لا توجد جدية ولا مصداقية على المستوى الدولي للحد من خطر هذه الجماعة التي بانت تهدد مجرى الملاحة الدولية.
إن جماعة الحوثي مستميتة في معركة مأرب رغم ما تتكبده من خسائر يومية في العدد والعتاد لأنها أهم ساحة يريدون إختراقها لتحقيق مكاسب على الأرض تزيد من قدرتهم التفاوضية ويتحكموا في مسار المفاوضات إضافة إلى أن سيطرتهم على مأرب تعني طرد الحكومة اليمنية الشرعية من المعقل المهم والأخير لها في الشمال اليمني والهيمنة على حقول النفط والغاز وأيضاً يمتد نفوذهم على 80% من سكان اليمن لذلك هم دائماً يصدرون خطابات النصر الزائفة وأن باستطاعتهم النصر في الحرب ولكن لن يتحقق لهم ذلك إذا توحد كل اليمنيين لدعم الجيش الوطني دفاعاً عن مأرب لأن الحوثي لن يكتفي بمأرب وإنما سيسعى للسيطرة على باقي محافظات الشمال اليمني.. إن أمريكا باستطاعتها فعل الكثير لخفض التصعيد لأن الجهود الدبلوماسية وحدها لا تكفي لإستئناف العملية السياسية شبه الميتة ولم تحقق تقدم بل هو فقط حديث عن تقدم فأقصى ما حدث أن الحوثيين حاولوا إمتصاص الضغوط الدولية عليهم وخاصة النقد الأمريكي لهم وإتهامهم بأنهم وراء تعثر وقف إطلاق النار ولذلك سمحوا باستقبال المبعوث الأممي بعد رفضهم إستقباله في صنعاء على مدار أربعة عشر شهراً بحجة إنحيازه للتحالف والتقى زعيمهم (عبد الملك الحوثي) الذي رفض ربط الملف الإنساني الذي أتى من أجله (جريفيت) أصلاً بالملف العسكري والسياسي وبذلك يكون المبعوث الأممي قد عاد بخفي حُنين رغم أنه أعلن بأنه سيعمل على إقناع الحوثيين بوقف إطلاق النار وإدخال المساعدات الإنسانية لذلك فلو أن أمريكا والمجتمع الدولي جادين في وقف الصراع في اليمن يجب إعادة تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية وإعادة التعاون العسكري الأمريكي مع السعودية في اليمن إلى جانب مناقشة التدخلات الإقليمية الإيرانية في مفاوضات فيينا الدائرة الآن لأن إيران تستخدم الحوثيين لتحسين موقفها في المفاوضات وتلتقي أجندتها مع رغبة الحوثيين في التوسع والسيطرة على اليمن.. لذلك فإن الضغط على إيران لكف يدها عن الملف اليمني سيغير الموقف ويصبح الحوثيين في موقف الدفاع وليس الهجوم وحينئذ يقتنعوا أنه من المستحيل لهم السيطرة على مأرب وسيوافقوا على وقف إطلاق النار لأنهم سيكونوا منفردين بدون الدعم الإيراني..
وسيبدأ وقتها جميع الأطرف في الإنخراط في مفاوضات جادة والقبول بالمبادرة السعودية التي هي الطرح الأنسب للخروج من حرب هي الأكثر رعباً وعنفاً في تاريخ اليمن.. بدون ذلك فإن كل شيء سيمضي في اليمن الشقيق للأسوء إنتظار لمعركة مأرب الفيصلية..