قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

صدى البلد

علي جمعة يكشف تعريف الإفتاء ومبادئها وأركانها ومن هو المفتي

د. علي جمعة
د. علي جمعة
×

نحتاج في عصرنا هذا أن نعرف ما هو الإفتاء، وما هي مبادئه، وما هي أركانه، وما هي مكانته في الدين ونشأته التاريخية، كما نريد أن نوضح أركان عملية الإفتاء من تعريف الفتوى والمفتي والمستفتي موضحين شروط وآداب كل ركن من هذه الأركان الثلاثة، وذلك من خلال سلسلة من المقالات، ولتكون البداية بتوضيح مفهوم الإفتاء.


قال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق أن الفتوى لغة: اسم مصدر بمعنى الإفتاء، والجمع: الفتاوى، يقال: أفتيته فتوى وفتيا إذا أجبته عن مسألته، والفتيا تبيين الأحكام الشرعية، والاستفتاء لغة: طلب الجواب عن الأمر المشكل، ومنه قوله تعالى: (وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِم مِّنْهُمْ أَحَدًا) [الكهف:22] وقد يكون بمعنى مجرد سؤال، ومنه قوله تعالى: (فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَم مَّنْ خَلَقْنَا) [الصافات:11]، قال المفسرون: أي اسألهم.

والمفتي لغة: اسم فاعل أفتى، فمن أفتى مرة فهو مفت. قال الصيرفي: «هذا الاسم موضوع لمن قام للناس بأمر دينهم، وعلم جمل عموم القرآن وخصوصه، وناسخه ومنسوخه، وكذلك السنن والاستنباط، ولم يوضع لمن علم مسألة وأدرك حقيقتها، فمن بلغ هذه المرتبة سموه بهذا الاسم، ومن استحقه أفتى فيما استفتي فيه» ( راجع الفروق للقرافي ج2/117).

قال ابن تيمية عند سؤاله عن حكم التتار على سبيل الفتوى: يجب قتال هؤلاء، بكتاب الله وسنة رسوله واتفاق أئمة المسلمين، وهذا مبني على أصلين: أحدهما: المعرفة بحالهم، والثاني: معرفة حكم الله في مثلهم (انظر مجموع فتاوى ابن تيمية 28/510)، وهما عنصرا الفتوى: الواقع ثم حكم الله تعالى في مثله.


وأضاف جمعة في بيان له عبر صفحته الرسمية يختلط مفهوم الإفتاء مع مفاهيم متقاربة أخرى، لذا نرى أن التفريق بين تلك المفاهيم في غاية الأهمية، كما أنه يساعد في تحديد المصطلحات والمفاهيم، التي توفر سرعة التفاهم ووضوح لغة الحوار. فحتى نستخلص المعنى المحدد للفتوى نحتاج إلى التفريق بين معناها، وبين معان أخرى تتداخل أحيانًا معها، مثل القضاء أو الفقه، فالفقه هو: العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسب من أدلتها التفصيلية (راجع نهاية السول للإسنوي 1/19)، بينما الإفتاء هو: تبيين مبهم حاصل في مسألة يراد بيان حكم الشرع فيها (راجع دستور العلماء 3/14) وعلى ذلك فالفقيه: يبين حكم الله تعالى من غير بحث عن الواقعة ولا ما يكتنفها من حوادث، أما القضاء فهو: إلزام ذي الولاية بحكم شرعي بعد الترافع إليه (راجع ظفر اللاضي، صديق خان صـ 4).


وتابع : المتأمل في تلك التعريفات يجد أنه على الرغم مما بين الفقه والإفتاء والقضاء من علاقة قوية إلا أن:-
الفقيه: يستنبط أحكام الله تعالى من الأدلة التفصيلية، وتلك الأحكام تحقق مقاصد الشريعة الكلية.


واوضح جمعة ان المفتي: فهو يدرس الواقع ثم يلتفت إلى الفقه ليأخذ منه حكم الله تعالى في مثل هذه الواقعة بما يحقق مقاصد الشريعة ، والقاضي: فإنه يتدخل لتغيير الواقع ويلزم أطراف النزاع بما عليه حكم الله تعالى.


واستطرد قد تتشابك تلك الوظائف بعضها مع بعض فيقوم القاضي بدور الفقيه أو المفتي، ويقوم الفقيه بدور المفتي؛ إلا أنه سيظل هناك فرق بين تلك المعاني ووظائف القائمين عليها، فالفتوى غير ملزمة وحكم القاضي ملزم، ولذلك فلا سلطان للمفتي على الناس، ولكن السلطان للقاضي فحكمه ملزم ينفذ على الخلق ظاهراً أي عند الناس والمجتمع وباطناً أي عند الله سبحانه وتعالى، فلو أفتى المفتي أحدهم بطلاق زوجته، يمكن لهذا المستفتي أن يسأل علماً آخر غيره، أو يقلد مذهباً آخر، أما لو حكم القاضي بطلاق نفس الزوجة فإنها تصبح محرمة عليه ويحل لها بعد انقضاء عدتها أن تتزوج بزوج آخر أمام الله وأمام الناس.


وعليه فإذا كان القضاء يزيد عن الفتوى في الإلزام، فإن الفتوى أعم من القضاء من جهة الموضوعات التي تتناولها، حيث أن كل ما يتأتى فيه الحكم تتأتى فيه الفتوى وليس العكس، فالعبادات كلها لا تدخل تحت نطاق القضاء، فلا يدخل تحته الحكم بصحة الصلاة أو بطلانها، وكذلك أسباب العبادات كمواقيت الصلاة ودخول شهر رمضان وغير هذا من أسباب الأضاحي والكفارات والنذور والعقيقة؛ لأن القول في كل ذلك من باب الفتوى.