خطف مسجد السلطان حسن، أنظار الجميع بعد الحديث عن انهيار جزء من قبة الوضوء أو "القبة الفوارة"، حيث أعرب زوار المسجد عن انزعاجهم مما حدث خاصة بعد قرار الجهات المعنية إغلاق المسجد خوفا على أرواح المواطنين.
ويوصف مسجد السلطان بـ "درة العمارة الإسلامية بالشرق"، ويعد أحد المساجد الأثريّة الإسلامية الشهيرة بالقاهرة وأكثرها تناسقا وانسجاما هو مسجد السلطان حسن.
إنشاء مسجد السلطان حسن
وأنشئ مسجد السلطان حسن على قطعة أرض كانت تعرف باسم "سوق الخيل" في ميدان الرميلة، تلك المنطقة التي تقع بـ ميدان صلاح الدين والسيدة عائشة.
وكان السلطان الناصر محمد بن قلاوون قد بنى على قطعة الأرض "سوق النخيل" قصرا ضخما ليسكنه أحد أمرائه المقربين، وهو يلبغا اليحياوى، وعندما شرع السلطان حسن في بناء جامعه سنة 1356م، هدم القصر وما حوله، وكلف إنشاؤه أموالاً طائل.
وذكرت بعض الروايات أن التكلفة قاربت 750 ألف دينار من الذهب، حتى إن السلطان كان يبدو عاجزا عن إتمام بنائه، وقال "لولا الخشية من القول بأنه عجز عن إتمام بناء بناه، لتركت بناء هذا الجامع من كثرة ما صرفت عليه"، بسبب ضخامة البناء وشموخه، واتساع مساحته.
درة العمارة الإسلامية
واستطاع مسجد السلطان حسن خطف الأنظار إليه ببنيانه العظيم وارتفاعه الشاهق وزخارفه المميزة، وتجتذب نوافذ مسجد السلطان حسن المستطيلة والدائرية ونقوشه المميزة أعين الناظرين، فيما تستقر قبته الدائرية وذهبية اللون في قمة المسجد، وقد أخفى لمعانها غبار العاصمة المصرية العامرة بمئات المآذن وملايين البشر.
ويوثق مسجد ومدرسة السلطان حسن مرحلة نضوج العمارة المملوكية، إذ أنشأه السلطان الناصر حسن بن الناصر محمد بن قلاوون خلال الفترة من 757هـ - 1356م إلى 764هـ - 1363م خلال حقبة حكم المماليك البحرية لمصر.
ويعتمد تصميم المسجد الذي تبلغ مساحته نحو 8 آلاف متر مربع على التخطيط المتعامد، ويتوسطه صحن مفتوح محاط بأربعة إيوانات، وتوجد في وسط الصحن نافورة تعلوها قبة بنيت على ثمانية أعمدة، ويضم الصحن أربعة أبواب تفتح على أربع مدارس، وتعد كل مدرسة مسجداً صغيراً، ويبلغ ارتفاع مئذنته 81 متراً.
اغتيال السلطان حسن قبل اكتمال بناء المسجد
ورغم اغتيال السلطان حسن سنة 762 هـ (1360 م) أكمل تلميذه الأمير بشير الجمدار بناء المسجد لينتهي بعد أربع سنوات، ويعد المسجد من أبرز آثار القاهرة التاريخية، وأحد أهم وجهات السائحين وكبار الزائرين.
وقال المؤرخ الفرنسي آدم فرنسوا جومار في كتاب "وصف مصر" عن مسجد السلطان حسن: "إنه من أجمل مباني القاهرة والإسلام، ويستحق أن يكون في المرتبة الأولى للعمارة العربية بفضل قبته العالية، وارتفاع مئذنته، وعظم اتساعه وفخامة وكثرة زخارفه»، ووصفه الرحالة المغربي الورتلاني، بأنه «مسجد لا ثاني له في مصر ولا غيرها من البلاد في فخامة البناء ونباهته".
كما وصفه المستشرق الفرنسي جاستون فييت بقوله: "قد يكون هذا الجامع هو الوحيد بين جوامع القاهرة الذي جمع بين قوة البناء وعظمته، ورقة الزخرفة وجمالها".