عندما تولى رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد السلطة عام 2018، أطلق برنامجًا للإصلاح السياسي أفرج في إطاره عن آلاف المعتقلين السياسيين، بينهم عشرات العاملين بالصحافة والإعلام، في خطوة استبشر بها مراقبون ومنظمات دولية وحقوقية عدة.
لكن سرعان ما خبت آمال الإصلاح السياسي والتفاؤل بمناخ الحرية، حينما بدأت أمراض السلطة تتسلط على آبي أحمد، وسرعان ما ضاق صدر نظامه بالحريات التي ارتدّت إليه بانتقادات حادة لسياسة معاملته مع فسيفساء القوميات التي تشكل المجتمع الإثيوبي.
ومن بين الصحفيين الإثيوبيين الذين تفاءلوا أول الأمر ببرنامج آبي أحمد للإصلاح السياسي الصحفي ديسو دولا، الذي عاد إلى بلاده من هولندا التي فر إليها عام 2004 هاربًا من الملاحقة الأمنية، وفق ما روى لوكالة "رويترز".
بعد ثلاث سنوات من عودته، عاد الخوف القديم من الملاحقة يداخل نفس دولا، وسط تضييق أمني خانق على الصحفيين والإعلاميين يرافق حملة نظام آبي أحمد على أبناء قوميات مختلفة، ولا سيما مع حملة النظام على إقليم تيجراي شمالي البلاد الذي رفض قرار الحكومة تأجيل الانتخابات مرتين بحجة التصدي لفيروس كورونا، واتهم آبي أحمد بالسعي لتمديد بقائه في السلطة.
ومنذ مطلع العام الماضي، تعرض 21 صحفيًا في إثيوبيا، بينهم دولا نفسه، للاعتقال التعسفي لفترات متفاوتة دون توجيه اتهامات أو محاكمات.
وقال دولا في حوار مع رويترز "لقد ظننت أننا سنعيش حقبة جديدة وسنسترد الديمقراطية وحرية التعبير، لكن ما حدث فعليًا أن الأمور تردت. هرب الكثير جدًا من الصحفيين من البلاد وهناك آخرون يقبعون في السجون".
ونقلت الوكالة عن ممثل أفريقيا جنوب الصحراء بلجنة حماية الصحفيين موثوكي مومو أن "إثيوبيا عادت للانضمام إلى قائمة أسوأ الدول في حرية الصحافة واعتقال الصحفيين".
وفي نوفمبر الماضي وحده، تعرض 6 صحفيين للاعتقال بسبب تغطيتهم لحملة النظام على إقليم تيجراي المتمرد، ووجهت إليهم اتهامات بتقويض الدستور وممارسة العنف والتواطؤ مع جماعات متمردة، واحتُجزوا لفترات تتراوح بين 5 – 8 أسابيع، وفي ديسمبر اعتقلت السلطات مصور وكالة رويترز كوميرا جيميتشو لمدة 12 يومًا دون إبداء أسباب ودون محاكمة.
ولم يعد الاعتقال والملاحقة الأمنية هما سقف المخاطر التي تهدد سلامة الصحفيين الإثيوبيين، وإنما صار القتل شبحًا يحوم فوق رؤوس الصحفيين غير الموالين لنظام آبي أحمد، وفي يناير الماضي أطلق مسلح مجهول النار على الصحفي العامل بتلفزيون ولاية تيجراي داويت كيبيدي أرايا وأرداه قتيلًا، وفي مايو الجاري قُتل الصحفي بإذاعة إقليم أوروميا سيساي فيدا غيلة بالرصاص أيضًا.
وبعد وصوله إلى السلطة، أفرج آبي أحمد في البداية عن عشرات الصحفيين من السجن، ورفع الحظر عن أكثر من 250 منصة إعلامية، وألغى بعض قوانين الإعلام التي انتقدت على نطاق واسع، وفقًا لمعهد الصحافة الدولي، وهو شبكة عالمية من المحررين والمديرين التنفيذيين في وسائل الإعلام والصحفيين.
لكن القوانين القديمة لم يتم استبدالها بإطار تنظيمي واضح يتعلق بممارسة وسائل الإعلام، مما أدى إلى فراغ قانوني حول قضايا مثل كيفية السماح لشركات الإعلام الجديدة بالعمل.