الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

علي جمعة: القدس لم تكن قبل الفتح الإسلامي إلا مدينة صغيرة تعرضت لاجتياح الفرس‏

القدس
القدس

قال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن مدينة القدس لم تكن قبل الفتح الإسلامي سنة‏16‏ هـ‏/637‏ م إلا مدينة صغيرة تعرضت لاجتياح الفرس‏،‏ ومنذ أن زار الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه هذه المدينة ليستلمها ابتدأ الإعمار الإسلامي فيها‏‏ إذ أمر عمر أن يبني مسجد في مكان صلاته‏.

وأضاف جمعة في منشور له عبر الفيسبوك: كان يطلق عليه اسم مسجد عمر، كما أمر بإنشاء مظلة من الخشب على الصخرة المشرفة في قمة جبل موريا،واستمرت حتى عهد عبد الملك بن مروان، وعندما كان معاوية بن أبي سفيان واليا على القدس والشام في عهد عمر رمم الأسوار واعتنى بالبساتين والأشجار، وبنى في عكا دارا لصناعة المراكب والسفن، وفي مدينة القدس نودي خليفة على المسلمين، وهو مؤسس الدولة الأموية، واختار قبل دمشق القدس عاصمة لمكانتها عند العرب.

 

وأكمل: وفي عهد عبد الملك بن مروان أمر بإنشاء قبة الصخرة سنة 72 هـ/691 م، وابتدأ بإنشاء المسجد الأقصى الذي أتمه فيما بعد ابنه الوليد سنة 97 هـ/715 م، ولقد أنفق عبد الملك مالا وفيرا في القدس لإنشاء هذين الصرحين للدلالة على قوة الإسلام وانتصاره، وأمر بتعبيد الطرق بين الشام والقدس لتسهيل سبل الزيارة الدينية المقدسة للحرم القدسي.

 

وتابع: وفي قبة الصخرة وبعد إنجازها تقبل الوليد بن عبد الملك بيعة المؤمنين، خليفة على المسلمين، في حين كان أخوه سليمان ينشئ مدينة الرملة وما فيها من مسجد وقصر ودار للصناعيين، ثم جاء أخوه هشام ليبني قصر المفجر في أريحا، وهو أضخم قصور الأمويين ورغم ما أشيع عن إهمال العباسيين لبلاد الشام فلقد زار القدس عدد من الخلفاء مثل المنصور والمهدي والمأمون، وترك كل منهم أثره في إجراء إصلاحات مهمة في المسجد الأقصى وفي قبة الصخرة، ويعود إلى الخليفة المهدي فضل إعادة بناء المسجد الأقصى سنة 158 هـ/744م بعد زلزال أتى عليه ثم رزئت بلاد الشام بالاحتلال الصليبي الغربي، وكانت القدس الهدف الأكثر أهمية، تم ذلك سنة 492 هـ/1099 م، وكان أول ما سعى إليه هؤلاء الغزاة أن جعلوا قبة الصخرة كنيسة رفعوا عليها الصليب وهدموا أطراف الأقصى وجعلوه مقرا لفرسانهم.

 

وأشار الدكتور علي جمعة إلى أنه عندما حررها صلاح الدين الأيوبي سنة 583 هـ/1187 م قام بإعادة ترميم مسجد قبة الصخرة، وسجل ذلك في محيط القبة من الداخل، وكما كان الأيوبيون أبطاًلا في التحرير وكانوا قدوة في الإعمار والإنشاء; ففي مدينة القدس وحدها قام صلاح الدين بإعادة بناء سور القدس سنة 587 هـ/1191 م وتابع أولاده ذلك، كما قام بحفر الخندق حول الأسوار، وأنشأ الملك العادل أخو صلاح الدين الجامع العمري سنة 589 هـ/1193 م، وبنى سقاية لحفظ الماء وتموين القدس، وأنشأ ابنه الأفضل المدرسة الأفضلية والمسجد، وأنشأ قبة المعراج سنة 598 هـ/1201 م وقبة سليمان والزاوية الجراحية والمدرسة الناصرية وزاوية الدركاه وزاوية الهنود.


وتابع المماليك البناء وأصبحت القدس أكثر ازدهارا في عهدهم، وخلال حكم الملك الناصر محمد بن قلاوون المملوكي، الذي امتد ثلاثة وأربعين عاما، حفلت القدس بالعمائر المملوكية التي كانت نموذجا رائعا لتطور العمارة الإسلامية.

 

وقال الدكتور علي جمعة إن المباني الإسلامية التي أنشئت خلال العهود المختلفة تؤكد الشخصية الإسلامية التي تتمتع بها القدس القديمة التي ما زالت محافظة على طابعها العربي رغم انتهاكات اليهود وتغييراتهم الواسعة فيها، كما أن أهم ما يميز مدينة القدس ويؤكد طابعها الإسلامي الأصيل هو الحرم الشريف الذي تظهر فيه روائع العمارة الإسلامية وبخاصة قبة الصخرة; فإن المسجد الأقصى الحالي يعتبر في نظر المختصين عملا معماريا يجمع بين البساطة والجلال، في صورة تندر في غيره من المساجد، فعلى الرغم من أن بناء جدرانه ليس من السماكة بمكان، خاصة تلك الحاملة للقبة الكبرى، فإن جزءا كبيرا من فخامة المسجد يرجع إلى سعة بيت الصلاة; بحيث تمتلئ النفس مهابة وإجلالا عند الحلول فيه، وهذه السعة هي التي جعلت المعماري يسقفه بالخشب القوي فقط.