هل تغتسل المرأة إذا احتلمت ؟ إن المرأة تحتلم كما يحتلم الرجل، والدليل على ذلك؛ الرواية التي وردت عن أم سلمة هند بنت أميّة -رضي الله عنها- في صحيح البخاري ومسلم، حيث قالت: «جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقَالَتْ: يا رَسولَ اللَّهِ إنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الحَقِّ، فَهلْ علَى المَرْأَةِ مِن غُسْلٍ إذَا احْتَلَمَتْ؟ قَالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إذَا رَأَتِ المَاءَ فَغَطَّتْ أُمُّ سَلَمَةَ، تَعْنِي وجْهَهَا، وقَالَتْ: يا رَسولَ اللَّهِ أوَتَحْتَلِمُ المَرْأَةُ؟ قَالَ: نَعَمْ، تَرِبَتْ يَمِينُكِ، فَبِمَ يُشْبِهُهَا ولَدُهَا».
احتلام المرأة
ويستفاد من الحديث النبوي الشريف، أن المرأة تحتلم، وأن هذا الأمر طبيعي، والعبرة في الاغتسال إذا رأت الماء، أي المني، أما في حال احتلمت ورأت أنها تنزل، لكن بعد أن استيقظت لم تجد ذلك، فليس عليها الغسل، وهذا بإجماع المسلمين.
هل المرأة تحتلم ؟
قال الدكتور مجدي عاشور، المستشار العلمي لمفتي الجمهورية، إن نزول المني باحتلام أو غيره، والاحتلام هو أن يرى النائم كأنه يباشر أو يجامع، فإذا استيقظ ورأى الماء «المني» في ثيابه فيجب عليه الغسل، وإذا لم ير شيئاً فلا شيء عليه ولا يغتسل.
أفاد مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، في منشور له، إن المرأة إذا انقطع عنها الدَّمُ وَجفَّ المحل، أو رأت الماء الأبيض الذي يكون آخر الحيض، وبه تستبين براءة الرَّحِم فقد طَهُرتْ.وذكر « الأزهر للفتوى» أن النساء كان يبعثن إلى أمِّ المؤمنين السَّيِّدة عائشة -رضي الله عنها- بالدُّرْجة (أي: الخِرقة) فيها الكُرْسُف (أي: القُطْن) فيه الصُّفْرَة من دم الحَيضة يسألْنَها عن الصَّلاة، فتقول لهنَّ: لا تعجلن حتَّى تَرَيْنَ القَصَّةَ البَيضَاء.
ونوه بأنه يجبُ على المرأة أن تغتسل إذا انقطع عنها الدم، مستشهدًا بقوله -تعالى-: «وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ»، [سورة البقرة: الآية 222].
وأوضح أن قوله - تعالى- «حَتَّى يَطْهُرْنَ» معناه: حتى ينقطع دَمُهُنَّ، «فَإِذَا تَطَهَّرْنَ» أي: فإذا اغْتَسَلْنَ بالماء، مشيرًا: فالحكم يتوقف على شرطين: أحدُهُما: انْقِطَاعُ الدَّمِ، والثَّاني: الاغتسالُ بالماء.
وأضاف أنه إذا اغتسلت المرأة جاز لها عمل كل فعل يُشترط لجوازه الطَّهارة، وَجَاز لها دخول المسجد، والصَّوم، وما إلى غير ذلك.
أقل واجب في الغسل أن تعم به جميع بدنها حتى ما تحت الشعر، والأفضل أن يكون على صفة ما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، حيث سألته أسماء بنت شكل عن غسل المحيض فقال صلى الله عليه وسلم: «تَأْخُذُ إِحْدَاكُنَّ مَاءَهَا وَسِدْرَتَهَا فَتَطَهَّرُ فَتُحْسِنُ الطُّهُورَ ثُمَّ تَصُبُّ عَلَى رَأْسِهَا فَتَدْلُكُهُ دَلْكًا شَدِيدًا حَتَّى تَبْلُغَ شُؤُونَ رَأْسِهَا ثُمَّ تَصُبُّ عَلَيْهَا الْمَاءَ ثُمَّ تَأْخُذُ فِرْصَةً مُمَسَّكَةً فَتَطَهَّرُ بِهَا، فَقَالَتْ أَسْمَاءُ: وَكَيْفَ تَطَهَّرُ بِهَا؟ فَقَالَ: «سُبْحَانَ اللَّهِ! تَطَهَّرِينَ بِهَا» فَقَالَتْ عَائِشَةُ كَأَنَّهَا تُخْفِي ذَلِكَ: تَتَبَّعِينَ أَثَرَ الدَّمِ» رواه مسلم، و«الفرصة الممسكة» أي قطعة من القطن أو الصوف مطيبة بالمسك، وتكون بعد الغسل والحكمة من استعمالها: تطييب المحل، ودفع الرائحة الكريهة.
كيفية الطهارة من الحيض
الغسل نوعان، غسل مجزئ، وهو الغسل الواجب، أي الذي يأتي فيه المسلم بالواجبات فقط، والغسل كامل، ويُقصد به الإتيان بالسنن والمستحبات التي كان يفعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيما يأتي بيان لكلا النوعين بالتفصيل
الغسل المجزئ: وفي هذا الغسل يكتفي المسلم بالإتيان بالواجبات دون السنن والمستحبات، بحيث ينوي الطهارة، فيزيل ما أصابه من النجاسة، وبعد ذلك يعم بدنه كله بالماء على أي طريقة كانت، حتى لو نزل بماء سباحة، مع المضمضة والاستنشاق على القول الصحيح للحنابلة والحنفية، وقال الشافعي بأنهما سنة.
الغسل الكامل: حيث ينوي المسلم الطهارة، ثم يغسل يداه ثلاث مرات، وبعد ذلك يغسل موضع الأذى، ثم يتوضّأ كوضوء الصلاة، ثم يغسل رأسه ثلاث مرات يروي بها أصول شعره، وبعد ذلك يعمّ بدنه بالماء، فيبدأ أولًا من الشق الأيمن، ثم ينتقل إلى الشق الأيسر، مع مراعاة وصول الماء لشعره وكل أجزاء جسده، والدليل على ذلك ما روته أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- قالت: «كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ إذَا اغْتَسَلَ مِنَ الجَنَابَةِ يَبْدَأُ فَيَغْسِلُ يَدَيْهِ، ثُمَّ يُفْرِغُ بيَمِينِهِ علَى شِمَالِهِ فَيَغْسِلُ فَرْجَهُ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ يَأْخُذُ المَاءَ فيُدْخِلُ أصَابِعَهُ في أُصُولِ الشَّعْرِ، حتَّى إذَا رَأَى أنْ قَدِ اسْتَبْرَأَ حَفَنَ علَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ حَفَنَاتٍ، ثُمَّ أفَاضَ علَى سَائِرِ جَسَدِهِ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ».
شرح كيفية غسل الجنابة
الغسل من الجنابة كالغسل من الحيض لا فرق بينهما، والغسل من الجنابة ذو الصّفة الكاملة: وهو أن يقوم المسلم في غسله بأداء الواجبات والسّنن معًا، وفيما يأتي ذكر خطوات الغسل الكامل بالترتيب:
النيّة: وذلك أن ينوي المسلم الطّهارة من الحدث. التّسمية: وهي أن يقول المسلم "بسم الله الرّحمن الرّحيم".
غسل الكفيّن ثلاث مرّات؛ والسّبب في ذلك أنّ الكفيّن هما أداة غرف الماء، وغسل الفرج باليد اليسرى؛ وذلك لأنّ الفرج هو موضع الجنابة، فبغسله يتخلّص المسلم من الأذى والأوساخ العالقة به.
تنظيف اليد اليسرى ثمّ تدليكها بشدّة؛ وذلك للقيام بالتّخلص ممّا علق بها من أوساخٍ خلال غسل الفرج، وتطهيرها بالماء والصّابون، فهو يقوم مقام التّراب.
الوضوء: ويكون الوضوء هنا مثل الوضوء للصّلاة وضوءًا كاملاُ لا نقص فيه، ولا يلزم إعادة الوضوء بعد الانتهاء من الاغتسال من الجنابة من أجل أداء الصّلاة، فالقيام بذلك أثناء الاغتسال يجزئ ويكفي، ولا داعي لإعادته، أمّا إذا تمّ مسّ الفرج أو الذّكر فإنّه يجب إعادة الوضوء؛ وذلك بسبب وقوع الحدث الطّارئ.
غسل القدمين: وهناك اختلافٌ في وقت غسل القدمين، بحيث هل يكون مع الوضوء؟ أم يتمّ تأخيره إلى ما بعد الاغتسال؟ والظاهر في الأحاديث المروية ورود الكيفيّتين عن الرسول صلى الله عليه وسلم، فكلاهما ثابتتان في سنته الشريفة، واستحب الجمهور تأخير غسلهما بعد الانتهاء من الاغتسال، لكن بما أن كلا الطريقتين وردت في سنة النبي عليه الصلاة والسلام، فلا بأس أن يأتي المسلم بإحداهما تارة، وبالأخرى تارةً أخرى، فيغسل قدميه مع الوضوء، وفي مرات أخرى يؤخر غسلهما إلى آخر الاغتسال.
تعميم الماء في أصول الشّعر من خلال إدخال أصابعه بينهم، والقيام بالتّخليل إن كان الشّعر كثيفًا؛ حتّى يصل الماء إلى منبته. إدارة الماء على الرّأس ثلاث مرّات بعد الانتهاء من تخليل الماء لأصول الشّعر.إفاضة الماء وتعميمها على سائر الجسد مرّةً واحدة، ومن السّنة أن يدلّك بدنه، ويبدأ بالجهة اليمنى ثمّ الجهة اليسرى.