قضت المحكمة التأديبية بفصل رئيس الوحدة المحلية لمدينة رأس علم، بعد ثبوت تقاضيه رشوة مالية مقابل إنهاء إجراءات ترخيص مستودع لبيع الخمور والمشروبات وتخفيض وظيفة مسئول تراخيص المحلات الذي حصل ايضًا على زجاجات خمر على سبيل الرشوة رغم اتصال علمهما بقرار محافظ البحر الأحمر بحظر إصدار تراخيص أو تجديدها لأي مخزن من مخازن بيع الخمور والمشروبات الروحية داخل الحيز العمراني.
وقائع الدعوى بدأت بمذكرة رئيس نيابة البحر الأحمر الكلية الموجهة إلى النيابة الإدارية بالقصير بطلب إقامة الدعوى التأديبية قبل المتهمين لما أسند إليهما في تحقيقات النيابة العامة والتي تخلص وقائعها في بلاغ مدير الإدارة الهندسية بالوحدة المحلية لمدينة مرسى علم الى الرقابة الإدارية, بأن المتهم الأول إ. س. رئيس الوحدة المحلية لمدينة مرسى علم عرض عليه مبالغ مالية مقابل إنهاء ترخيص حانوت لبيع الخمور خاص بالمتهم فايز جورج لبيب بالمخالفة للقوانين واللوائح, وبعد استصدار إذن من النيابة العامة قامت الرقابة الإدارية بتسجيل المحادثات الهاتفية واللقاءات التي دارت بين المحالين والمبُلغ والمتهم المذكور, الأمر الذي أسفر عن ضبط المحال الأول حال قيامه بتسليم المبُلغ أبو العلا السعيد أبو العلا مبلغ ألفي جنيه كجزء من الرشوة بهدف قيام الأخير بإنهاء إجراءات الترخيص الخاص بالمتهم فايز جورج لبيب.
وانتهت النيابة العامة إلى ثبوت قيام المتهم الأول بطلب رشوة لنفسه والمتهم الثاني ج. ر. مسئول تراخيص المحلات، وكذا تحصل المحال الثاني على عطايا عينية, وذلك مقابل إنهاء إجراءات الترخيص الخاص بالمتهم فايز جورج لبيب بالمخالفة للقانون, وهو ما يكفي لتقديم المحالين إلى المحاكمة الجنائية، إلا أن النيابة العامة ارتأت أن إحالتهما إلى المحاكمة الجنائية يترتب عليها الزج بهما في غياهب السجون لمدة قد تصل إلى السجن المؤبد, وهو ما سوف يكون أشد جسامة مما أقترفت يداهما, الأمر الذي انتهت معه إلى إحالتهما للنيابة الإدارية لمحاكمتهما تأديبيًا.
شددت المحكمة على أن مسلك المحال الأول من كونه طلب لنفسه ولغيره وقبل عطية من المال على سبيل الرشوة لأداء عمل من أعمال وظيفته قد ثبت في حقه على نحو جازم أطمأنت إليه المحكمة ووقر فى وجدانها وعقيدتها على نحو قطعى ويقينى لا مراء ولا شك فيه , لاسيما في ضوء أن التسجيلات الصوتية التي تم الاستناد إلى مضمونها تم عرضها بمعرفة النيابة العامة على خبير فني من الهيئة الوطنية للإعلام، والذي قرر بعد أخذ بصمة صوت المحال الأول والمبُلغ والمتهم بمطابقة الأصوات الواردة بالتسجيلات لأصوات المذكورين
وكان هذا السلوك المعيب يعد إخلالا جسيما بكرامة الوظيفة، ولا يستقيم مع ما تفرضه عليه من تعفف واستقامة وبعد عن مواطن الريبة والدنايا، وينم عن سوء الخلق، وضعف النفس والاعتياد على استحلال المال الحرام دون وازع من نفسه أو خشية من ربه، فارتضى لنفسه أن يحصل على ما لا يستحق واستغل نفوذه وسلطته لمخالفة القانون، وتلك النفس الأمارة بالسوء لا تستقيم وموجبات الوظيفة العامة وما تتطلبه من نزاهة وأمانة وتعفف واستقامة، الأمر الذى يضحى معه فى استمرار المحال الأول فى الوظيفة العامة دربا من دروب العبث, بحسبانه قد فقد بهذا السلوك الأهلية والصلاحية لشغل الوظيفة العامة، مما يكون معه فصل المذكور من الخدمة أمرا متعينا لعدم صلاحيته للاستمرار فيها وحتى وليكون عبرة لمن تسول له نفسه نهج ذات السلوك
وعن المخالفة المنسوبة للمحال الثاني والتي تتمثل في قيامه بأخذ عطية وهي زجاجات من الخمر والمشروبات الكحولية على النحو المبين بتحريات الرقابة الإدارية على سبيل الرشوة وذلك لأداء عمل من أعمال وظيفته ألا وهو قيامه بالتوقيع كمسئول الرخص على الرخصة الصادرة من مجلس مدينة مرسى علم رقم 2 لسنة 2020 للمحل رقم (6) بالعقار رقم (50) شارع (68) بدائرة قسم شرطة مرسى علم ونشاطه مستودع بيع خمور, بالمخالفة لقرار محافظ البحر الأحمر رقم (126) لسنة 2001 والمتضمن حظر تجديد تراخيص لأي مخزن مخازن بيع الخمور والمشروبات الروحية داخل الحيز العمراني بالمحافظة, فقد اطلعت المحكمة على التحقيقات وما تضمنته من تسجيلات وشهادات على النحو سالف بيانه حال بحث المخالفة المنسوبة للمحال الأول
وإذ تبين للمحكمة إقرار المحال بهذه المخالفة، واطمأنت إلى ارتكابه لها من خلال اطلاعها على تفريغ المكالمات الهاتفية التى تمت بين أطراف الواقعة على النحو سالف البيان، واتضح لها أن المشروبات الكحولية التى حصل عليها المحال لم تكن هى الرشوة التى يأمل فى الحصول عليها مقابل تسهيل إصدار الترخيص للمتهم المذكور، وأنه كان موعودا بالحصول على مبالغ نقدية مقابل ذلك، ومن ثم تكون هذه المخالفة ثابتة في حقه ثبوتاً يقينياً، مع مراعاة أن المحال لم يكن سوى أداة طيعة فى يد المحال الأول رئيسه الأعلى الذى مهد له طريق الحرام، وسهل له ارتكاب المخالفة، وقضت المحكمة بمجازاة المحال الأول بالفصل من الخدمة، ومجازاة المحال الثاني بالخفض إلى وظيفة في المستوى الأدنى مباشرة.