لا تزال أجواء تطبيق الإجراءات الاحترازية والتدابير الوقائية تسيطر على محافظة أسوان لمواجهة انتشار فيروس كورونا.

وفى هذا الإطار رصدت كاميرا "صدى البلد" هذه الأجواء حيث إن إجراءات غلق الحدائق والمتنزهات مازالت مستمرة بشكل كامل لمنع أي تجمعات بها ووقف أي مظاهر احتفالية بالعيد للحد من جائحة كورونا ، مع غلق الأماكن الترفيهية المختلفة .

واقرأ أيضاً:

شون وصوامع أسوان تواصل استلام الأقماح من المزارعين

بسبب غلق الحدائق والمتنزهات.. أجواء هادئة في أسوان خلال أيام العيد

ومن أبرز المواقع الترفيهية التي تم إغلاقها ضمن سلسلة الإجراءات الاحترازية الحديقة النباتية بمدينة أسوان والتي كانت تشهد خلال السنوات الماضية إقبال كبير من المواطنين والزائرين وخاصة فى فترة الأعياد كعيد الفطر والأضحى وشم النسيم ، ولذا نلقى الضوء علي تاريخها حيث يعود إنشاؤها إلى عام 1898 فى أثناء الإحتلال البريطانى لمصر حيث قام اللورد كيتشنر قائد قوات الحملة البريطانية لإخماد الثورة المهدية فى السودان بتخصيص مكان هذه الحديقة ليصبح مقرًا لقيادة هذه الحملة نظرًا لموقعها الإستيراتيجى المهم من الناحية العسكرية حيث أنها تعد جزيرة نيلية بيضاوية الشكل تقع قبالة مدينة أسوان .

وموقع الحديقة متفرد على مستوى العالم حيث تتجمع فيه ثلاثة عناصر للجمال لا توجد فى أى مكان آخر على مستوى العالم فهى تطل على الجبل الغربي الغني بالكنوز الفرعونية الذى يبدأ بمقابر النبلاء شمالًا وينتهى بمقبرة أغاخان جنوبًا بإرتفاع قدره 50 مترًا فوق سطح المياه وبطول 1,5 كم على نهر النيل مباشرة ، كما أن الحديقة تقع على جزيرة رائعة تحيط بها المياه من كل مكان ، وتحتوى على أندر مجموعة نباتية في الشرق الأوسط، بخلاف عبقرية التاريخ لهذا المكان الذى يعود تاريخه إلى نهاية القرن الـ19.

واللورد كيتشنر حينما جاء إلى موقع الحديقة بدأ فى إنشاء مبنى لقيادة حملته العسكرية ومازال هذا المبنى موجودًا حتى الآن ، وتوجد فيه إدارة الحديقة حاليًا ، ولم يكن في هذه الجزيرة سوى بعض أشجار الجميز والبلح والدوم ، ولكن مع دخول فصل الصيف وإرتفاع درجات الحرارة أصدر اللورد كيتشنر أوامره إلى الجنود الذين ينتمون إلى بلاد مختلفة مثل الهند ووسط أفريقيا وغيرها بأن يأتوا عقب عودتهم من الإجازة بنباتات مختلفة من أجل زراعتها فى المكان لتخفيف حدة الشمس ، ومن هنا كان التنوع النباتى فى الحديقة.

وعقب جلاء الحملة البريطانية عن أسوان بدأت وزارة الأشغال المائية فى الإشراف على المكان وأسندت إدارته إلى مصلحة البساتين التابعة للوزارة آنذاك ، وحينما وجد المسئولون في مصلحة البساتين هذا التنوع النباتي الكبير تم التفكير فى أن تكون هذه الجزيرة تجربة بحثية لمعرفة مدى تأقلم الأنواع النباتية على الطقس شديد الحرارة في الصيف ، وبدأوا فى إرسال البعثات لجلب نباتات إستوائية وشبة إستوائية إعتبارًا من عام 1928 وزراعتها بالحديقة ، وإستمر الحفاظ على هذه النباتات من وقتها حتى الآن .

وتعتبر الحديقة النباتية جاذبة للعظماء والمشاهير وذلك لكونها مزارًا سياحيًا تاريخيًا يتوافد اليه الزائرون والسائحون بشكل مستمر وخاصة أنها مدرجة على البرامج السياحية لمختلف الجنسيات بكافة دول العالم ، وهذا ما جعلها تحقق معدلات وأرقاما قياسية فى نسبة الإقبال من المصريين والأجانب خلال أيام الأعياد والمناسبات المختلفة حيث توافد على الحديقة الكثير من المشاهير والشخصيات العامة منذ إنشائها ، فكل من يزور أسوان يضع فى مقدمة برنامجه السياحى زيارة هذه الحديقة السياحية .

وللحديقة تاريخ أثرى، إذ أطلق المصريون عليها قديما، إسم حديقة "السردار"، نسبة للحاكم الإنجليزي سردار الجيش اللورد كتشنر الذي أنشأها، ومن أهم زوار حديقة النباتات جواهر لإل نهرو، رئيس وزراء الهند الأسبق، والملكة إليزابيث، ملكة إنجلترا، وتيتو، رئيس يوغوسلافيا الأسبق، وملك مصر فاروق الأول، وابنته الأميرة فريال، التى أطلق إسمها على إحدى الجزر المقابلة لحديقة النباتات.

وتعد الحديقة من أهم المقاصد السياحية داخل محافظة أسوان خاصة فى المناسبات والأعياد وذلك نظرًا لموقع الحديقة المميز وسط النيل بمدينة أسوان، وضمها لأكثر من 740 نوعًا نباتيا نادرا وأشجارا معمرة إستوائية وشبه إستوائية ، كما أنها تقع على مساحة 17 فدانا وبها 27 حوضًا زراعيًا يضم مختلف الأشجار والنباتات الخشبية والإستوائية والعطرية والزينة ، بجانب المتحف النباتى والمكتبة ومركز أبحاث زراعية ويتم الذهاب إليها بالمراكب الشراعية أو الموتور فى رحلة نيلية ، وكان يتم التجول داخل الحديقة وسط النباتات النادرة مع الاستمتاع بالمناظر الطبيعية المحيطة بالحديقة من رمال صفراء على البر الغربى ومياه النيل الزرقاء والخضرة فى كل مكان داخل الحديقة .