لحظات من الرعب والهلع والدمار يعيشها سكان قطاع غزة الفلسطيني نتيجة غارات قصف الاحتلال الإسرائيلي العنيفة من جهات عدة خلال الأسبوع الماضي و التي ما زالت مستمرة حتى الآن في أيام عيد الفطر المبارك مخلفة 139 شهيداً منهم أطفال وسيدات وكبار سن وصغار.
تواصل «صدى البلد» مع أميرة الزعانين، احدى شاهدات العيان على المعاناة التي يشهدها سكان قطاع غزة، موضحةً أن الأوضاع في غزة تفوق حد الرعب وذلك يرجع إلى القصف العشوائي على المواطنين من قبل الاحتلال الإسرائيلي على المنازل وخارجها.
«بنشوف الموت بعنينا كل ثانية، ونحس الضربة الجاية هتكون عندنا احنا».. بهذه الكلمات تشير أميرة الزعانين إلى أنها وعائلتها المكونة من 11 فردًا، منهم 4 أطفال- أكبرهم 10 سنوات وأصغرهم يبلغ من العمر أسبوع واحد- يتجمعون في غرفة واحدة بالمنزل طوال الليل خوفاً من أن يستشهدوا متفرقين إذا قصفهم الإحتلال الإسرائيلي ويتحسرون على بعضهم البعض.
تنتظر العائلة الفلسطينية مثلها مثل الكثير من العائلات المجاورة ضوء النهار حتى يخرجوا من غرف منازلهم متفقدين ما حدث حولهم كما يطمئنون على بعضهم البعض بعد ليلة دايمة من قصف الاحتلال الإسرائيلي لهم رأوا فيها الموت بكل مكان وفي كل لحظة وهم ينظرون لكنهم يذكرون الله في قلوبهم ويدعون لنصرة وطنهم.
وتتساءل أميرة بتعجب ممكن يحدث حولها: «تخيلي تكوني قاعدة في بيتك في أمان الله، وقربت على نص الليل، وبتتهجزي انتي والعيال عشان تنامو؛ يبتدي الضرب والقصف في كل مكان، واللي أول ما يبدأ ينور زي النار، وبعد كدا بيحصل الإنفجار بالصوت المرعب والمخيف، الأطفال تصرخ وتصوت وتعيط وانتي تحاولي تهديها وسط ضرب شغال فوق رؤسهم في كل مكان، جنب البيت أو في الشارع وتتشاهدوا عند كل ضربة عشان متعرفيش هتوقع فين، والبيت بيهتز مع الضرب والشبابيك تتكسر». .
«عياط وصراخ وقهرة من الظلم».. بهذه الجملة تنوه أميرة إلى أصعب موقفين مرا عليها، الأول: رؤيتها لصورة طفلة شهيدة توفيت وهي تحمل “شيكل”عيديتها في يدها، مما أثار وجع في قلوبهم وصدمة في نفوسهم لا يمكن نسيانها، والموقف الثاني: طفل يبحث عما تبقى من أبعابه بعد هدم منزله، مبينة أنهم يوهمون الأطفال بأن ما يسمعونه مجرد ألعاب نارية للعيد؛ لأن عقلهم لن يستوعب ما يجرى حولهم من عدوان المحتل الإسرائيلي.
أصعب الليالي التي مرت على أميرة كانت ليلة الجمعة 14 مايو 2021 وبالتحديد في تمام الساعة الـ 12 عشر منتصف الليل فكان ليلة كارثية موشحة بالموت وعبارة عن كتلة من الرعب والدمار كما تصفها، حيث لا يكون بينهم وبين الموت إلا لحظات معدودة وتتوقع أن تكون الضربة التالية تستهدفها وعائلتها ويعلوها الانفجارات في كل مكان من كل حدب وصوب، جانب تارة بجوار المنزل وأخرى في الشارع المقابل، ووسط ألسنة النار التيتتطاير في كل مكان بالمنزل يهتز.
«في الدقيقة أكثر من خمس غارات» .. هكذا تضيف أميرة بأنه مع قوة الضربات وقربها ومع كل انفجار كانوا ينطلقون الشهادة والخوف يسكنهم وسط صراخ الأطفال الذين لم يستطيعوا تهدئتهم وكانوا يردوا لهم: «ما تخفوش بيسيرش اشي بعيد» وسط خوف هيستيري و بيوت تسقطت فوق روؤس ساكنيها، ولا يمكنهم الخروج ولا الحركة وتبحث عن مكان آمن بين جدران المنزل لتختبئ فيه في حال أنه أصبح عرضة للقصف والانهيار في أي ثانية وسط دقائق مميتة مرت وكأنها جحيم لا رحمة فيها محفوفة بالدعوات أن تمضي سريعة وتنتهى أصوات ومشاهد مهولة ومخيفة قد لاتتتكمن من وصف بشاعتها.
أهل الحي الذي فيه أميرة أختبئوا في منازلهم وبعضهم اختبىء في المستشفى طمعًا في الأمان الا أن توقف القصف وبدأ صوت سيارات الإسعاف من كل مكان للبحث تحت الإنقاض، منوهًا أنه بحمد الله لم يكن هنالك شهداء في مدينتها بعد تلك الليلة لكن الرعب كفيل بكل شي وأنه كتبت لهم حياة جديدة بعد موت كان أقرب لأن يكون حتمي، بقينا مستيقظين نفزع مع كل صوت منتظرين الصباح أن يحل ونتفقد أنفسنا بعد هذا الوقت المرير، مختتمةً: «الحمد الله من قبل ومن بعد، ورسالتي الأخيرة لكل العالم، احنا في غزة بنتعرض للموت في كل لحظة والدمار مخيف جدًا، وكل الي بيحصل فدا القدس والأقصى ».