تصدر مسلسل الطاووس الحلقة 26، مؤشرات البحث (تريند) على محرك جوجل، بعد ساعات من عرض الحلقة وإثارة الجدل على السوشيال ميديا، وذلك في ظل تصاعد الأحداث بشكل مثير ومشوق للغاية، والتي كانت بدايتها مع تقرب حماد الشخصية التي يقدمها الفنان مهند حسني في التقرب من المولى عز وجل، مرورا بفضح الإعلامية ليلي نصار، الشخصية التي تقدمها الفنانة رانيا محمود ياسين، لابنها منزلاوي، الشخصية التي يلعبها " أحمد إمام"، بإذاعة تقرير مصور على الهواء لأبنها وهو يبيع المخدرات، الأمر الذي انتهى في نهاية الحلقة بقيامه بالانتحار محروقا.
وفور انتهاء الحلقة اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي والسوشيال ميديا، مشيدين بجميع فريق عمل المسلسل، والمخرج رؤوف عبد العزيز، الذي قدم لنا فن هادف، وطرح لنا العديد من القضايا والموضوعات التي ترفع شعار المرآة خط أحمر، وتدق ناقوس الخطر للمجتمع للعنف ضد المرأة.
ويرجع ذلك إلي وجود مخرج واعي للواقع ومخلصاً للفن يهتم بالإنسان والواقع الذي يعيشه ، كالمخرج رؤوف عبد العزيز، والذي رسم الواقع مثلما يراه في مخيلته من دون تحريف، و قدمه من زاويته الإبداعية الحرة و يشعر بالمسئولية نحو المجتمع وبالولاء نحو المضمون الاجتماعى، وبالمنوال نفسه استطاع أن يقدم رسالة الفن و الدور والهدف منه من خلال المسلسل، كما نجح فى خلق صورة تعبيرية مجازية و موازية على الشاشة مغلفة بالصدق الفنى و مناسبة تماما لقبح جريمة الاغتصاب بعيدًا عن فكرة التصنع ، رغبةً منه في صناعة مسلسل عالي الجودة فنياً، و اطلاق صرخة إنذار عالية و شديدة اللهجة لتوعية كافة النساء عما ينتظر فى هذا المجتمع، حيث انه لم يرصد فقط الجريمة من كونها صادمة وخطيرة على مجتمع المصري فحسب، وإنما أيضاً رصد إصرار الضحية على نيل حقها من المغتصبين.
فالمخرج الجرئ الذكى لم يتوان عن توظيف الصورة لخدمة القصة مهما بلغت جرأة التناول، خاصةً أن القصة نفسها مؤلمة وفجة في قسوتها، وجاء حادث الاغتصاب المؤلم صادماً ومخيفاً ومعلناً عن عصر مخيف تعيشه النساء في المجتمع المصري مشيرا إلى غطرسة طبقة اصحاب السطوة والنفوذ، الذين تربوا على أن كل شيء ملك لهم ، فاغتصبوا مقدرات الناس وأطاحوا باحلامهم في الحياة الكريمة لدلالة على تعبير أوسع واشمل عن اغتصاب تلك الطبقة لكل مبادئ وقيم المجتمع.
استطاع رؤوف، أن يقدم كل عناصر الجذب والتشويق التي يرغب فيها الجمهور زائد التأكيد على القيم الأخلاقية الراسخة لدى المشاهد المصري من خلال خطوط درامية قوية فصلت بين الضحية والجاني بلغة القانون وسيادته وكان هناك حرص على عدم تجاوز الحد الأدنى من الأخلاق وقيم المجتمع، وألا يشاهد المتفرج شيئا غير مقبول أو مبتذل أو غير راض عنه أو يخجل منه.
وبعيدا عن الشاشة كان للمسلسل آراء ومواقف واضحة في التصدي لقضايا الاغتصاب والعنف ضد المراءة ، ودعم من يتعرضن له، وحثهن على مواجهته وعدم الخوف و كسر حاجز الصمت و الإبلاغ عن الوقائع التي يتعرضن لها، والمطالبة بقانون رادع لتلك الأفعال التي يقوم بها المتحرشون و الاستنفار القوى ضد التحرش والاغتصاب وضد كل من يبرره ليكون دور الفن الحقيقي أن يترك أثره الفعال وبصمته في تراجع مثل هذه الجرائم، بشرط استمرار مواجهتها بنفس القوة والحسم و توضيح أن التحرش والاغتصاب في الأساس مرض نفسي قبل أن بكون جريمة.
كما يعكس المسلسل ، رسالة مهمة تكمن في أن كل أشكال العنف ضد المرأة مرفوضة مجتمعيًا، ويرصد للناس كواليس هذا العنف وتأثيره نفسيًا واجتماعيًا على الضحايا الفتيات والأهالى والمجتمع ككل، لأن الموضوع ليس مقتصرا على الأنثى فقط ولكن الشباب المغتصبين أنفسهم والتربية الخاطئة لهم من أهاليهم، ويعتبر صحوة توعوية للحد من هذه الظاهرة التي ازدادت في مجتمعنا مؤخرًا.
كما أن جراءة المسلسل في تقديم قصة واقعية تحسب للمخرج رؤوف عبد العزيز الذي نجح في إخراج مثل هذا العمل بكل ما فيه من ميلودراما شديدة الواقعية فتتجلى استاذيته في هذا العمل عندما استوعب تماما إمكانيات و متطلبات الدراما المصرية وجمهورها وشروط المتفرج المصري في تقديم قضية اجتماعية من الواقع تلامس الجمهور العادي.
يشار إلي أن مسلسل الطاووس، بطولة النجم جمال سليمان، وسيدة المسرح العربي سميحة أيوب، وسهر الصايغ، وأحمد فؤاد سليم ، هبة عبد الغني، ومها نصار، رانيا محمود ياسين، وهالة فاخر، وخالد عليش، وعابد عناني، والفنانة الشابة فرح الزاهد، سيناريو وحوار كريم الدليل وإشراف على الكتابة المؤلف محمد ناير، وإخراج رؤوف عبد العزيز.