لم تنتهي الأزمات بين بريطانيا والدول الأوروبية المجاورة لها بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في ديسمبر عام 2020، ولكن ظلت بعض هذه الأزمات مستمرة حتى الآن وتمثل أزمة حقيقية بين بريطانيا ودول الأوروبية الأخرى، وأخر هذه الأزمات هى أزمة جزيرة جيرسي بين بريطانيا وجارتها في القارة الأوروبية فرنسا الخصم التاريخي للمملكة البريطانية.
تتمثل الأزمة في التراخيص التي تمنحها جزيرة جيرسي، التابعة لبريطانيا، للمراكب والصيادين الفرنسيين، حيث بدأ الخلاف بين الدولتين بسبب التغيرات التي حدثت بسبب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي حول حقوق الصيد لأساطيل المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي.
الجزيرة جيرسي
تقع الجزيرة في القنال الإنجليزي شمال غرب أوروبا، وتبعد عن جنوب إنجلترا 160 كم وتبعد عن سواحل فرنسا الشمالية 16 كم.
وهي ليست جزء من المملكة المتحدة لكنها تتبع التاج البريطاني وهي تتمتع بأحد أشكال الحكم الذاتي، بينما حماية الجزيرة تقع على عاتق القوات البريطانية.
يبلغ عدد سكان الجزيرة حوالي 100 ألف نسمة وعاصمتها هي مدينة" ساينت هيلير"، واللغات الرسمية بها الإنجليزية والفرنسية.
وتعتبر الجزيرة من أغنى مناطق العالم حيث يبلغ ناتج الفرد السنوي حوالي 45 ألف جنيه إسترليني حسب (إحصائيات عام 2019) وبذلك احتلت المركز السادس عالميا، ويبلغ ناتج الجزيرة السنوي 6,63 مليار دولار.
كما يقوم اقتصاد الجزيرة بشكل أساسي على الخدمات المالية والسياحة والتجارة الالكترونية والأنشطة الزراعية والقليل من صيد الأسماك.
بداية الأزمة بين بريطانيا وفرنسا
بموجب اتفاق التجارة الخاص بالبريكست الذى أجرته بريطانيا مع دول الاتحاد الأوربى، والذي دخل حيز التنفيذ في 1 يناير من هذا العام، يستمر الصيادون في الاتحاد الأوروبي بـ التمتع ببعض الحقوق في الصيد في مياه المملكة المتحدة كجزء من فترة انتقالية حتى عام 2026.
ومع ذلك فبموجب القواعد الجديدة، يجب أن تحصل قوارب الاتحاد الأوروبي التي ترغب في الصيد على بعد 12 ميلا من ساحل المملكة المتحدة على ترخيص، وإثبات أن لديها تاريخا في الصيد في تلك المياه من أجل الاستمرار في العمل، أي تقديم أدلة على أنشطة الصيد الماضية، ولكن ولم تمنح جيرسي هذه التراخيص لبعض القوارب التي تقدمت بطلبات الصيد في مياهها.
ومع هذا التعنت من جانب حكومة الجزيرة احتج أكثر من خمسين زوقا فرنسيا للصيد أمام سواحل الجزيرة احتجاجا على هذا الوضع.
تصاعد الخلاف بين بريطانيا وفرنسا
تصاعدت الخلافات بين الدولتين على أثر هذه الأزمة، مما أسفر عن إرسال بريطانيا للسفينتين "إتش إم إس سيفرن" و"إتش إم إس تامار"، التابعين للبحرية الملكية تخوفا من حصار محتمل من قبل قوارب الصيد الفرنسيين على سواحل جزيرة جيرسى، بينما أعلنت بريطانيا أنها أرسلت هذه السفن لتنفيذ "دوريات أمنية بحرية" كإجراء احترازي.
وردت فرنسا على إرسال بريطانيا سفنها الحربية للجزيرة، بإرسالها هى الآخرى لسفينتي دورية فرنسيتين يوم الخميس في موقع غير بعيد عن جزيرة جيرسي، كما توعدت فرنسا بقطع الكهرباء عن الجزيرة حيث تزود فرنسا الجزيرة بـ 95% من الطاقة الكهربائية التي تصل جزيرة جيرسي.
خلافات قديمة بين فرنسا وبريطانيا على حقوق الصيد
لم تكن هذه الأزمة هى الأولى من نوعها بين البلدين، فكان هناك ما يعرف باسم "حروب القد" بين سفن الصيد الآيسلندية والبريطانية من 1958 إلى 1976.
كما اندلعت اشتباكات بسبب تأكيد آيسلندا سيطرتها على البحار المحيطة بالجزيرة، ورافقت سفن البحرية الملكية مراكب الصيد البريطانية آنذاك.
كذلك اندلعت ما أطلق عليه "حروب الإسكالوب" في صيف 2018، ودار النزاع بين فرنسا وبريطانيا حول حقوق الصيد في خليج "السين" الثري بالثروة السمكية، حيث يسمح للصيادين من البلدين بالصيد فيه، ورغم ذلك اشتعل الخلاف عندما انهار اتفاق سابق يقضي بإبعاد الصيادين من الطرفين عن المنطقة لشهور قليلة كل عام.