أزهر الصعيد..المسجد العمرى بقوص تحفة معمارية تمزج بين الحضارة الاسلامية والعمارة الرومانية..يضم منبر من أقدم 3 منابر على مستوى العالم.
مرور حوالى 10 قرون على بناء المسجد العمرى بمدينة قوص جنوب قنا، أعطى للمبنى التاريخى قيمة و أهمية حولته إلى مزار دينى و سياحى يقصده المصلون والزوار من مختلف البلاد، للاستمتاع بأداء الصلوات وسط أروقة وجدران المسجد الذى حظى بجلوس علماء وفقهاء لهم مكانتهم على مدار عشرة قرون، أو حفظ آيات من كتاب الله الكريم على أيدى كبار المحفظين الذين حفروا أسمائهم بأحرف من نور بين جدران المسجد العتيق.
المكانة الدينية للمسجد ليست وحدها التى جعلت منه رمزاً و قيمة تاريخية بين مساجد عالمية، فالشكل المعماري الذي يشبه بناء الجامع الأزهر، له دور هام فى أن يحظى المسجد بقيمة كبيرة بين المبانى التاريخية، ومن قبل المبنى بقايا الأعمدة الرومانية التى تزين المسجد، وبعض المقتنيات التى ترجع لعصور مختلفة ومخزنة في مؤخرة المسجد.
الفترات الزمنية التى شهدها المبنى الشامخ للمسجد العمري، تركت بقايا وقطع تحكى فترات هامة من عمر الوطن وعمر المسجد، من أبرزها قطعة تزين المحراب المملوكى تعود للعام 473 هجرية، مدون عليها، الآية الكريمة " إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر"، كما يضم المسجد منبر من أقدم 3 منابر على مستوى العالم الاسلامى يعود تاريخه للعام 550 هجرية وفقًا للنص الأثرى المدون بالخط الكوفى على المنبر العتيق.
القرون العشرة للمسجد العمرى بقوص، جعلت منه أقدم مسجد فى محافظة قنا، والمقصد الأول للباحثين عن تاريخ التراث الاسلامى، فمازال المسجد محل بحث و استقصاء لكثير من الباحثين فى تاريخ المسجد العتيق، و الذى يطلق عليه العلماء و طلاب العلم " أزهر الصعيد" لطرازه المعمارى الذى يشبه الأزهر الشريف فى طرازه المعمارى وحلقاته العلمية.
المسجد كان لفترة قريبة من أهم مصادر نشر صحيح الدين والعلوم المختلفة فى صعيد مصر وليس محافظة قنا فحسب، كما كان مقصدًا لطلاب العلم للاستفادة من الدروس التي يلقيها علماء وفقهاء أجلاء، كان لكل واحدًا منهم ركنًا ثابتًا بين أعمدته العتيقة المزروعة من بقايا معبد روماني قديم، يتراوح عددها من 40 إلى 50 عمودًا أثريًا.
و قال حسنى عزب "مفتش آثار اسلامية و قبطية" المسجد العمرى بقوص من أهم الآثار الاسلامية بصعيد مصر قاطبة، توجد به قطعة أثرية قديمة تعلوا المحراب المملوكى يرجع تاريخها لعام 473 هجرية تعود للخليفة الفاطنمى المستنصر، وهى لوحه لها مثيل بالمتحف الاسلامى بالقاهرة تكلم عنها الباحث الفرنسى جان كلود جرسان فى كتابه " قوص مركز اسلامى لصعيد مصر"، كما يحوى المسجد منبر فريد من نوعه يعود للعام 550 هجرية ، و يعد أحد أهم و أقدم 3 منابر على مستوى العالم الاسلامى، الأول بالمسجد العمرى بمدينة قوص، و الثانى فى مسجد داخل دير سانت كاترين بسيناء، و الثالث فى مسجد حضرون بمدينة الخليل بفلسطين.
و أشار عزب، إلى أن تكرار مسمى " العمرى" فى مدن كثيرة بصعيد مصر، مثل" أرمنت وقفط و ادفو و اسنا و نجع حمادى" وغيرهما، يرجع إلى أن أول جامع يبنى فى أى مدينة تفتح خلال الفتح الاسلامى، كان يسمى بـ" العمرى" تيمنًا بمسجد عمرو بن العاص فى القاهرة، الذى كان أول مسجد فى مصر.
و أضاف محمد الصاوى- مفتش آثار اسلامية، يزخر المسجد ببعض القطع النادرة من أبرزها المنبر، و كرسي خشب للمصحف الشريف مصنوع بطريقة الحشوات المجمعة و يحيط بالكرسي من أعلاه شريط من الكتابة بالخط النسخ و بالخشب البارز، وهي كتابة لآية الكرسي ونص خاص بإنشاء هذا الكرسي للمصحف المبارك، و من المرجح أن إنشاء هذا الكرسي والمقصورة التي وضع فيها كان مع أوائل القرن الثامن الهجري.
و أشار الصاوى، إلى أن المسجد حظى بأعمال تطوير مستمرة نظرًا لأهميته التاريخية، منها كما هو مثبت في اللوح الرخامي الموجود بنهاية الجدار الشرقي، ومن العمارات الهامة التي أجريت لهذا المسجد تلك العمارة الكبيرة التي أجراها محمد بك قهوجي كاشف في قوص عام 1233 هجرية، و دونت هذه العمارة في ثلاث لوحات، الأولي في لوح صغير مثبت في صحن المسجد، والثانية في لوح رخامي مؤرخ في سنة 1233 هجرية مثبت علي مدخل المسجد.