فورين بوليسي: العودة إلى الاتفاق النووي ستحدث زلزالاً في الشرق الأوسط
السيناتور الجمهوري ليندسي جراهام: إيران سترفع من دعم حماس وحزب الله حال عودة بايدن للاتفاق النووي
تقرير: الشعب الإيراني الخاسر الأكبر من رفع العقوبات عن بلاده
حذرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية في تقرير لها من أن العودة إلى الاتفاق النووي تنذر بتقويض سنوات من التقدم في الشرق الأوسط وتمد طهران بتسعين مليار دولار.
وقال التقرير الذي أعده السيناتور الأمريكي الجمهوري ليندسي جراهام، ومورجان أورتاجوس، المتحدثة السابقة لوزير الخارجية الأمريكي السابق، مايك بومبيو، إن التسرّع في العودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة ستشكل حدثاً مزلزلاً يثير الفوضى وعدم الاستقرار في الشرق الأوسط.
وأشار التقرير إلى أن الرئيس الأمريكي جو بايدن يريد شرق أوسط هادئا نسبياً، على رغم التحديات، حيث شهد اتفاقات تاريخية بين دول عربية عدة وإسرائيل، بعد سنوات من الجمود في شأن الاعتراف بالدولة العبرية، وفي المقابل، عانى الاقتصاد الإيراني بسبب العقوبات الأمريكية وعدم كفاءة طهران في إدارة أزمة كورونا شللاً وضعفاً. فمن منظور تفاوضي يتمتع بايدن بكثير من النفوذ.
من جانب آخر، قال تقرير لـ"فورين بوليسي" إنه إذا ما عادت الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي ورفعت العقوبات عن إيران، فإن إرث الرئيس حسن روحاني الذي تعرض للتدمير قد تتم استعادته بنسبة مقبولة. وأولئك الذين يعتبرون شركاء لروحاني في الاتفاق، وبينهم وزير الخارجية محمد جواد ظريف ، سيكون لديهم رأسمال سياسي أكبر قد يصل إلى درجة الترشح للانتخابات في حال إحياء الإتفاق.
وذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" في تقرير نشرته، الأسبوع الماضي، أن إدارة بايدن تنوي رفع عقوبات تتعلق بالإرهاب عن المصرف المركزي. وعلى الرغم من أن العودة إلى الاتفاق لن تحدث بين عشية وضحاها، إلا أنها قد تحدث بسهولة هذه السنة. وإذا أعاد بايدن الولايات المتحدة إلى الاتفاق، فقد يعكس ذلك الزخم الإيجابي في الشرق الأوسط من خلال زعزعة استقرار ميزان القوى السلمي الذي ورثه بايدن.
ولفت جراهام وأورتاجوس، الى أن الاتفاق وفر المال لإيران، فقبل إعادة فرض الولايات المتحدة للعقوبات عام 2018، كان المصرف المركزي الإيراني يسيطر على أكثر من 120 مليار دولار من احتياطات النقد الأجنبي. وأدت العقوبات الأمريكية إلى حجز عشرات من تلك المليارات، واضطر الضغط المالي إيران إلى سحب الحسابات التي ظلت مفتوحة.
وبعد عامين فقط من حملة الضغط الأقصى، انخفضت احتياطات إيران إلى 4 مليارات دولار. وفي الوقت نفسه، خفضت عقوبات الطاقة الأمريكية صادرات النفط الإيرانية بأكثر من مليوني برميل يومياً، مما حرم النظام من 70 مليار دولار تمول ميزانيته عادةً.
وحذر الكاتبان من أن التحالفات مع إيران تنذر بتقويض الكثير من التقدم المنجز. فقد يحصل النظام على مبالغ تصل إلى 90 مليار دولار في اللحظة التي ينهي فيها بايدن العقوبات.
ويرى التقرير أن العقوبات الأمريكية جمدت 40 مليار دولار من مبيعات النفط والمكثفات في آسيا والشرق الأوسط، بينما لا يزال النظام غير قادر على الوصول إلى 50 مليار دولار أخرى. وفي الوقت نفسه، من المرجح أن تؤدي إعادة تفعيل الاتفاق إلى تنشيط صادرات النفط الإيرانية، مما يضيف ما يقرب من 50 مليار دولار سنوياً إلى خزائن النظام بسعر السوق اليوم.
وسيتم رفع العقوبات الاقتصادية الأخرى أيضًا، مما يعزز قطاعات المعادن والبتروكيماويات في النظام والتي تعتبر حاسمة في تمويل المغامرات الخارجية لـ "الحرس الثوري الإيراني" و سيبدأ الاقتصاد الإيراني في النمو ولن تتأخر حقائب المال بإيجاد طريقها مجدداً إلى "حماس" و"حزب الله".
وخلص التقرير إلى أن هذه المليارات من الدولارات ستعزز نشاطات الدولة الراعية للإرهاب، بعدما تم تخفيض الميزانية العسكرية الإيرانية بالكامل إلى أقل من 20 مليار دولار في السنة. ذلك أن إيران أنفقت أكثر من 16 مليار دولار في دعم الحلفاء في سوريا والعراق واليمن منذ عام 2012 وأرسلت 700 مليون دولار سنوياً إلى "حزب الله".
في سياق آخر، قال تقرير نشره موقع "إيران واير" إن الاقتصاد الإيراني لن يستفيد بالمقدار الذي تتوقعه طهران بعد رفع العقوبات الأمريكية، فقد تضررت العلاقات بين المشاريع والأعمال الإيرانية من جهة والشركات الدولية من جهة أخرى. كذلك، إن الأنظمة التي سهلت التعاون الاقتصادي بين الطرفين لم تعد موجودة. يدرك المواطنون الإيرانيون هذا الأمر ولا يأملون كثيراً باحتمال رفع العقوبات أو حتى باحتمال أن يكون لها تأثير إيجابي على حياتهم بطريقة ملموسة.
وأشار التقرير إلى أن فترة رفع العقوبات لم تتخط 17 شهرًا والبند الذي يعفي الشركات من العقوبات المعاد فرضها لم يُطبق قط، واجهت الشركات والدول التي دخلت في شراكة مع إيران خسائر مالية وائتمانية حين تم تعليق عقودها. والخسارة بالنسبة إلى الشركات الصغيرة كانت باهظة أكثر.
ورأى التقرير أنه إذا رُفعت العقوبات مجددًا، فستعيد الشركات تقييم مخاطرها قبل أن تعود إلى البيئة الاقتصادية الإيرانية. يعني هذا أن الشركات الأضعف سترفض الشراكة مع إيران أو أنها ستضع شروطاً جديدة في عقودها المحتملة، حيث من المرجح أن تكون مضرة لإيران. ستتأكد هذه الشركات من أن تكون قادرة على تغطية خسائرها في حال تم فرض العقوبات مرة أخرى.
وقال إنه على الرغم من انسحاب الرئيس السابق دونالد ترامب من الاتفاق النووي، فإن إيران تتحمل بلا شك مسؤولية انهيار الفرصة التي أتيحت أمامها في ولاية أوباما. مهما كان ما سيحدث، وفي أفضل الأحوال، يمكن أن تبدأ إيران باستعادة بعضٍ من تلك الفرصة. لكن في جميع الأحوال، المواطنون الإيرانيون هم أكبر الخاسرين. سيشعرون بهذه الخسارة، من دون تعويض، طوال سنوات مقبلة.