رسالة ولي العهد السعودي: المصلحة السعودية نهج في العلاقات الخارجية
إشادات خليجية رسمية بمضامين لقاء ولي العهد السعودي
عون يرفض تحول لبنان معبراً للإساءة إلى السعودية
رؤية السعودية 2030 تفكك تراكمات الاقتصاد الريعي
في ظل تعزيز المملكة لتحالفاتها مع جميع شركائها حول العالم بما يخدم مصالحها، تقف الرياض ثابتة دون الإخلال باستقلاليتها وسيادتها في إدارة شؤونها الداخلية، وعدم السماح بأي تدخلات أو تجاوزات دولية، مستندة في ذلك على ميثاق الأمم المتحدة القائم بعد الحرب العالمية الثانية والذي لا يسمح بالتدخل في شؤون الدول الأخرى.
وجاءت علاقة الرياض وواشنطن بنقاط تباين متعددة برزت مع انتخاب إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، إلا أنها لم تؤثر على كونها علاقة استراتيجية طويلة الأمد وتصب مصالحها على الطرفين بشكل متماثل، كما وصفها الأمير محمد بن سلمان.
وأشار ولي العهد السعودي إلى أن المملكة «لا تقبل الضغوط الخارجية» وأن العلاقة مع واشنطن «استراتيجية»، واستشهد بأهمية النفط السعودي في المساهمة بخلق نمو اقتصادي أمريكي يضعها اليوم واحدة من أقوى اقتصاديات العالم، حيث منحت المملكة عقد امتياز النفط السعودي (عام 1933) للولايات المتحدة الأميركية، وفي حال تم إعطاء العقد لبريطانيا في وقتها لكان وضع أميركا اليوم مختلفاً.
وتسعى المملكة حالياً لتعزيز وخلق شراكات جديدة مع روسيا والصين والهند، حيث ذكر ولي العهد أن المملكة «تعمل على صنع شراكات جديدة بما يخدم مصالح السعودية»، وعززت الرياض علاقاتها الاستراتيجية مع بكين خلال السنوات الأخيرة وشملت مختلف أوجه التعاون والتطور، وكانت العلاقات الاستراتيجية الهندية السعودية ملتزمة بالسلام والاستقرار، حيث تجاوزت المصالح الاقتصادية والتجارية لتصل إلى محاربة الإرهاب والعنف والتطرف.
وبالحديث عن إيران أشار ولي العهد السعودي إلى أن «إشكاليتنا في التصرفات السلبية لطهران مثل البرنامج النووي ودعم ميليشيات خارجة عن القانون أو برنامج الصواريخ الباليستية»، إلا أن المملكة تطمح لعلاقات «مميزة وطيبة» مع إيران، وأضاف «نتمنى أن تزدهر إيران ولا نريد لها أن تنهار أبدا».
ويأتي هذا بعد انقطاع للعلاقات السعودية - الإيرانية والذي يكمل عامه السادس، وذلك بسبب انتهاكات طهران المتواصلة، والتي تضمنت دعم الميلشيات في المنطقة منها جماعة الحوثي في اليمن، التي دعاها ولي العهد إلى الجلوس إلى طاولة المفاوضات «للوصول إلى حلول تكفل حقوق الجميع في اليمن وتضمن أيضا مصالح دول المنطقة».
أشادت دول خليجية وشخصيات رسمية، بمضامين اللقاء التلفزيوني، مع الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، الذي تضمن جوانب سياسية واقتصادية، مشيدين بإسهام الرياض في نمو الاقتصاد العالمي، ودلالات حديث الأمير محمد في جوانب دينية لتعزيز الوسطية والاعتدال.
وكان الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي قدم جردة حساب لإنجازات «رؤية المملكة 2030» خلال السنوات الخمس الماضية في حديث تلفزيوني أذيع في عدد من القنوات التلفزيونية، مشيراً إلى أن «كل الأرقام التي كان يعتقد أنها كبيرة وغير قابلة للتحقيق كسرنا أجزاء منها في 2020. مما يعني أننا سنحقق أرقاماً أكبر في 2030».
ولفت في حديث تطرق فيه إلى عدد من الملفات والقضايا المحلية والإقليمية والدولية إلى صندوق الاستثمارات العامة، الذي كشف أنه سيرفع هدفه لعام 2030 من 4 تريليونات ريال (1.06 تريليون دولار) إلى 10 تريليونات ريال (2.6 تريليون دولار)، بعدما حقق نمواً كبيراً خلال الأعوام الماضية.
وأشار إلى أن مساهمة الصندوق في الاستثمارات داخل المملكة ستتجاوز هذا العام حجم الإنفاق الرأسمالي للدولة، معتبراً أنه «محرك للاقتصاد السعودي أكثر من ميزانية الدولة».
وتطرق الأمير محمد بن سلمان في الحوار إلى شركة «أرامكو» والعلاقات مع الولايات المتحدة، وإلى رؤيته في العلاقة مع إيران.
وفي المنامة، أشاد الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد البحريني، رئيس مجلس الوزراء، بما عبر عنه الأمير محمد بن سلمان في اللقاء التلفزيوني، من مضامين بالغة الدلالة والمعاني على الوسطية والاعتدال والعزيمة والإنجاز، وتأكيده على أهمية الدور الأساسي البارز الذي تقوم به السعودية، بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، لحماية أمن واستقرار منطقة الشرق الأوسط، وما تبذله من جهود للإسهام في نمو وازدهار الاقتصاد العالمي، وما تتحمله من مسؤوليات للحفاظ على الأمن والسلم الدولي.
ووفق وكالة الأنباء البحرينية، عبّر الأمير سلمان آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء عن بالغ التقدير لما تميز به حديث الأمير محمد من صراحة ووضوح، وقال ولي العهد البحريني إن الأمير محمد بن سلمان «أطلع العالم بكل شفافية على التوجهات السياسية والاقتصادية المقبلة للمملكة في ظل رؤية 2030، وتأكيده أيضاً أن المملكة ستبقى شريكاً موثوقاً في إمدادات الطاقة وحماية التجارة الدولية، محافظة على مكانتها الدولية المرموقة ضمن أقوى الاقتصادات في العالم، وبعث في الوقت ذاته رسائل تفاؤل وطموح لتحقيق مزيد من التقدم».
وأكد أن مملكة البحرين تواصل المضي قُدماً على النهج السديد للعاهل البحريني الملك حمد بن عيسى، في ترسيخ علاقاتها التاريخية مع السعودية على الأصعدة كافة، وستواصل تنمية مسارات التعاون الوطيد عبر مجلس التنسيق السعودي برؤيته الطموحة لتعزيز تنسيق السياسات الاقتصادية والمشروعات المشتركة بما يعود بالخير على المملكتين الشقيقتين.
وفي أبوظبي، قال الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إن الحديث التلفزيوني للأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد السعودي يعبر عن مواقف متزنة، وأفكار عميقة، ورؤى حكيمة، وطموح بحجم المملكة وقدراتها وتاريخها وموقعها في المنطقة والعالم، وذلك في تغريدة عبر حسابه الرسمي في موقع «تويتر» للتواصل الاجتماعي.
وأضاف ولي عهد أبوظبي: «قيادة تعرف طريقها جيداً نحو المستقبل المشرق للسعودية وشعبها بإذن الله، أسأل الله تعالى له التوفيق والنجاح».
وجدّد الرئيس اللبناني ميشال عون، رفضه أن يكون لبنان معبراً لما قد يسيء إلى الدول العربية، لا سيما المملكة العربية السعودية ودول الخليج، مشدداً على أنه يتم بذل جهود كبيرة لكشف ملابسات «شحنة الرمان المخدرة».
وقال عون: «المملكة العربية السعودية دولة شقيقة، يهمنا المحافظة على التعاون الاقتصادي القائم معها، ونحن اليوم نبذل جهداً كبيراً لكشف ملابسات ما حدث وإعادة الأمور إلى مسارها الصحيح».
وأشار عون إلى أن «الإجراءات التي تم اتخاذها في الاجتماع الموسع الذي عُقد يوم الاثنين الماضي في قصر بعبدا، ستنفَّذ، والأجهزة الأمنية سوف تتشدد في مراقبة حركة التصدير من المرافق اللبنانية البرية والبحرية والجوية لطمأنة الدول التي تستقبل المنتجات اللبنانية الزراعية والصناعية على حد سواء».
يأتي ذلك في وقت كشفت معلومات لـ«الشرق الأوسط» أن أحد أبرز مهربي المخدرات الموقوفين في لبنان، الذي يعد على رأس لائحة مصدّري حبوب «الكبتاغون» إلى عدد من الدول ومن بينها المملكة العربية السعودية، مدعوم في بيروت ودمشق ويقيم شبكة علاقات واسعة في لبنان موازية لتلك التي أقامها مع أبرز الرموز الأمنية والعسكرية في النظام في سوريا ما أتاح له التخلص من الملاحقة حيناً والتوقيف حيناً آخر.
ولفتت المعلومات إلى أنه كان يستخدم من حين لآخر الموانئ السورية وتحديداً مرفأ اللاذقية لتهريب «الكبتاغون» ولكن بعد أن يقوم بتزوير الشهادات الخاصة بالمنشأ والنقل، إضافة إلى أن شحنات التهريب لا تصل مباشرة إلى البلد المحدد لها وإنما تسلك عدة مسالك بحرية، خصوصاً تلك القادمة من الموانئ السورية للالتفاف على «قانون قيصر» الذي يفرض حصاراً اقتصادياً على سوريا من جهة ولتضليل الرقابة المشدّدة للهروب من المفاعيل الاقتصادية لهذا القانون.
على وقع تصريحات ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، أول من أمس، أكد مختصون لـ«الشرق الأوسط»، أن السعودية تمكنت خلال الأعوام الخمسة الماضية من حلحلة تراكمات الاقتصاد الريعي التي كانت تعتمد عليها الدولة طيلة السنوات الفائتة بدلالة واضحة من المؤشرات القطاعية والعوائد غير النفطية الأخيرة.
وبقراءة لمضامين لقاء ولي العهد، أول من أمس؛ بمناسبة مرور 5 أعوام على إطلاق «رؤية المملكة 2030»، شدد المختصون على نجاح مشروع «الرؤية» بحسب المؤشرات والأرقام المعلنة مؤخراً، مؤكدين أنه في المستقبل المنظور ستشهد السعودية تحولات اقتصادية جوهرية في مشروعات التنمية على أصعدتها كافة.
وقال رئيس المركز السعودي للحوكمة، ناصر السهلي، لـ«الشرق الأوسط»، إن الأرقام المعلنة من قبل ولي العهد السعودي تظهر نتائج ملموسة ترجمتها «رؤية المملكة» على أرض الواقع عبر برامجها المتنوعة التي تستهدف القطاعات كافة، وتذهب إلى أن تعتمد الدولة على الإيرادات غير النفطية وتحقق قفزات عالية في أبرز الملفات، أهمها الإسكان والبطالة.
وبيّن السهلي، أن المستقبل واعد أمام السعودية؛ نظراً لوجود رؤى واضحة واهتمام من القيادة العليا في البلاد التي تبحث عن تنمية جودة الحياة وتقديم أرقى الخدمات في مجال الإسكان وتحسين مستوى الدخل للفرد، واستمرارية رفع الإيرادات غير النفطية.
وأضاف السهلي، أن المملكة تشهد تغييرات جذرية شاملة متجددة منذ إطلاق رؤية البلاد وحتى الآن، حيث يلمس المواطن والمقيم تحولاً كبيراً لتطلعات المستقبل، مؤكداً أن الدولة استطاعت تحقيق نتائج سريعة في ملف الإسكان بعد أن كانت إشكالية تواجه المواطن لترتفع نسبة الإسكان من 47 في المائة إلى 60 في المائة خلال أربعة أعوام، بالإضافة إلى امتصاص تأثير «كوفيد - 19» على البطالة في السعودية.
وكان ولي العهد قال في الحوار: «قربنا من أن نكسر أرقام (الرؤية) قبل الموعد المحدد؛ فمثلاً الإسكان هدف (الرؤية) 62 في المائة وصلنا إلى 60 في المائة في 2020... معنى ذلك أنه سبقنا التطلعات في ملف عدد المواطنين الذين يملكون مساكن».
ويرى ولي العهد، أن نمو اقتصاد الدولة سيعود في العام المقبل ليحقق أعلى المستويات، مضيفاً أن البطالة أيضاً في «الرؤية» كانت 14 في المائة في الربع الأول من 2020 ووصلت إلى 11 في المائة، متراجعة من ارتفاعها خلال الجائحة.
وأكد في حديثه، أن الإيرادات غير النفطية ارتفعت من 166 ملياراً إلى 350 مليار ريال، والاستثمارات الأجنبية تضاعفت ثلاث مرات أو أكثر من خمسة مليارات ريال سنوياً إلى 17 مليار ريال سنوياً.