الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

إعلانات تفوق الحدود !!

 

لا أعلم لماذا يُصر المعلن، على استفزاز شريحة كبيرة من المجتمع المصري؟ إعلانات رمضان أصبحت تفوق حدود وإمكانات المصريين.. ولماذا؟ لأن شريحة كبيرة من المواطنين، لا تستطيع تحمل فاتورة ما يقدم لها من خلال الإعلانات.
من الجميل جداً فكرة الإعلانات، داخل العمل الدرامي، كما أتفهم أن من حق منتج العمل أن يبحث عن وسيلة، لاستعادة بعض إنفاقاته أثناء تصوير وعمل المسلسل للحظه خروجه لنا، فلابد أن يكون هناك هامش ربح في النهاية، كما نعلم أن ليس كل ما يعرض هو لله والوطن فقط، وإنما جزء كبير منه، يهدف إلى الربح.. وأصبحت الإعلانات جزء رئيسي من أي عمل درامي رمضاني، لأن سعر الدقيقة للإعلان في رمضان، عشرة أضعاف الأوقات العادية من السنة.
عموماً، قبل أن أبدأ بسرد بعض الجمل المستخدمة في الإعلانات وتفنيدها، ليس حرفياً طبعاً، ولكن من خلال الفكرة التي يقدمها المعلنين أثناء فواصل المسلسلات الرمضانية.
بسم الله نبدأ بالملاحظات على الإعلانات.. أول إعلان يقول: "كل حاجة بتفكر فيها صح، اللايف استايل اللي بتعيش فيه، لابد أن يكون مناسب لك".. وإعلانان تقدمهما فنانة شابة أنا بحبها، وأعتقد أنها محبوبة من الجماهير، تقول باللغة الإنجليزية، والتي لن يفهمها معظم المواطنين، الذين لم يدرسوا إنجليزي، جملاً وسط الإعلان، تعني أن هذه هي الحياة التي أحب أن أعيشها في.....".. إعلانٌ آخر يأتي بمقارنة بين شخص حزين ويائس (وهذا من وجهة نظري أنه قمة عدم الإحساس والاستفزاز للمواطنين) لأنه يعيش في أحياء مصر القديمة، وفي اللقطة التي تعقبها، يضع الشخص ذاته، في حياة تتبدل، بمشهد الفخامة، بمجرد انتقاله للعيش في "كومباوندات" مصر الراقية، ثم فجأة يقول الصوت المصاحب للإعلان: "خليك متفائل.. هي دي الحياة اللي لازم تعيشها".
فكيف لمواطن كادح، يعمل مثلاً في قطاع الحكومة، أن يحلم ولو لمجرد الحلم في السكن بمثل هذه الأماكن؟ ومن أين له أن يسدد فواتير السكن في هذه الأماكن، سواء شقق في عمارات جديدة تكلفتها لن تقل عن 1.5 مليون جنيه، أو "كومباوندات" سكنية في المدن الجديدة، أقل شقة فيها تكلفتها تفوق ال 2 مليون جنيه.. فمن أين له ذلك؟
في المقابل، أعجبني الإعلان الذي يقدمه الفنان المتميز، كريم عبد العزيز عن العاصمة الإدارية الجديدة، فهو يعكس إحساس وطني عالي بمصر وفخر بإنجازات تتم على أرض الواقع لمشروعات تتم في مصرنا الغالية، واختتم الإعلان بأن المدينة التي ستظهر للنور قريباً وسيتحدث عنها العالم، ستكون ملكاً لأبنائنا، أي هم من سيعمرونها.. وشتان بين الفكرتين.. فكرة الإعلان الأول، تبعث اليأس بالفعل في نفس من لا يملك من أمره شيئاً ولا يملك من حُطام الحياة ما يوفِّر له هذه الحياة الكريمة، علماً بأن الشخص الذي يروي الإعلان في البداية، يقول له لا تحزن ولا تيأس، فأنت تستحق أن تعيش سعيداً إذا كنت من سكان هذه الأماكن الفخمة.. أما الإعلان الآخر، فهو يتحدث عن مشروعات وانجازات قدَّمتها مصرنا، بعاصمة لا تقل عن كُبريات ومدن العواصم العالمية، تفرح بها الأجيال القادمة.
من قلبي: فكرة الإعلانات التي نتعَرَّض إليها في المقال هي "الاستفزاز".. أنا لا أعترض عن السكن في مثل هذه "الكومباوندات" وإنما أعترض على الرسالة التي أخفق في كتابتها صاحب الإعلان، فمجرد تشبيهه للمواطن "باليائس" للحياة التي يعيشها وهو أمرٌ لا يستطيع تغييره، قد تدفعه لا قدر الله لارتكاب سلوك عدواني، أو يجعل منه إنسان ناقماً بل وحاقداً على هذه الفئة من الناس.
من كل قلبي: كُنتْ أتمنى أن تتناول الإعلانات، أفكاراً مثل "مبادرة حياة كريمة" التي تقوم بتنفيذها الدولة، والإنجاز الذي يتم على أرض الواقع في كل قرى ونجع وريف بمصر حتى نُظهر جوانب أخرى وشريحة أخرى في المجتمع المصري، ولا نركز فقط على الشريحة المقتدرة، ما كان سيحدث توازناً في كفة الميزان والقيمة المقدم بها الإعلانات، بل وسيكون رمانة الميزان، لمشاريع عملاقة جميلة، ترتقي بحياة الإنسان المصري.
#تحيا_مصر #تحيا_مصر #تحيا_مصر.

 

 

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط