بينما يتباكى الكثيرون في وداع شهر رمضان، ويعج التراث الفني والشعري بكثير من الاعمال التي تودع الشهر الكريم بكلمات رقيقة، غير أن أمير الشعراء سلك مسلكًا آخر، واتخذ نهجا مختلفا من خلال قصيدة "رمضان ولّى" التي احدثت جدلا واسعا في حينها.
كلمات قصيدة رمضان ولّى
كتب شوقي في قصيدته المثيرة للجدل، محتفلا بانتهاء شهر رمضان المعظم ومستقبلا للخمر التي انقطع عنها في شهر رمضان، قائلا:
رَمَضانُ وَلّي هاتِها يا ساقي .. مُشتاقَةً تَسعى إِلى مُشتاقِ
ما كانَ أَكثَرَهُ عَلى أُلّافِها .. وَأَقَلَّهُ في طاعَةِ الخَلّاقِ
اللَهُ غَفّارُ الذُنوبِ جَميعِها .. إِن كانَ ثَمَّ مِنَ الذُنوبِ بَواق
الأَمسِ قَد كُنّا سَجينَي طاعَةٍ .. وَاليَومَ مَنَّ العيدُ بِالإِطلاقِ
وبدا من كلمات القصيدة التي نشرتها الصحف المصرية في وقتها، كم يحتفي الشاعر باستقبال الخمر وانتهاء شهر رمضان، وهو عكس المتعارف عليه لدى المجتمع المصري والإسلامي.
تأويلات القصيدة
البعض هاجم أحمد شوقي غير منتظرًا لأي بيان أو توضيح، باعتبار صراحة ما كتب شوقي ومباشرة المعاني والجُمل التي امتدحت الخمر واشتاقت إليه بشكل فعلي.
وبعضهم ذهب إلى أن امير الشعراء أحمد شوقي، أراد من القصيدة عكس ما تظهره الكلمات والمعاني، وقصد توجيه النقد لمن يخرجون من الطاعة في رمضان لمباشرة المعاصي بعد انتهائه.
الشعراوي وشوقي
أكثر ما انزعج من القصيدة ولم يفوت لـ شوقي تلك الهفوة، الشيخ محمد متولي الشعراوي، الذي كان شابًا في بلاط الأزهر الشريف.
عزم الشعراوي على مقابلة الشاعر أحمد شوقي وبالفعل تمكن من ملاقاته عبر صديق مشترك بينهما.
ويحكي الشعراوي قصة هذا اللقاء فيقول “ ذهبنا إليه وقدمنا إليه أحد الأصدقاء قائلا: هؤلاء شباب من أشد المعجبين بك، ويحفظون شعرك كله، ويأملون فقط في رؤيتك".
وأضاف: "عندما التقينا به سَألني شوقي: ما الذي تحفظه عني؟، فعددت له قصائد عديدة، فسألني: ومن الذي دفعك إلى هذا؟، قلت له إن والدي كان يمنحني مالًا عن كل قصيدةٍ أحفظها لك، فتبسم قائلا: مرحبا بك، وقلت له: إن لنا عتابًا عليك، فسألني: فيمَ العتاب؟!، فقلت له: ما هي حكاية (رمضان ولى هاتها يا ساقي)، فضَحكَ شوقي كثيرًا.. وقال: ألستُم حافظين للقرآنِ الكريم؟!، قلنا: بالطبع نحفظه، فقال شوقي: ألا تعرفون الآية التي تقول: (أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ * وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ) وكان ردًا أفحمَنا".