تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا يقول صاحبه: “ما حكم اللعب بالشطرنج وهل يختلف حكمه عن اللعب بالنرد عند الفقهاء؟ ”.
وأجاب الدكتور شوقى علام مفتي الجمهورية عن السؤال قائلا: إن اللعب بالشطرنج مُباحٌ عند جماهير العلماء سلفًا وخلفًا، ولا شيء فيه ما لم يكن قمارًا، أو سببًا في إسقاط المروءة، أو مفوِّتًا للواجبات والمهمات، أو منقطعًا به عن العبادات.
ونوه مفتي الجمهورية إلى أن الشطرنج والنرد وإن كانا يشتركان في أنهما أداتان للهو، غير أن في الشطرنج إعمال للعقل، وتنشيط للذهن، وتقوية للفكر، بخلاف النرد؛ الذي يقوم اللعبُ به على محض الحظ والمخاطرة.
وأضاف مفتني الجمهورية أن اللعب بالشطرنج أقره جمعٌ من الصحابة والتابعين، وتبعهم جماعة من الفقهاء والمحدِّثين؛ حتى عدَّ بعض الفقهاء ذلك "أشبه بالإجماع" على إباحته لِما وضعت له هذه اللعبة من التدبير والتخطيط وإعمال العقل وتنشيط الذهن، بخلاف النرد على المال؛ لِما فيه من المقامرة المحرمة.
وأوضح مفتي الجمهورية أن من أباحها استدل بانتشارها بين الصحابة والتابعين إقرارًا عليها، وعملا بها، فروى الخطيب مولى سليمان بن يسار قال: كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يمر بنا ونحن نلعب بالشطرنج فيسلم علينا ولا ينهانا.
وروى الضحاك بن مزاحم قال: رأيت الحسن بن علي عليهما السلام مرَّ بقوم يلعبون بالشطرنج فقال: "ادفع ذا ودع ذا".
وروى أبو راشد قال: رأيت أبا هريرة رضي الله عنه يدعو غلامًا فيلاعبه بالشطرنج.
وروي عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: أنه كان يجيز الشطرنج ويلعب بها.
وروي عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما أنه كان يلعب بالشطرنج، فهؤلاء خمسة من الصحابة أقروا عليها ولعبوا بها.
وذكر مفتي الجمهورية أن ما ورد في النهي عنها من آثار عن بعض الصحابة والتابعين: فليست على إطلاقها في الحرمة، بل هي محمولة على الانشغال عن الصلاة عند سماع الآذان، أو ذكر الفحش من الكلام عند اللعب بها، أو تشابه صورتها بالتماثيل المعبودة عند بعض الطوائف.
وأشار إلى أن النصوص التي جاءت باستثناء بعض أشكال اللعب المباح لا تفيد حصر الإباحة فيها، وإنما هي تنبيه على مشروعية ما يفيد من اللعب ونهي عما لا يفيد، وإلَّا فقد رغَّب الشرعُ الشريف إلى تعلم بعض الرياضات المشتملة على المنافع والمصالح مع أنها لم تذكر في الخصال الواردة في الحديث، واللعب بالشطرنج داخل ضمن هذه المعاني؛ لِما تضمنه من معنى التنبيه على مكائد الحرب ووجوه الشدِّ والحزم وتدبير الجيوش.