تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا يقول صاحبه: "ما حكم من يؤذى الناس ولا يتوانى عن ذلك؟".
وقال الدكتور عثمان عويضة أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية ردا على السؤال: إنه على الذين يظلمون الناس ويؤذوهم أن يتقوا من لا ناصر لهم إلا الله، ومراجعة أنفسهم وإصلاح حالهم مع الله.
وأضاف أمين الفتوى أنه يكفى الظالم أو المؤذى أن الناس تكرهه، حتى أننا نردد مثلا يقول "من علامات غضب الله عليه نزع محبته من قلوب العباد".
وأشار عويضة إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "إن شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة من تركه الناس اتقاء شره"، إذا رأيته فى طريق تسلك آخر مخافة أن يصيبك منه ضرر.
ونوه إلى أنه على من يؤذى الناس أو يظلمهم أن يتوب إلى الله، لأنه سيذوق من نفس الكأس التى أذاقها لغيره ولو بعد حين.
تحذير الإسلام من الظُّلم
حذّر الله -سبحانه وتعالى- من الظلم في مواضع كثيرة من القرآن الكريم، وكذلك حذّر الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- منه في السنّة النبويّة، وبيان ذلك فيما يأتي:
قال الله -تعالى-: (إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ).وقال - سبحانه-: (وَلَو تَرى إِذِ الظّالِمونَ في غَمَراتِ المَوتِ وَالمَلائِكَةُ باسِطو أَيديهِم أَخرِجوا أَنفُسَكُمُ اليَومَ تُجزَونَ عَذابَ الهونِ بِما كُنتُم تَقولونَ عَلَى اللَّهِ غَيرَ الحَقِّ وَكُنتُم عَن آياتِهِ تَستَكبِرونَ).
وروى عن النبيّ - صلّى الله عليه وسلّم- قوله: (اتقوا الظلمَ، فإنَّ الظلمَ ظلماتٌ يومَ القيامة).
وقال- صلّى الله عليه وسلّم-: (بابانِ مُعجَّلانِ عُقوبتُهما في الدنيا: البَغْيُ، والعقُوقُ).
أنواع الظلم وكفاراتها
1) ظلم الإنسان لنفسه.. من خلال ارتكاب الذنوب ومعصية الله سبحانه وتعالى، وكفارتها التوبة النصوح المتضمنة ترك الذنوب، ثم الندم على إتيانها، والعزم على عدم العودة إليها مستقبلًا، فإذا تحققت شروط التوبة تلك كانت كفارة للإنسان وتوبةً له، فالذي يكذب على سبيلالمثال أو يغتاب أو ينم يظلم نفسه، وكفارة ظلمه هذا أن يتوب توبةً نصوحًا من تلك الأفعال، وأن يعمل على تغيير نفسه للأفضل من خلال الالتزام بشريعة
الله تعالى في الحياة.
2) ظلم الإنسان لغيره قد يظلم الإنسان أخيه الإنسان حينما يسلبه أمواله دون وجه حق، أو يعتدي عليه من خلال إيذائه أو إهدار دمه، وفي هذه الحالة تكون كفارة الظلم أن يتوب الظالم إلى الله تعالى من الذنب الذي ارتكبه في حق أخيه المسلم، ثم يبادر إلى رد مظالم أخيه إليه، سواء كانت أموالًا أو غير ذلك، فإذا فعل ذلك كان هذا الأمر كفارة له من ظلمه، فالله سبحانه وتعالى يقبل التوبة من عباده حتى من كبائر الذنوب والمعاصي، والدليل على ذلك حديث الرجل الذي قتل مئة نفس ثم أتى عالمًا فسأله عن التوبة، فقال له: ومن يمنعك منها، ثم دله على طريقة التوبة، أما المجازاة والقصاص بين العباد فيبقى؛ لأنّ الله سبحانه وتعالى لا يغفر حقوق العباد حتى في الجهاد والشهادة في سبيل الله، حيث يغفر للشهيد كل شيء إلا الدَّين، والدين هو ما يستحق للعباد على بعضهم البعض.
3) ظلم ذوي السلطة ظلم المسؤولين اتجاه الرعية ذنبٌ كبير يستوجب المسارعة في التوبة، فالمسؤول الذي يظلم الناس من خلال هضمهم حقوقهم، وسلبهم أموالهم، تكون كفارة ظلمه من خلال التحلل من أفعاله تلك، والمسارعة إلى التوبة إلى الله تعالى توبةً نصوحًا، ثم رد الحقوق إلى أصحابها، ومعاملة رعيته بالعدل والمساواة.