تشكل السياسة الخارجية الأمريكية تحديًا رئيسيًا لإدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، الذي تراجع عن الكثير من الخطوات التي اتخذها سلفه دونالد ترامب، بشأن توجهات واشنطن الخارجية، مثل الملف النووي الإيراني وأفغانستان، وبرنامج كوريا الشمالية الصاروخي.
وتوضح صحيفة "جيروزاليم بوست" العبرية، كيفية ارتباط الأزمات الثلاث ببعضهم البعض، حيث ترى الصحيفة أن حل الملف النووي الإيراني يعتمد بشكل أو بآخر على تعامل الرئيس الأمريكي مع كوريا الشمالية.
وأشارت الصحيفة إلى أن إيران وكوريا الشمالية وأفغانستان، يشكلون تحديًا مشتركًا لإدارة بايدن، التي دخلت بالفعل في معركة دبلوماسية مع إيران، من أجل التفاوض على اتفاق نووي جديد، عقب خروج الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، من خطة العمل الشاملة المشتركة الموقعة عام 2015.
وذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، أن كوريا الشمالية، نفذت اختبارًا لصاروخين باليستيين أمس، في أول تحد واضح لإدارة بايدن منذ توليه السلطة.
وقلل الكثير من المحللين من شأن اختبارات الأسلحة الأخيرة، قائلين إنها لمت تنتهك قرارات الأمم المتحدة، ولكن اختبار الصواريخ الباليستية تلك ينتهك القرارات الأممية، وهنا يأتي السؤال الأهم:
كيف ستستجيب الولايات المتحدة وكيف سيؤثر ذلك على إسرائيل وأزمة البرنامج النووي الإيراني؟
في الأول من مايو المقبل، ستضطر إدارة بايدن إلى تقرير ما إذا كانت ستنفذ التزام إدارة ترامب بسحب القوات الأمريكية من أفغانستان كجزء من صفقة وقف إطلاق النار مع جماعة طالبان، أو ما إذا كانت ستتجاهل هذا الالتزام، مثلما انتهكت طالبان الكثير من التزاماتها خلال الأسابيع الأخيرة.
وعلى الرغم من أن كل قضية من تلك القضايا تقف من الناحية الفنية بمفردها، ويتم التعامل معها في أجزاء مختلفة من العالم، إلا أنه يُنظر منذ فترة طويلة إلى إيران وكوريا الشمالية، على أنهما يعملان بشكل متواز بصفتهما أكبر التحديات النووية التي تواجه العالم اليوم.
وطالما راقبت إسرائيل وإيران عن كثب التطورات مع بيونج يانج، لاستنباط مدى صعوبة الموقف الذي ستتخذه الولايات المتحدة بشأن القضايا النووية، فمدى قوة أو ضعف الولايات المتحدة، سيعكس أحيانًا كيف ستتصرف مع إيران.
وفي الآونة الأخيرة، فعلت إدارة بايدن كل ما في وسعها لجعل قضية كوريا الشماالية في المقدمة، وحين أطلق المسؤولون في بيونج يانج تهديدات تجاه واشنطن، عمدت الأخيرة إلى تجاهلها وعدم الرد عليها أو التقليل منها، وهذا يناقض تمامًا تعامل إدارة ترامب مع بيونج يانج، حيث حرص ترامب على الاستجابة في كثير من الأحيان لتهديدات كوريا الشمالية بتهديدات أكبر بالقضاء على الزعيم كيم جونج أون ونظامه.
اختبار بايدن في أفغانستان يعكس استجابته لتحديات إيران وكوريا الشمالية
لا تمتلك أفغانستان أسلحة نووية، لكنها تمثل اختبارًا حقيقيًا لمعرفة، ما إذا كانت إدارة بايدن ستستعين بمزيد من الوسائل العسكرية أو الدبلوماسية، عندم تتعرض لكثير من الضغوط.
وسيرجح البعض أن يلجأ بايدن إلى إظهار قوة بلاده العسكرية، عندما يتم رصد انتهاكات للقانون الدولي أو المصالح الغربية، فيما سيرى الآخرون أنها سيحاول استكشاف عدد من الوسائل الدبلوماسية لإثبات أن واشنطن قادرة على حل النزاعات على طاولة المفاوضات.
وتقول "جيروزاليم بوست"، إنه في حال انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان بشكل كامل، على الرغم من تعاون طالبان المستمر مع تنظيم القاعدة وعلى الرغم من الهجمات المستمرة على القوات المتحالفة مع الولايات المتحدة، فإن الرسالة التي سيتم إيصالها إلى طهران وبيونج يانج ستكون أن إدارة بايدن قد ترضخ للضغوط بمرور الوقت.
ومن خلال هذه القراءة، حتى لو أظهرت واشنطن بعض المقاومة الأولية لحفظ ماء الوجه، يمكن في النهاية اعتبار الإدارة الحالية أنها حريصة على تجنب الكثير من النزاعات.
ومن هذا المنظور، قد تفضل إسرائيل - التي لا تهتم كثيرًا بأفغانستان - بقاء الولايات المتحدة هناك للإشارة إلى استعدادها للمجازفة عندما تطالب بتحولات سياسية من الخصوم.
وبالطبع قد تخاطر الولايات المتحدة بالوقوع في مستنقع لا نهاية له في أفغانستان، وقد ينتهي بها الأمر إلى الجانب الخاسر، لكن من وجهة نظر إسرائيل، ستكون هذه رسالة للإيرانيين مفادها أن الولايات المتحدة لن تهرب من أي نزاع ولا تزال تعتبر نفسها القوة الرائدة في العالم.