في 23 مارس عام 1925، شهدت مصر حدثا سياسيا فريدا وذلك عندما حل الملك فؤاد الأول مجلس النواب المنتخب من الشعب بعد 9 ساعاتفقط من انتخابه.
ويرجع قرار الحل بعد تهديد الحكومة في ذلك الوقت بتقديم استقالتها نتيجة فوز سعد زغلولبرئاسة المجلس وبالتالي حقه تشكيل الحكومة الجديدة.
وفي السطور التالية نعرض لكم حكاية أقصر مجلس نواب في تاريخ مصر والعالم.
بداية الخلاف بين الوفد والعرش
بدأ الخلاف بين الوفد برئاسة سعد زغلول والملك فؤاد، عندما أمر الملك بحل البرلمان لأول مرة في ديسمبر 1924، بسبب أغلبية الوفد التي تقيد سلطات الحكومة والملك في حكم البلاد، وتقرر إجراءانتخابات جديدة خلال شهرين طبقا للدستور المصري وقتها.
تشكيل الائتلاف المعادي لإرادة الشعب وحزب الوفد
أصرت حكومة زيوار باشا التابعة للملك فؤاد على المماطلة فيإجراء الانتخابات الجديدة فيتحدي صريح لنصوص الدستور، ولكنها رضخت بعد الاحتجاجات الشعبية بقيادة سعد زغلول، وإضافة الشكل الشرعي في حكمها الغير دستوري بالأساس.
وفي 9 ديسمبر 1924تم تعيين إسماعيل صدقي باشا وزيرا للداخليةلتظهر نية حزب "الأحرارالدستوريين" في الانقلاب على أغلبية سعد زغلول، ومن ناحية أخرى أسس القصر حزب الاتحاد ليكون ذراعا للملك في الانتخابات مما أثار غضب حزب الأحرارالدستوريين ولكن القصر برر إنشاء الحزب كضمانة حتى لا ينفرد أي حزب بإدارة البلاد كما فعل سعد زغلول من قبل.
قرارات حكومة زيوار باشا التي أسقطتالوفد
بعد تشكيل هذا الائتلاف بين الأحرارالدستوريين وحزب الاتحاد ضد سعد زغلول، بدأت وزارة زيوار باشاالتلاعب فيالانتخابات قبل بدايتها، من خلال تلك القرارات:
- إلغاء قانون حق الانتخاب المباشر لجميع أفرادالشعب والذي يصب فيمصلحة سعد زغلول
- التلاعب فى حدود الدوائر الانتخابية وتغييرها حسب رغبات مرشحي الحكومة ليكون لهم الأفضليةضد مرشحي الوفد، ونص القرار على تعديلحدود 106 دائرة انتخابية من أصل 214 دائرة
- فتح الترشيح قبل ميعاده القانوني لصالح مرشحيها
- أمر بدعم مرشحي الائتلاف الحكومي ضد الوفد
- أمر بمطاردة المعارضينوأنصار الوفد
- أعلن أن المحافظة التي سيجح فيها فرد من حزب الوفد سيتحمل المحافظ العقوبات
- تقرر أنسيتم بالقلم الرصاص
- فى الـ25 من فبراير 1925 حوصر منزل سعد زغلول ومنع من الاتصال بأنصاره خلال المعركةالانتخابية
وبعد كل تلك الإجراءاتفاز الائتلاف الحكومي بأغلبية البرلمان في مارس 1925 ضد الوفد، ليستمر زيوار باشا في رئاسة الحكومة الجديدة وتشكيلها من الائتلاف الحكومي والذي يعبر عنه "حزب الأحرارالدستوريين وحزب الاتحاد التابع للقصر".
فوز سعد زغلول برئاسة المجلس الجديد وصدمة الائتلاف الحكومي
في صباح يوم الـ23 من مارس 1925، اجتمع البرلمان وحضر الملك فؤاد حفل الافتتاح، وقرأ زيور باشا خطاب العرش، وبعد انقضاء جلسة الافتتاح، انعقد المجلس فى جلسة أخري لتحديد رئيس البرلمان في الساعة الثانية عشرة، ليترشح سعد زغلول ضد عبدالخالق ثروت ممثل الائتلاف الحكومي، ليصدم سعد زغلول كل من في القاعة بحصوله على 123 صوتا مقابل 85 صوتا نالها ثروت باشا، لتظهر الحقيقة بأن حزب الوفد خدع الجميع خلال صمته في مرحلة التحضير للانتخابات وأنه هو الفائز بالأغلبية للمرة الثانية وليس الائتلاف الحكومي.
الملك يحل البرلمان بعد 9 ساعات من انتخابه
قررت حكومة زيوارباشا تقديم استقالتها إلىالملك فؤاد، بعد ساعات من فوز سعد زغلولبرئاسة البرلمان بالأغلبية، ومن ناحية أخرىاقترحت وزارة الداخلية برئاسة إسماعيلباشا صدقي حل البرلمان، فما كان من الملك إلا اتخاذ قراره بحل البرلمان مرة أخرى، بعد 9 ساعات من انتخابه.