قال الدكتور على جمعة، مفتى الجمهورية السابق، عضو هيئة كبار العلماء، إنرحلة الإسراءمثلت خروجا جزئيا عن القانون الكوني من حيث الزمان والمكان.
وأوضح " جمعة" عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي بموقع التواصل الاجتماعي " فيسبوك" أنمعجزة الإسراءهي كشف وتجلية للرسول ﷺ عن أمكنة بعيدة في لحظة خاطفة قصيرة.
وأضاف أن كل من له علمبالقدرة الإلهيةوطبيعة النبوة لا يستغربون من ذلك شيئا ، فالقدرة الإلهية لا يقف أمامها شيء وتتساوي أمامها جميع الأشياء والمقدرات.
وتابععضو هيئة كبار العلماء: " فما اعتاد الإنسان أن يشاهده ويدركه بحواسه البشرية الضعيفة ليس هو الحكم في تقدير الأمور بالقياس أمام القدرة الإلهيةأنه من جهة أخرى وهي خصائص طبيعة النبوة أنها تتصل بالملأ الأعلى، وفي هذا الأمر تجليات وفتوحات ربانية يمنحها اللطيف القدير لمن يصطفيه ويختاره من رسله .
وأكمل أنالوصول إلى الملكوت الأعلىبأي وسيلة كانت -معلومة أو مجهولة- ليس أغرب من تلقي الرسالة والتواصل مع الذات العلية، ولهذا فقد صدق أبو بكر - رضي الله عنه- هذه المعجزة قائلا: " إني لأصدقه بأبعد من ذلك ، أصدقه بخبر السماء"، (الحاكم في المستدرك).
وأردف: أبو بكر الصديق يشير من واقع إيمانه العميق إلى أنهذه الحادثةليست قضية مهولة ولا هي ضربا من الخيال بل هي مسألة معتادة بالنظر إلى طبيعة العلاقة بين الله ورسله ومن كشف الغيب لسيدنا رسول الله ﷺ أنه عندما عاد وجادله المشركون في مكة غير مستوعبين لتلك المعجزة ، وطلبوا منه وصف المسجد الأقصى ، جلى الله له المسجد رأي العين , فأخذ يصفه لهم ركنا ركنا،كما يتجلى فيرحلة الإسراءوحدة الرسالات السماوية وأصل التوحيد فكل الرسل جاءت بدعوة الإسلام، قال - تعالى-: (قُولُوا آَمَنَّا بِاللهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) ،وقال: (مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ المُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ) ،وقد التقى رسولنا الكريم ﷺ في هذه الرحلة بإخوانه من الأنبياء، وصلوا صلاة واحدة يؤمهم فيها صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، إشارة إلى أن هذه الأمة تتبع جميع الأنبياء وتؤمن بهم ، وأن آخر الرسل موصول بأولهم.
وألمح أن الله - سبحانه وتعالى- كما أرسل الرسل بالعهد القديم والعهد الجديد فقد ختمهم برسول الله محمد ﷺ الذي أنزل معه العهد الأخير والرسالة الخاتمة: (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آَتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ).
وأشار الدكتور على جمعة إلى أنه روى عن أبي هريرة - رضي الله عنه- أن رسول الله ﷺ قال: " إن مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بيتا فأحسنه وأجمله، إلا موضع لبنة من زاوية، فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له ، ويقولون هلا وضعت هذه اللبنة قال فأنا اللبنة، وأنا خاتم النبيين"، (البخاري ومسلم).
ونبه عضو هيئة كبار العلماء أنرحلة الاسراءرمزا أبعد وأوسع من حدود الزمان والمكان لتأكيد أن الإسلام هو دين الله الخاتم وهو الدين الذي أرسل بأصله الأنبياء والمرسلون لهداية العالمين.
وبين أنحادثة الإسراءمعجزة رسالة إلى يوم الدين، لابد فيها من الإيمان والتذكير بشرف الزمان الذي وقعت فيه، وشرف المكان الذي بدأت منه والمكان الذي انتهت إليه، وصولا إلى شرف النبي الخاتم الذي به تشرفت مفردات الوجود في هذه الحادثة وغيرها سواء الزمان والمكان والأحوال والأشخاص.
اقرأ أيضًا:
وكان الدكتور على جمعة، مفتى الجمهورية السابق، عضو هيئة كبار العلماء، قد أكد على أنرحلة المعراجهي إعجاز فريد خص الله - سبحانه- به سيد الخلق سيدنا محمد ﷺ دون غيره من الخلائق.
وأضاف " جمعة" عبر منشور له على صفحته الرسمية بموقع التواصل الإجتماعى " فيسبوك" أننا في لحظة لطيفة خاطفة صعد النبى - صلى الله عليه وسلم- من المسجد الأقصى إلى السماوات العلا، ومنها إلى سدرة المنتهى وهو ما يعد كشفا كليا للغيب، وخروجا كاملا عن قوانين الأرض، وتجاوزا لا تستطيع بلوغه حواس الإنسان ومداركه.
وتابععضو هيئة كبار العلماءأنه مما يجدر ذكره في هذه المعجزة الكبرى أنها أخذت بيد النبي ﷺ ليتجاوز عوالم الكون ومحددات الوجود وهي عوالم الزمان والمكان والأشخاص والأحوال.
واستكمل: " أما عالم الزمان فقد سبق القول ببيان كيف طوى الله - عز وجل- لنبينا ﷺ الزمان بما لا تبلغه العقول ولا تستوعبه الأفهام إلا إذا أدركت تلك العقول نفحات من الإيمان.
وواصل الدكتور على جمعة: أما عالم المكان فإنه - صلى الله عليه وسلم- تجاوز كل مكان وصله مخلوق، من نبي مقرب أو ملك مرسل، حيث تجاوز السماوات السبع إلى سدرة المنتهى، إلى حيث شاء الله - عز وجل- بما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
وأبان أنه - صلى الله عليه وسلم- تجاوز أيضا عالم الأشخاص مع ما لهم من الحب والكرامة عند الله - سبحانه- سواء أكانوا أنبياء أم مرسلين أو ملائكة مقربين، بداية من آدم في السماء الأولى مرورا بعيسى وموسى من أولي العزم حتى أبي الأنبياء خليل الرحمن إبراهيم، بل تجاوز الأمين جبريل - صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين- .
وأردف الدكتور على جمعة: " فقال له نبينا ﷺ : أفي هذا المكان يفارق الخليل خليله؟ , فأشار جبريل إلى قوله تعالى: (وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ).
وأفاد عضو هيئة كبار العلماء أنه بخصوص عالم الأحوال فقد فاق رسول الرحمة ﷺ كل المقامات، وبلغ أعلى الرتب والدرجات، فإنه تجاوز مراتب المرسلين ، ومر على أحوال الملائكة المقربين الذين وصفهم الله بقوله: (يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ).
وذكر المفتى السابق أن النبى ﷺ قال عن السماوات: (ما فيها موضع شبر إلا وعليه ملك ساجد أو قائم)، (المعجم الكبير للطبراني, وشعب الإيمان للبيهقي).
وأشار إلى أن جبريل - عليه السلام- لم يتحمل أنوار جلال الله تعالى، فترك رسول الله ﷺ يدخل على تلك الأنوار وحده، ويتلقى الوحي والعلم والفضل من الله - عز وجل- دون واسطة جبريل، ليفضل الجميع بما تلقاه في تلك الحال , ويتحقق تفرده كما قال - سبحانه-: (وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا).
واستشهد بقوله - تعالى-: (وَهُوَ بِالأُفُقِ الأَعْلَى * ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى * فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى * مَا كَذَبَ الفُؤَادُ مَا رَأَى * أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى * وَلَقَدْ رَآَهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِنْدَ سِدْرَةِ المُنْتَهَى * عِنْدَهَا جَنَّةُ المَأْوَى * إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى * مَا زَاغَ البَصَرُ وَمَا طَغَى * لَقَدْ رَأَى مِنْ آَيَاتِ رَبِّهِ الكُبْرَى)، مبيناَ أن العوالم الأربعة ظهرت في الآيات الكريمة.