لم يكن تأجيل عقد الجمعية العمومية، وإقامة انتخابات التجديد النصفي لمجلس نقابة الصحفيين اليوم إلى 19 مارس الجاري لعدم اكتمال النصاب مفاجئا للكثيرين. بل كان فيما يبدو تأجيلا متوافقا عليه. بعدما جرت خلال الأيام القليلة الماضية، تسريبات واسعة بعدم وجود استعدادات كافية لإجراء الانتخابات اليوم. وقيل أن ذلك كان بسبب ضيق الوقت بعد الدعاوى التي رفعت أمام القضاء الإداري حتى الساعات الأخيرة، وكانت تريد إعلان تأجيل رسمي للانتخابات.
وقيل إنه كان هناك، "قلق بالغ" من ان يذهب اعضاء الجمعية العمومية اليوم أوالنصف منهم ويصل الى نحو 5 آلاف صحفي الى مقر النقابة لاختيار النقيب والمجلس الجديد، فينكشف الجميع أمام هول المشهد وضخامة الحضور. المهم إنه تم الاتفاق ضمنا بين جموع الصحفيين أن يكون يوم 19 الجاري الجمعة بعد القادمة، هو الموعد المتفق عليها لحضور نحو 25%+1 من أعضاء نقابة الصحفيين من الزملاء المدرجين في جدول المشتغلين و المسددينللاشتراكات للتصويت للنقيب الجديد وانتخاب 6 أعضاءجدد للمجلس.
وبعيدا عن المشاكل الفنية أو ضيق الوقت إشاعة الخوف من فيروس كورونا، بسبب ضيق مقر النقابة عن أن يستوعب كل هذا العدد لو ذهب الأعضاء جميعهم للانتخاب او نصفهم كما ينتظر.
فإني أرى أن انتخابات نقابة الصحفيين المرة القادمة 19 مارس المقبل، هى الأهم على الإطلاقطوال السنوات الماضية، والكل يراهن عليها. وكما يردد الجميع في اتصالاتهم ولقاءاتهم، فإن مهنة الصحافة في مفترق طرق. وليس هناك أحد آمن. وهناك مشاكل داخل المؤسسات الصحفية الكبرى والصغرى على السواء، وهناك ظروف اقتصادية صعبة وحاجة ماسة لتعديل الأجور وإقرار كادر واضح وملائم للظروف المعيشية الحالية تلتزم به كافة المؤسسات القومية والخاصة والحزبية، ورفع الحد الأدنيللأجور. والأدهىمن ذلك، هو تراجع توزيع الصحف المصرية بشكل مريب وهائل طوال السنوات الماضية، وهى حقيقة يراها الجميع ويعترفون بها ولا ينكرها أحد.
وعليه فحضور الانتخابات المقبلة، أمر مصيري وحتمي لجموع الصحفيين. ليس فقط للحاجة لاختيار نقيب جديد سواء كان التصويت من جديد لـ"ضياء رشوان" أو انتخاب أحد غيره من المرشحين للمنصب.
المهم أن هناك حاجة ماسة لاختيار نقيب صحفيين قوي يستطيع، أن يتحدث بقوة عن الهموم الصحفية وينتزع الحقوق لأكثر من 13 ألف صحفي.
وانا واحد من كثيرون يروا أن هناك حالة تربص بالصحافة طيلة السنوات الماضية، ولا يجب على أحد أن ينكرها كما أن فقدان سوق التوزيع وتراجع توزيع الصحف بشكل هائل يؤكد أن هناك خطا في الخطاب الموجه للقارىء المصري.
وليس من المعقول أو المقبول الزعم ان الناس لم يعد يقرأون فهذا تسطيح مخزٍ وتبسيط مخل لوضع صحفي صعب.
فالناس يقرأون ولكنهم يريدون خطابا واعيا مستنيرا، يقدم هموم المواطن على طبق من "الصدق" ويدافع عن الدولة في جملة مشاريع قومية وعملاقة الكل يشهد لها، أو يتصدى لمجموعة قوانين وتشريعات، قد تثقل كاهل المواطن المصري.
قارىء الصحيفة، يريد أن يشعر معها بالصدق لا بالتغييب وبالنور لا بالتضليل، وإذااستعدنا "سوق التوزيع" نكون قد استعدنا جزءا كبيرا من إيرادات الصحف. ومع الزخم والمناداة بأجور عادلة وزيادة رواتب الصحفيين تتكامل أضلاع المثلث.
الصحافة المصرية تعاني "علّة"، والصدق في حبها والإخلاص لها يختم على الجميع أنيذهب لحضور الجمعية العمومية المقبلة يوم 19 مارس المقبل. فتجاهل الانتخابات المقبلة يصب بالسوء على الجميع، أما حضورها فيؤكد لكل من يريد أن يرى انعقاد الجمعية العمومية للصحفيين نشطة وفاعلة، أن الجماعة الصحفية واعية بالمخاطر وعلى أهبة الاستعداد للدفاع عن المهنة ومستقبل.
ولا نريد ان نكرر ولا يكرر غيرنا، من أن هناك اوجاعا طال علاجها ولم يقدم عليها أحد. فهنا عدة مئات من الصحفيين المدرجين في كشوف نقابة الصحفيين، وأعضاء جدول "مشتغلين" لا يحصلون على البدل "الحق" والمقرر لكل الصحفيين وهذه مشكلة عرضت على مختلف النقباء ولم تحل ولابد من وضع نهاية لها ويقال ان حلها مرتبط بقانون النقابة.. ولا يعلم احد لماذا لا تتم تعديل بعض المواد فيه وهو معمول به منذ سنة 1970 أي قبل 51 سنة أي أصبح قانونا "قديما" بكل ما تعنيه الكلمة من معنى ولا يتجاوب مع تحديات وتطورات طالت المهنة طيلة 5 عقود.
وهناك مشكلة خاصة بمستقبل المؤسسات الصحفية، خصوصا وان هناك ديونا بالمليارات للتأمينات والضرائب ومشاكل جمة. وهناك مشكلة عالقة منذ سنوات تخص الزملاء العاملين في المواقع الالكترونية وهم بالآلاف ولا تعترف بوجودهم النقابة، رغم أن الصحفيون في المواقع الالكترونية هم الأمل للصحافة المصرية. وهناك مشكلة تخص هيبة الصحفي ومكانته في المجتمع، فالصحافة سلطة رابعة شئنا أن أبينا. ولابد ان تفعل بتشريعات وبقرارات نقابية ومواقف جادة لمختلف الأزمات والاحتكاكات التي يقع فيها الصحفي.
وهناك حاجة ماسة لإقرار قانون حرية تداول المعلومات مع دورة الانعقاد الجديد لمجلس النواب، لحماية حق الصحفي والمجتمع قبله في الإطلاع على كامل المعلومات عن القضايا المثارة في الوطن والتصدي بمعلومة وليس "قائمة طويلة" من الجمل الإنشائية والرد بعصبية وسباب وألفاظ سوقية.
المعلومة الصادقة تخرس الجميع ويتداولها الجميع.
وهناك وهناك الكثير. لذلك فإن انتخابات التجديد النصفي لمجلس نقابة الصحفيين أمرا في غاية الخطورة.. وياليت قومي يسمعون.