الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الدكتور أحمد باشا زكى


الدكتور أحمد باشا زكى  مؤسس المركز القومى للبحوث...
شخصية مصرية مرموقة ، قد لا يعرفها الكثيرون منا ، ولكنها من الشخصيات التى أسهمت فى إضاءة صفحات من تاريخ مصر العلمى والأدبى والصحفى ، فهو كيميائى قدير وأديب كبير ، مؤسس المركز القومى للبحوث و أكاديمية البحث العلمى والجمعية الكيميائية المصرية ، أول أستاذ مصرى فى الكيمياء ، تولى رئاسة تحرير مجلة المصور لأربع سنوات ، مؤسس مجلة العربى الكويتية ، وخلال 20 يوما فقط  هى فترة تولية وزارة الشئون الإجتماعية أعلن شعار تحديد النسل والذى أصبح فيما بعد "إصلاح الاسرة". 

وصف بأنه مزيج من العلم والأدب ، قال عنه الأديب الكبير عباس العقاد : " إننى لا أقرأ للدكتور أحمد زكى شيئا  إلا وأتصوره وبيده قلم وبيده الأخرى مسطرة وبرجل "  مشيرا إلى تفكيره العلمى فى الكتابة .

   ولد أحمد زكى عاكف والذى اشتهر باسم أحمد زكى فى محافظة السويس سنة 1894 م التحق بمدرسة  السويس الإبتدائية،  ثم إنتقل مع  أسرته إلى  القاهرة  سنة  1900 م ، وحصل على الشهادة الثانوية من التوفيقية الثانوية  1911م ، وكان ترتيبه الثالث عشر على القطر المصري.

التحق أحمد زكي بمدرسة المعلمين العليا  وبعد التخرج  فى  1914 م عمل مدرسا بالسعيدية الثانوية ، ثم رشح للسفر في ‏بعثة إلى إنجلترا لإستكمال تعليمه ، لكن لم يتحقق ذلك بسبب رسوبه في الكشف الطبي .‏ فعمل في ميدان التدريس . 

 وأثناء ثورة  1919م ، توجه إلى إنجلترا على نفقته الخاصة لتحقيق أمله بالتخصص في الكيمياء ، ‏وهناك التحق  بجامعة وتنجهام  التى زامله فيها  علي مصطفى مشرفة  ثم تركها إلى جامعة ليفربول ، ونجحت مساعيه في أن تلحقه الدولة ‏ببعثتها الرسمية ، ثم حصل على شهادة بكالوريوس العلوم من  جامعة ليفربول 1923 ، ثم دكتوراة  الفلسفة في ‏الكيمياء 1924 ، ثم انتقل إلى  جامعة مانشستر لمواصلة البحث العلمي، فأمضى بها عامين، ثم التحق  بجامعة لندن وحصل على درجة الدكتوراة في العلوم 1928 ، وهى أرفع الدرجات العلمية التي تمنحها الجامعات ، وكان ثالث مصري يحصل عليها بعد د. على مصطفى مشرفة و د.عبد العزيز احمد .

   بعد عودته من إنجلترا عين د . أحمد زكى أستاذا مساعدا للكيمياء العضوية في كلية العلوم بجامعة  القاهرة ، ثم استاذ ا ليكون أول أستاذ مصري في الكيمياء ، ثم أنتخب عميدًا لكلية العلوم،  ولكنه نقل من العمادة لأسباب سياسية  ، ثم شغل منصب مدير مصلحة الكيمياء   1936  ليكون اول مصرى يترأسها . فأعاد تنظيمها  وارتقى بها إلى مصاف العالمية  واستمر مديرا لها 11 سنة ، وظل يدعو لإنشاء معهد قومى للبحوث العلمية من أجل قيام نهضة علمية فى مصر واستجابت له الحكومة فصدر قانون إنشاء " مجلس فؤاد الاول الأهلى للبحوث " سنة 1945. 

 قام د . أحمد زكى برحلة طويلة لأمريكا بصحبة عدد كبير من العلماء المصريين زار خلالها المؤسسات العلمية والصناعية والجامعات والمعاهد ، وبذلك استطاع أن يضع أساس المركز القومى للبحوث الذى أنشأه وتولى رئاستة خمس سنوات من 1947 -  1952.  وكان قد أنشأالجمعية الكيميائية المصرية  1938 ومقرها إلى الآن بشارع  رمسيس ، كما اشترك فى تأسيس الأكاديمية المصرية للعلوم  1944 . وإلى جانب هذا النشاط العلمى ، كان عضوا فى المجلس الأعلى لدار الكتب ، وعضو مجلس إدارة معهد فؤاد الأول للصحراء ، و مجلس إدارة البنك الصناعى ، وكان عضوا بمجامع اللغة العربية بالقاهرة ودمشق وبغداد .  

اختار حسين سرى باشا رئيس الوزراء فى آخر حكومة فى المملكة المصرية ،الدكتور احمد باشا زكى  لتولى منصب وزير الشئون الاجتماعية ،أملا فى تطويرها والنهوض بها ، إلا أنه لم يستمر فيها سوى 20 يوما بسبب قيام ثورة 23 يوليو ، فقد تولى الوزارة فى الفترة من  2  يوليو حتى  22  يوليو  1952 ، وخلال  تلك الفترة القصيرة أعلن شعار تحديد النسل والذى أصبح فيما بعد " إصلاح الأسرة " ، وبسبب قيام الثورة واستقالة الوزارة عاد أحمد زكى إلى  مركز البحوث ، وحدث وأن قام أحد رجال ثورة يوليو بزيارة  المركز، ولكونة لم يفهم طبيعة عمل المركز، فأبدى فى حديثة إشارة إلى إمتهان مكانة  المركز، فقام د . أحمد زكى بالرد على ذلك فى كتاب بعنوان " المجلس الأعلى للبحوث .. ماضية القصير وحاضرة ومستقبلة "  ثم تقدم باستقالتة الى اللواء محمد نجيب رئيس الجمهورية ، الذى عينة على الفور مديرا لجامعة القاهرة فى  17أغسطس 1953  تقديرا له .

ولكنه لم يستمر طويلا بها ، فخلال أزمة مارس 1954 المعروفة ، اقتحم البوليس الحرم الجامعى وتم  الإعتداء على الطلاب ، فاعترض أحمد زكى على ذلك لما فيه انتهاك لحرمة الجامعة ، ولكن الرئيس محمد نجيب قام بزيارة المصابين فى القصر العينى ، مما اعتبرة زكى إعتذارا من الحكومة ، ولكنه استقال من رئاسة الجامعة فى سبتمبر 1954م .

تميز الدكتور أحمد زكى بإمتلاكة ملكة الأدب والترجمة بخلاف مؤلفاته العلمية المتخصصة ، فقال عنه عباس العقاد " إننى لا أقرأ للدكتور أحمد زكى شيئا ، إلا وأتصوره وبيده مسطرة وبرجل " مشيرا إلى تفكيره العلمى فى الكتابة  ، و صفه أحمد أمين بإيجاز جميل فقال: " إنه كيمائى عظيم وأديب كبير ، مزيج بين العلم والأدب ، كما يمزج السكر والماء ، فبينما نراه فى معمله بين الأنابيب والمحاليل ، نراه فى مكتبه يحلل الكلمات ويستخرج المعانى ويصوغ الأفكار " . له الكثير من المؤلفات منها موسوعته الشهيرة " فى سبيل موسوعة علمية " و كتب مع الله فى السماء ، مع الله فى الارض وغيرها الكثير .  ومن أبرز ما قام بترجمته ، رواية غادة الكاميليا " مارجريت "  للروائى العالمى الكسندر دوماس الإبن ، ورواية "جان دارك " للكاتب الشهير برنارد شو . 
 
على الرغم من الأعباء العلمية الهائلة التى شغلته خلال فترة تألقه العلمى ، إلا أنه لم ينقطع عن مواصلة الكتابة فى كبرى الصحف والمجلات ، فلبى رغبة الأخوة زيدان لرئاسة تحرير مجلة المصور عام  1947 لمدة أربع سنوات حقق فيها طفرة فى سياسة المجلة وأبوابها وكتابها وطباعتها وإخراجها ،حتى ظهرت بالقطع المعروف حتى الآن وجعلها تصدر  12 عددا سنويا بدلا من  10 أعداد .

بعد استقالتة من رئاسة الجامعة ، عرضت عليه دولة الكويت إصدار"مجلة العربى" فصدر عددها الأول فى ديسمبر  1958 واستمر فى رئاستها  17 سنة  حتى وفاته فى  13 أكتوبر  1975م عن  81 عاما .
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط