الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

كواعب أحمد البراهمي تكتب: ولهذا لم أتعاطف معك

صدى البلد

بالطبع أقصد تامر أمين لقد ساءني ردة الفعل القوية والهجمة الشرسة التي حدثت علي وسائل التواصل الإجتماعي وما حملته من سوء ألفاظ وربما سوء أدب , وإتهامات تمس الشرف والكرامة . وبالرغم من الاعتذار الذي حمل ألفاظا مؤسفة  والذي  لم تلن له القلوب , ومع ذلك لم أتعاطف معك.

ليس لأنني أردت لك ذلك ولكن لأنك أهنت وذبحت بسكين تالمة رقاب الفقراء والبسطاء من أبناء هذا الشعب , والذين ليس لهم حظ من الغني وليس لهم محسوبيات ولم يسرقوا وظائف أحد , ولم يرتشوا ولم يهينوا أحد.

كل ما فعلوه أنهم يدفعون من صحتهم ومن طاقتهم ومن عمرهم ومن وقتهم من أجل أن ينفقوا علي أنفسهم وعلي أولادهم.

لقد جعلتهم في الحضيض ولو رأيت نفسك وأن تتحدث عنهم والشعور المرسوم علي وجهك وأنت تصفهم وكأنهم حثالة المجتمع, وقد يكونون عند الله أفضل مني ومنك. 

أما مجتمع الصعيد أو مجتمع الأرياف الذي أتهمته بأنه يرسل هؤلاء البسطاء إلي القاهرة للعمل ,فبالطبع يوجد في كل مجتمع كافة المستويات من الفقر والغني , ويوجد بداخل هذا المجتمع نفسه الفقير والغني وبعضهم يعمل فعلا ولا يكمل تعليمه وذلك لظروف إقتصادية , ولعيب كبير في تنظيم الدولة التي أهملته عقودا من الزمن.

وجعلت كل الإهتمام بالعاصمة , فقد ظللنا عقودا طويلة لا نجني أي تنمية من أي نوع , وما كان من البعض إلا البحث عن فرصة عمل , بما يتناسب مع قدراته ومع علمه.
 
فعمل البعض أساتذة في جامعات العاصمة, وعمل البعض بالطب والهندسة والأدب والفكر وفي مجالات كثيرة أظهرت نبوغهم.
 
وربما لولا ذهاب هؤلاء للعاصمة لإكمال تعليمهم ماعرفهم أحد ولا وصلوا لأي شيء, فذلك ليس ذنبهم. 

أما الذين يذهبون للعمل في المصانع أو المساعدة في المنازل , أو في المعمار  فبعضهم قد يكون أكرم منك أصلا وحسبا ونسبا , ولكنه لا يمد يده لأحد ولا يتسول من أحد , والعمل الشريف ليس عيبا , العيب كل العيب أن تري نفسك أفضل من الآخرين.
 
العيب كل العيب بدلا من أن تحمد ربك علي وضعك الإجتماعي والذي ليس لك دخل فيه أن تتكبر علي من هو أدني منك مالا أو عملا ,  وقد كان من الممكن أن تكون أنت في مكانه.

أنت إعلامي لا بد أن تعرف كيف تنتقي الألفاظ وكيف تعبر عما تريد دون جرح لأي شخص كائنا من كان.
 
ولكن للأسف لقد أخذت معك جمهور الفيس بوك و كل وسائل التواصل الإجتماعي وجعلتهم يتعالون علي هؤلاء البسطاء وينكرون عن ذاتهم  التهمة الحقيرة وهي العمل في المنازل , وتكبروا وتجبروا , ولم ينظروا إلي أن الله هو الذي منح وهو الذي أعطي.
 
ولم يتعظوا من ما مر بأقوام قبلهم كانوا في مكانة عظيمة  فتكبروا فخسف الله بهم الأرض.
 
لقد صرنا في زمن الجاهلية مجددا . الجاهلية أنك تري نفسك فوق الناس ., وترد بألفاظ أسوأ من الذي بدأ وأخطأ  وربما ما قاله يحدث فعلا ولكننا نتجاهله.

فهل فعلا لا يوجد في الصعيد من تعمل عاملة منزل , هل نغلق أعيننا ونصم آذاننا ونقول أنه لا يوجد , أم نحاول أن نعالج تلك الأخطاء.

لقد التقيت منذ ثلاث سنوات بسيدة كانت تعمل بصحتها في تنظيف المنازل من أجل الحصول علي المال . فقالت لي إن زوجها عندما تعود يضربها ويأخذ منها المال ليجلس علي المقهي ويصرفه علي الكيف , 
وقابلتها منذ شهرين وكانت نسيتني , وسألتني أنها تريد أن تعمل في تنظيف المنازل ولو أعرف أحد أدلها عليه.
 
فسألتها عن زوجها فقالت لي إنها تحصلت علي الطلاق منه وترك لها الأولاد وهي لا تزال تعمل في المنازل من أجل الإنفاق عليهم.
 
ونحن نري ذلك كثيرا ولا يحرك لنا ساكنا , ولكننا نغضب من الكلام . نغضب من الاتهام . يوما ما قال لي شخص إنه لن يترك أخته لتذهب للمحاكم لتشتكي زوجها ,لأنهم من عائلة كبيرة وفي نفس الوقت الذي كنت أقنع أخته ألا تذهب للمحاكم لتشتكيه هو شخصيا لأنه أكل حقها في ميراث والدها ووالدتها. 

أكره هذا الكم الكبير من التناقض في البشر, لا بد أن نكون علي قدر من الحيادية حتي ونحن نرد الإهانة , لا ننزلق إلي السباب الذي يحتسب ذنبا , فلدينا القانون , ولتتم محاسبة كل مخطئ بالقانون , وللأسف ما أثبتته الأيام أن الشعب أغلبه ينساق وراء بعضه دون البحث ودون الوقوف لأخذ هدنة لمعرفة كل شيء , وللتفكير في رد سليم ورد قوي ولكن بألفاظ محترمة ,. وربما البعض لم يشاهد اللقاء أساسا.
 
بالبلدي أقول إن بعضنا شعب ليس له أمان ولا لديه حبيب , فإن حدث من أحد زلة أو سقطة لا نرحمه , ولا حتي نحاول أن نغفر له . ولا أقصد بذلك شخصا بعينه ولكن ما يحدث كثيرا من الانسياق وراء بعضنا البعض, أتمني ألا نكون إمعة إن أحسن الناس أحسنا وإن أساءوا أسأنا, ولكن يجب الوقوف عند الإساءة وعدم الانزلاق وراء كل من يسيء.