الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أميرة التنوير



 أميرة مصرية من الأسرة العلوية ، تميزت بعلمها وثقافتها ، فكانت صاحبة أول صالون ثقافى لسيدة فى مصر والشرق الأوسط فى القرن التاسع عشر .
ارتاد صالونها نخب المجتمع من المثقفين والكتاب والساسة والإصلاحيين ،  أتقنت أربع لغات ، العربية والتركية والفرنسية والإنجليزية مع الإلمام بالألمانية والإيطالية  ، جادلت الكتاب دفاعا عن مصر والمرأة المصرية ، كما كان لها  دورها البارز فى نهضة تونس فأسست الهلال الأحمر التونسى ،  وافتتحت المدارس للفتيات .
انها الأميرة نازلى فاضل بنت الأمير مصطفى بهجت فاضل ابن إبراهيم باشا ابن محمد على باشا مؤسس مصر الحديثة . ولدت الأميرة نازلى فاضل سنة 1853م وهى الإبنة الكبرى لوالدها الذى عرف عنه حبه للثقافة فكان يمتلك أكبر مكتبة علمية والتى كانت نواه لدار الكتب المصرية .
كان هناك صراع دائم بين والدها واخيه غير الشقيق إسماعيل باشا تفاقم حين تولى إسماعيل الحكم  وكان  يكبر اخاه بأربعين يوما فقط ، وتأجج الخلاف عند حصول إسماعيل على فرمانا من الباب العالى بتوريث الحكم لأكبرأبنائه
 وليس الأخوه ، لذا  ترك الأمير مصطفى فاضل مصر للإقامة بالأستانة وأوروبا ، فرافقتة نازلى وعمرها 13 سنة ، إلى أن عادت إلى مصر بعد وفاة والدها سنة 1875م .
أعد الخديوإسماعيل سراى الحصوة ( العباسية ) لإقامة الأميرة وأسرتها ، ولكن لم تستمر إقامتها فى مصر طويلا ، حيث عين زوجها خليل باشا بن شريف باشا والى الشام ، وزيرا للحقانيىة  فى الدولة العثمانية 1876م ، ثم سفيرا فى باريس 1877م فسافرت معه .
ومن هنا بدأت رحلتها مع العلم والثقافة ، فتفاعلت مع الحياة الثقافية فى عاصمة النور ، فاهتمت بالقراءة والإطلاع والتواصل والأنفتاح على الثقافة الفرنسية ، مما أدى إلى ثقل مداركها خاصىة مع أنتشار الصالونات الثقافية فى باريس فى تلك الفترة ، والتى حرصت على ارتيادها ، فتأثرت بها . وبعد وفادة زوجها وكان يكبرها بثلاثين عاما ، عادت إلى مصر فى 1879م ، بعد أن اتسعت مداركها الثقافية وتشبعت بالثقافة الأوروبية ، واتقنت العديد من اللغات ، وأصبح لديها القدرة على مناقشة الموضوعات المختلفة ، ومحاورة الرجال فى ندية ، واهتمامها بقضايا بلادها ، إلى جانب قوة شخصيتها ورفعة مقامها. أقامت الأميرة نازلى أول صالون ثقافى فى تاريخ مصر المعاصر بقصرها الكائن خلف قصر عابدين ، اسمته  "فيلا هنرى" عرفانا بفضل  استاذها عالم الآثار والسياسى " سير هنرى لايارد" الذى اكسبها الكثير من المعارف .
من فيلا هنرى بدأت مرحلة التنوير ، فاجتذبت إلى صالونها صفوة المثقفين والساسة والإصلاحيين من أشهرهم الشيخ محمد عبده والشيخ عبد الرحمن الكواكبى وسعد باشا زغلول وقاسم أمين والمويلحى وأديب إسحاق ومحمد فريد بك وغيرهم . كما ضم صالونها شخصيات انجليزية منها اللورد كرومر وكيتشنر وغيرهما .
كان للأميرة تأثير إيجابى على التطور الفكرى لرواد صالونها لما لهم من ثقل ثقافى وثراء ذهنى ، فكان لها دور فى حياة ثلاثة من رواد صالونها منهم الشيخ محمد عبده الذى قال عنها : انها صاحبة فضل عظيم عليه فقد نصحته بتعلم الفرنسية ، كما توسطت له للعودة إلى مصر من منفاه سنة 1888م بعد الثورة العرابية . وقد علم من استاذة جمال الدين الأفغانى مناصرتها لحركة العروة الوثقى وهى بباريس . كما فتحت له آفاق لم يكن يعلمها من قبل كالرسم والنحت وفنون لم يعلمها فحرص على دراستها وايقن قيمتها الثقافية حتى افتى بحلها . 
قدم الشيخ محمد عبده اثنين من تلاميذه للإنضمام إلى الصالون فكان سعد زغلول الفلاح المصرى وهو محاميا فاعجبت بشخصيتة واتخذته محاميها الخاص وأقنعته بتعلم الفرنسية و آدابها ، ورشحته للزواج من صفية هانم ابنه مصطفى فهمى باشا رئيس الوزراء ، كما كانت وراء إقناع اللورد كرومر بتعيينه مستشارا بمحكمة الإستئناف ،وكانت بينهما  مناقشات كثيرة حول  قضايا العصر، واستمرت صداقة سعد باشا بالأميرة حتى وفاتها ، ولازالت صورتها معلقة فى منزله  " بيت الأمة " .
كانت الأميرة نازلى فاضل وراء تبنى قاسم أمين قضية تحرير المرأة ،بعد أن كان معاديا لها ، فعندما عاد من فرنسا شن هجوما كبيرا على المرأة المصرية  فى مقالاته بجريدة المؤيد ووصفها بالمتخلفة ، وكان يؤيد ضرورة حبسها والزامها بالبيت وعدم مشاركتها فى الحياة العامة . عندما قرأت نازلى تلك المقالات شعرت بأنه يتهمها ويتهم صالونها ، فطلبت من الشيخ محمد عبده بأن يدعوه لصالونها .
فعندما التقى بها ناقشته فيما كتبه ، فقال قاسم أمين :" أنه رأى نفسه أمام صورة رائعة للمرأة المسلمة المستنيرة تعرض أرائها بثقة وتثبتها بأسانيد من المنطق ، تتفاعل مع ضيوف صالونها فى حوارات رفيعة تديرها بعدة لغات وتتحدث بطلاقة واقتدار ". باختصار إنبهر بها قاسم أمين كنموذج راق لما يمكن أن تصل إليه المرأة المصرية إذا اتيحت لها الفرصة ، واقتنع بأن تخلف المرأة الشرقية كان نتيجة قيود إجتماعية فرضت عليها وليس لنقص طبيعى فيها . وبمشاركة الشيخ محمد عبده  كتب قاسم أمين كتاب" تحرير المرأة " سنة 1899م على نفقة الأميرة نازلى ، ثم أصدر كتاب "المرأة الجديدة " سنة 1900م .ومما لا شك فيه كانت هناك انتقادات من بعض الرجعيين فاتهموا  صالونها الثقافى بأنه استغل لنشر دعوات التغريب وتحلل المرأة .
سافرت الأميرة نازلى سنة  1896م إلى تونس لزيارة شقيقتها رقية المتزوجة من زعيم تونس ، معروف طاهر بن عياد ، فحظيت بإهتمام نخبة الدوائر الفكرية التونسية ، فكانت على صله بهم أثناء تواجدها فى باريس ، وخلال           زيارتها أسس علماء الدين والفقهاء " المؤسسة الخلدونية " من أهدافها نصرة المرأة التونسية المسلمة وتعليمها وتثقيفها والنهوض بها . التقت نازلى بالشيخ سالم بوحاجب وكان قاضيا ومصلحا ومستشارا ملكيا ، وأعجبت بأفكارة ودورة النشط  . وفى سنة 1900م تزوجت من ابنه خليل بوحاجب وكان يصغرها بعشر سنوات فكان عمرها 47 سنة . وبخلاف أعمالها الخيرية بتونس ، أنشأت مدرسة الخلدونية على نفقتها الخاصة ، والعديد من المدارس لتعليم الفتيات واستقدمت الشيخ محمد عبده لزيارة تونس مرتين ، وأسست الهلال الأحمر التونسى ، وعدد من الصحف تدعو  للإصلاح ، كما دعت وفدا من تونس لزيارة مصر بصحية زوجها لزيارة المدارس المصرية.
توفيت الأميرة نازلى فاضل التى لقبت بأميرة التنوير فى قصرها بالقاهرة يوم 28 يناير 1914م .




  

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط