الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حاتم خاطر يكتب: اليقين بالله يحول المِحْنَ إلى منح

صدى البلد

لا وجود لحياة تسير بصورة أفقية من غير مطبات وحواجز وجبال ووديان..، طبيعة الحياة التي اوجدها الله مبنية على التضاد والتناقضات، السعادة والفرح، الإحباط والمغامرة نحو الأجمل، الصعود والهبوط، الأمراض والتمتع بالصحة، فقد الأحباب والأقارب والأصدقاء، ومقابلة أشخاص جدد تضيء لنا غرف الحياة المظلمة، وكما نعلم جميعا أنه من الموت تتولد الحياة، وكل حالة من حالات السقوط تكون بداية لحالة صعود لو عرف الإنسان كيف يصبر وينهض، السقوط في المرض والخسارة والألم والفقد هو جزء من طبيعة رحلة التعلم التي تفتح لنا شبابيك الأمل في فضاء لا يتوقف، تقول الكاتبة روندا بايرن، مؤلفة كتاب السر عن سبب تأليفها لهذا الكتاب.

منذ عام تحطمت حياتي من حولي فعملت حتى الإنهاك، وتوفي أبي واضطربت علاقاتي مع من حولي حتى الأعزاء!! في ذلك الحين لم أكن أعلم أن أعظم هبة سأحصل عليها كانت ستولد من رحم أكبر محنة في حياتي، وبدت لي لمحة من سر عظيم! إنه سر الحياة! ورحت أتتبع مسار السر عبر التاريخ، لم أكن أصدق أن كل هؤلاء الأشخاص كانوا مطلعين عليه، كانوا عظماء التاريخ؛ أفلاطون وشكسبـير ونيوتن وإديسون وأينشتاين، إذًا كلنا معرضون للمحن، ليس فقط كأفراد إنما كشعوب وأمم، كمجتمعات لا يهم إن كانت في أعلى الرقي أو أسفلها.

وجاء في كتاب «دع القلق» للمؤلف الأمريكي المشهور دايل كارينجي أن أحد الأشخاص في مدينة بروكين بالولايات المتحدة قد أصيب بقرحة شديدة في الاثنا عشر، وقد تورمت واشتدت، حتى أشار عليه الأطباء بكتابة وصيته استعدادًا للرحيل من الدنيا إلى الآخرة، فترك الرجل وظيفته الكبيرة التي كان يشغلها، وقبع في بيته ينتظر الموت!! وبينما هو يفكر في أمره، إذا به يتخذ قرارًا أدهش مَنْ حوله.. لقد قرر أن يحقق ما كان يتمناه طوال حياته، وهو أن يطوف العالم، وقال: ما دمت سأعيش شهورًا معدودة كما قال الأطباء.. فلماذا لا أحقق ما أتمناه؟ وقام فعلًا بالحجز على أول رحلة بحرية حول العالم، بعد أن اصطحب معه الوصية والتابوت، كما قرر أن يأكل ويشرب كل ما يحبه ويتمناه، وما كان محرومًا منه في أثناء مرضه، ثم سافر الرجل واستمتع برحلته حول العالم، وقد استغرقت رحلته شهرين، عاد بعدها معافى من مرضه، وقد استعاد وظيفته وعاش بعد ذلك حقبة من الزمن سعيدًا مستقرًا).

ولنا في رسولنا الحبيب صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة وهو في بداية دعوته وقد مات أشد المدافعين عنه وتموت عنه خديجة زوجته، ويترك محبوبته مكة مهاجرا بدينه فيكون الفتح العظيم وانتشار الدعوة المحمدية.

والخليل إبراهيم عليه السلام يلقى في النار فيقول الله لها "يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم" كيف لا وهو الذي قال "كلا إن معي ربي سيهدين".

وها هو يوسف عليه السلام يتآمر عليه إخوته ويسجن فيصبر فتكون العاقبة ملك مصر.

وها هو أيوب عليه السلام يبتليه الله بالمرض فيلجأ إليه سبحانه لا غيره فقابل الابتلاء بالصبر والأمل بالله وحده لا غيره فأنجاه الله وأعاضه خيرا.

نعم هو وعد إلهي سيجعل الله بعد عسر يسرا، وبعد البلاء عافية، وبعد الشدة فرجا، وبعد المحنة منحة وبعد الحزن فرحا وسرورا.

إن كل واحد منا معرّض لكل الظروف السيئة والأحداث المرعبة والأشخاص المزعجين التي من الممكن ان تحطم نفسيته و سلامه الداخلي، لكن إذا كنا نرى الأمور من منظور إيجابي، وأن كل ما نمر به مؤقتًا مهما كانت حدة الظرف الصعب الذي يحاصرنا ومهما طالت مدته، فالنظرة الإيجابية للحياة هي ما يجعلنا نرى الشمعة تفتت ظلام الليل، ونرى الجانب الممتلئ من الكأس، إن أصبت بمصيبة ما قل لنفسك، إنها مؤقتة، زائلة، قل إنها بداية لشيء أجمل وأروع.

إن أفكارك الإيجابية و يقينك بالله و قدرته و عظمته وحدهم قادرون على تحويل السيئ إلى جيد والبعيد إلى قريب، عليك أن تنشرها في ذهنك، في جسدك، وفي قلبك، وثق أنها ستدور في الفضاء، وستغير كل ما حولك وتتحول المحن التي تظنها باقية إلى منح مباركة، وستشكر هذه المحن التي أوصلتك إلى ما أنت عليه من نعيم. 

قال الله تعالى في كتابه الكريم "لتبلون في أموالكم وأنفسكم 'وقال سبحانه "ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلوا اخياركم".