الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أحمد شيخو يكتب: جبال كارى والاستعمار الفاشي التركي للمنطقة

صدى البلد

مع بدء هجمات الدولة التركِية الاستعمارية الفاشية على جبل كارى في محافظة دهوك بإقليم كردستان العراق في شمالي العراق واستمرار عملياتها في الداخل التركي في باكور كرستان(جنوب شرق تركيا) وفي روج آفا في شمالي سوريا ينشر محطة (TGRT) التلفزيونية الرسمية  التركية خريطة تضم كل مناطق تواجد الكرد التاريخية(كردستان) و مجمل الدول العربية  ومناطق من روسيا وأفريقيا ولكن بدون أي منطقة من إيران أو حتى المناطق التي كانت تحتلها العثمانية البائدة في البلقان.
 
لاشك أن العقل الطوراني الفاشي الذي يريد ويأمل في السيطرة على المنطقة أصبح في حالة من المطلقية و الهستيريا قبل الموت ويدرك أن بقائه ودوامه محتمل وممكن فقط بالحرب والقتال وإبادة و استعمار شعوب المنطقة لتعبئة المجتمع التركي بالعنصرية والفاشية خصوصًا بعد كل التأكيدات أن نسبة تأيد السلطة الحالية لا تتجاوز 32%.

تقع سلسلة جبال كرى حوالي 70_80 كيلومتر من الحدود العراقية_التركية في عمق الأراضي العراقية، ومنذ 10 شباط الحالي بدأت الدولة التركية وبكل مؤسساتها  وتوابعها بالحرب وبكافة أنواع الطائرات الحربية والأسلحة المختلفة والمحرمة دوليًا.

تأتي هذه الهجمات بالتزامن مع الذكرى 22 ودخولها العام 23 للمؤامرة الدولية التي استهدفت الشعب الكردي في شخص قائدها عبدالله أوجلان والتي تم بموجبها في 15 شباط 1999 إعتقال القائد والمفكر عبدالله أوجلان في  العاصمة الكينية بعملية استخباراتية دولية شارك فيها مايقارب الأربعين دولة قادتها أمريكا اسرائيل بهيكلية الناتو وتابعية العديد من دول الإقليم والعالم.

لاشك أن تغيير الواقع الذي فرضه نظام الهيمنة العالمية في إبقاء القضية الكردية والمنطقة في دور الأداة والوظيفية والجثة الهامدة والمفعول به والرقابة هي  من الأسباب الرئيسية لاعتقال القائد عبدالله أوجلان الذي بفكره وعمله ورؤيته كان يهدف لتوعية وتنظيم و بناء إرداة حقيقة للشعب الكردي وشعوب المنطقة تتجاوز ماتم فرضه من قبل القوى الخارجية لمصالحها وهيمنها ضد ثقافة المنطقة وشعوبها وقيمها المجتمعية والأخلاقية والديمقراطية.

من الصح القول أن هجمات الدولة التركية الحالية وسلطتها الأردوغانية_البهجلية على جبال كارى هي استمرار لمؤامرة 15 شباط كون الأثنين يستهدفون إرادة الشعب الكردي وإنهاء وجوده واحتلال أراضيه والعمل على التغيير الديموغرافي والتطهير العرقي كما حصل ويحصل منذ تشكيل الدولة التركية القوموية الفاشية وعلى أختلاف سلطاتها العلمانية والإسلاموية.

تريد الدولة التركية ومن ورائها في احتلال مناطق تواجد الكرد في شمالي سوريا وشمالي العراق كمرحلة أولية تحت حجج بات الجميع يدرك زيفها وكذبها تحت حجج الأمن القومي التركي  والإرهاب والكل يعلم أن أكبر دولة تدعم  الإرهاب من داعش والنصرة والأخوان  والقاعدة هي الدولة التركية وسلطاتها إضافة إلى سلوك الدولة التركية وتعاملها الفاشي مع القضية الكردية  الذي يتجاوز كل القوانين والمعاير الدولية في خرق فاضح مسكوت عليه من القوى الدولية المركزية لمصالح قذرة لاتراعي ولاتحترم الكردي كإنسان  وكشعب على أرضه التاريخية له حق الحياة وحق إدارة نفسه  ومناطقه حتى لو كانت ضمن الأربعة الدولة التي تم تقسيم كردستان فيما بينهم.

من لم يستطع من مجتمعات وشعوب ودول المنطقة وقواها الديمقراطية ونخبها السياسية والفكرية  رؤية وقراءة حقيقة الهجمات التركية على جبال كرى فإنه لن يستطيع  فهم وتوقع مستقبل المنطقة ولن يكون قادرًا على مجابهة الإرهاب والتطرف والفوضى التي تخلقها وستختلقها تركيا حيث أن هذه الهجمات في جزء كبير منه لإعادة إحياء داعش وتقويته وامتلاك أراضي وأوراق وقواعد عسكرية وعملاء ومرتزقة ستستخدمها ضد شعوب المنطقة ودولها وضد القوى العالمية عندما يطلب من تركيا أن تكف عن بعض أعمالها الأحادية ومناطق عفرين ورأس العين وتل أبيض شاهد على تحويل تركيا تلك المناطق لقواعد للإرهاب العالمي وتحت شرعية الاحتلال التركي فمنها يصدر السلطة التركية المرتزقة إلى ليبيا وآرتساخ واليمن ولبنان والعديد من دول أفريقيا وأوروبا.

في جبال كارى  الآن وقبلها في حفتانين وغيرها من المناطق يدافع الشعب الكردي وبريادة فدائييها من قوات الدفاع الشعبي الكردستاني (الكريلا) لحزب العمال الكردستاني  ليس فقط عن جبال كردستان والشعب الكردي ضد الدولة التركية الفاشية بل أنهم في الوقت نفسه يدافعوا عن شعوب المنطقة ودولها وبالنيابة عنهم ضد من يدعم الإرهاب ويحاول السيطرة على المنطقة واحتلالها واخضاع شعوبها  وتتريكهم.

ولو أردنا أن نبحث في دلالة العملية العسكرية التركية ومواقف القوى الإقليمية والدولية سنجد بكل وضوح أن الكثير  من دول المنطقة وسلطاتها تعترض لفظيًا على التدخلات التركية و تتوافق مع تركيا ضمنيًا من منطق سلطوي ساذج وقوموي شوفيني لايدرك حقيقة الدولة التركية الفاشية. ويقول في أنفسهم أن تركيا تستهدف الشعب الكردي وهذا لايهمنا واللهم نفسي ودولي وسلطتي مع العلم أن تداعيات القضية الكردية وحرب الدولة التركية لم تتوقف عند الشعب الكردي فهاهو أردوغان وبهجلي ومجمل المعارضة التركية يتفقون ويعطون الإذن في البرلمان الشكلي التركي على تواجد قوات تركيا في أكثر من 17 دولة في المنطقة . 

ويقال في الأونة الأخيرة وبعد التوافق التركي الروسي الإيراني في سوريا بالمجمل وبشكل خاص على تحجيم الكرد ودورهم إذا لم يستطيعوا  إنهاء دورهم ومكتسباتهم وأخضاعهم، أن روسيا وإيران مدعومًا بالتحالف الأوراسي وبإمتداده داخل الدولة العميقة في تركيا ربما تكون من المشجعين للسلطة الحالية الأردوغانية_البهجلية في توغلها في أراضي تواجد الكرد والعرب، في الوقت نفسه الذي يقول اللوبي التركي في واشنطن والمؤيدين لتركيا ضمن مراكز القرار في واشنطن  أن تمدد تركيا ستوقف الروس والإيرانيين في السيطرة  على المناطق الكردية والعربية. ومع كل هذا يبقى أن تركيا لم تكن لتذهب إلى جبل كارى  وكلامها عن سنجار وكذلك في الهجمات على مناطق عين عيسى وتل تمر والشهباء وأرتكابها المجازر بحق المواطنين السوريين والعراقيين من العرب والكرد لولا تواطؤ بعض القوى المحلية من العملاء والمرتزقة ولولا سماح نظام الهيمنة العالمي لها.
 لذلك يبقى إرادة وقوة وتحالف شعوب المنطقة ودولها والمواقف المشتركة من الاستعمار التركي وسلوكياته وكذلك معرفة القوى العالمية وتحركها أمام حقيقة إعادة إحياء تركيا لداعش والإرهاب  بهذه الهجمات وتشكيلها بذلك خطر على الأمن والسلم الإقليمي والعالمي من الأمور الصحية في محاولة ردع الفاشية التركية عن استعمارها وارهابها بحق الشعب الكردي وشعوب المنطقة والقول أن الدولة التركية الفاشية وسلطتها ستكتفي باستعمار كردستان والكرد غير صحيح فرغبة السيطرة والهيمنة والاستبداد لا تتوقف عند حد إلا بموت صاحبها وإنهاء مؤسسته التي تمده بوسائل القوة والعنف والإرهابِ وأن حل أي قضية وطنية عادلة ممكن بالحلول الديمقراطية ولا يمكن إنهائها بالإبادة والاستعمار طالما هناك شعب يدافع عن وجوده وحريته ويسعى للعيش مع شعوب المنطقة في أخوة وسلام.