الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

وعد الذئب.. محنة مسلمي الروهينجا في ميانمار بين ديمقراطية عرجاء ودكتاتورية عسكرية

مسلمو الروهينجا
مسلمو الروهينجا

يضيف الانقلاب العسكري في ميانمار مزيدًا من الضباب إلى الغموض الذي يكتنف مصير مسلمي الروهينجا، سواء أولئك الباقين داخل إقليم أراكان غربي البلاد أم مئات الآلاف الذين فروا من حملات القمع الممنهجة ضدهم إلى الجارة بنجلاديش.

وقال المؤسس المشارك لمجموعة "رايتس فورتيفاي" الحقوقية ماثيو سميث إن "الانقلاب العسكري ليس في صالح أحد، لكن بالنسبة للروهينجا فالخطر مضاعف؛ فهذا النظام العسكري هو المسئول عن الفظائع التي ارتُكبت بحقهم على مدى سنوات طوال".

وفي عام 2017 وحده، فر أكثر من 700 ألف شخص من الروهينجا إلى بنجلاديش هربًا من حملة قمع وحشية لقوات الجيش والأمن في ميانمار، بزعم الرد على هجمات استهدف بها مقاتلون من الروهينجا قوات الأمن، ولاحقًا واجه جيش ميانمار اتهامات امام محكمة العدل الدولية بارتكاب إبادة عرقية ممنهجة.

وبعد استيلاء الجيش على السلطة في 1 فبراير واعتقال القيادة السياسية المنتخبة في نوفمبر الماضي، وعلى رأسها مستشارة البلاد والزعيمة الأيقونية أونج سان سوتشي، بات مصير نحو 600 ألف من أبناء الروهينجا داخل ميانمار وأكثر من مليون آخرين خارج البلاد في قبضة الجيش بالكامل، حتى بالرغم من وعد قائد الانقلاب والقائد العام للجيش الذي تسلم السلطة مين أونج هلاينج بحماية الروهينجا.

ونقلت الإذاعة الوطنية الأمريكية عن المدير التنفيذي لرابطة شباب الروهينجا في مدينة كوكس بازار البنجالية روخين ماونج قوله "إنهم يستعدون لإبادتنا. إنهم يحكمون بلادنا الآن. كان الجيش هو السبب في حملات النزوح الكبرى للروهينجا".

وأضاف سميث "لو كانت هناك ذرة أمل في عودة آمنة وطوعية وكريمة للروهينجا اللاجئين في بنجلاديش إلى ميانمار فقد تبددت الآن".

وقال اللاجئ الروهنجي في بنجلاديش نوروال أمين "حتى إن حاول النظام العسكري إعادتنا إلى ميانمار فلن نقبل العودة تحت الظروف الراهنة. لو أعادونا إلى هذا النظام فسيعذبنا أكثر".

وذكرت الناشطة الحقوقية والسجينة السياسية السابقة واي واي نو أن الانقلاب العسكري ضاعف من صعوبة وضع الروهينجا، وأوضحت أن "حكومة أونج سان سوتشي لم تكن ودية تجاهنا ولم تفعل أي شيء لحماية الروهينجا، لكن لا أعتقد أن الدكتاتورية العسكرية هي الحل". 

وبعد استقلال ميانمار في 1948، صدر قانون المواطنة الموحد، الذي استبعد الروهينجا من حقوق المواطنة التي تتمتع بها 135 جماعة عرقية أخرى باستثناء لمن كانت عائلاتهم وفدت واستقرت في ميانمار قبل جيلين على الأقل من إعلان الاستقلال.

وبعد انقلاب عسكري عام 1962، تم تعديل القانون وألغيت حقوق الهوية الوطنية لمن حصلوا عليها من الروهينجا، وصدرت لهم بطاقات هوية تصنفهم كأجانب، وحُرموا بالتالي من معظم حقوق التعليم والعلاج والعمل، وفي 1982 صدر تعديل آخر يتيح للروهنجي التمتع بوضع المجنس، شريطة أن تكون عائلته استقرت في ميانمار قبل الاحتلال البريطاني، وأن يتحدث إحدى اللهجات المحلية بطلاقة، ولم يكن هذان الشرطان ينطبقان على الأغلبية الساحقة من الروهينجا.

وبدأ النزوح الكبير للروهينجا خارج ميانمار، وبالتحديد إلى بنجلاديش، عام 1978 عندما شنت السلطات حملات قمع وتضييق متصلة ضد الروهينجا حتى أوائل عقد التسعينيات، وفي عام 2005 أجريت أول انتخابات ديمقراطية منذ انقلاب 1962، وتفائل الروهينجا وغيرهم من الفئات المهمشة في ميانمار بفوز الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية بزعامة أونج سان سوتشي، الحاصلة على جائزة نوبل للسلام، بالرغم من أن الروهينجا لم يشاركوا في الانتخابات بسبب كونهم "أجانب" حسب التصنيف الرسمي.

لكن سرعان ما انكشف موقف حكومة سوتشي من قضية الروهينجا، واتضح أنها لا تمانع كثيرًا في استمرار الجيش والأمن بقمع الروهينجا، وفي عام 2017 بدأت حملة قمع وإبادة جديدة ضد الأقلية المسلمة، شاركت فيها سوتشي بالتواطؤ والصمت والدفاع عن فظائع الجيش في المحافل الدولية.