الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

د.خضرة سالم تكتب: احميها من الختان

صدى البلد

تبذل مصر جهودًا حثيثة لمواجهة مشكلة العنف ضد المرأة والفتاة بجميع أشكاله، ومن بينها مشكلة ختان الإناث، وقد أعدت مصر الاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة المصرية 2030 والتي تضم محور الحماية، بالإضافة إلى إعداد الاستراتيجية الوطنية للقضاء على العنف ضد المرأة.

ولا شك أن موضوع الختان يشكل خطرا مجتمعيا يمس قطاعا مهما من أفراد المجتمع ،ويضرب بآثاره السلبية مستقبل الأسرة المصرية ، إذ تنتهك من خلاله خصوصية جسد الفتاة ، ويقتطع جزء منها بدون سند دينى أو قانوني أو طبي ، وإنما هى عادة توارثتها الأجيال ، وهي ليست من الدين في شىء ، ولا علاقة لها بالصحة أو بالأخلاقيات ، كما يزعم بعضهم ، وبرغم تعدد الجهود في مواجهة تلك الظاهرة فإنها لا تزال تمارس ، ولا نزال نستيقظ كل يوم على نبأ وفاة ضحية جديدة من زهروات فتياتنا.

وبسبب تزايد هذه الجريمة ، نادت الأمم المتحدة بإنهاء ممارسة الختان، حيث رصدت تقديرات بارقام مخيفة تؤكد تعرض واحدة بين كل 20 فتاة وامرأة لشكل من أشكال الختان، ويعني ذلك أن 200 مليون أنثى تعرضت لتغيير أو استئصال كل أعضائها التناسلية الخارجية أو بعض منها، حيث تتراوح الفترة العمرية التي يُمارس فيها تشويه الأعضاء التناسلية على الإناث من جيل سن الرضاعة وحتى 15 عامًا، ويُمارس الختان بغالبية عظمى في دول إفريقية، وفي مصر، يُمارس الختان بنسبة 87 بالمائة.


ولعل الأمر المخيف والمفزع أكثر، ما أفاد به تقرير منظمة الأمم المتحدة للطفولة، الذي أُجري في 29 دولة بأفريقيا والشرق الأوسط أن الختان لا يزال يُمارس بشكل موسّع في تلك الدول على الرغم من أن 24 منها لديها تشريعات أو مراسيم تحظر الختان، ويرجع سبب كتابة هذه السطور  هو ما توصلت اليه بعد حوارات مطولة مع أطباء واستشاريين نفسيين، وأكدوا لي أن هذا الإجراء يُلحق بالنساء والفتيات ضررًا جسديًا ونفسيا، وليس لهذه العملية أي فوائد صحية.


كما يتسبب الختان في ألم نفسي بالغ، ويؤثر سلبا على علاقات النساء وعلى نظرتهن لأنفسهن، وغالبا ما تجري عملية الختان رغمًا عن الأنثى أو بإجبارها ، ولذلك شدد الأزهر ممثلا في العالم الجليل شيخ الازهر على أن ختان الأنثى من العادات الضارة التي لا يدل على مشروعيتها سند صحيح أو دليل، وبذلك يكون محظورا ويكون إيقاع العقاب على من يزواله أمرا جائزا شرعا.

وأيضا تبين للأزهر الشريف أنه من خلال ما قرره أهل الفقه والطب الموثوق بهم وبعلمهم أن للختان أضرارًا كبيرة تلحق شخصية الفتاة بشكل عام وتؤثر على حياتها الأسرية بعد الزواج بشكل خاص، بما ينعكس سلبا على المجتمع بأسره، وبناء عليه قرر مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، وبعد أن تدارس موضوع الختان من كافة جوانبه الفقهيه الصحيحة وبإجماع أعضائه بجلسة 28 فبرير 2008 أن الختان لم ترد فيه أوامر شرعية صحيحة وثابتة لا بالقرآن ولا فى السنة، وأنه مجرد عادة انتشرت فى إطار فهم غير صحيح للدين، وثبت ضررها وخطرها على صحة الفتيات وفق ما كشفت عنه الممارسات التى أزعجت المجتمع فى الأونة الأخيرة".

وقد ثبت علميا وقوع كثير من الأضرار الصحية التي تصيب الفتاة جراء تلك العملية، والتي في مقدمتها حدوث خلل بإحدى أهم وظائف العضو التناسلي للفتاة بعدم قدرته على الحماية من الميكروبات والجراثيم نتيجة إزالة تلك الطبقة التي يتم بترها في عملية الختان، وحدوث نزيف عند كثير من الفتيات بعد عملية الختان قد يؤدي إلى وفاتها إن لم يستطع أحد إيقافه مباشرة، إضافة إلى غيرها من حدوث التهابات حادة وعدوى نتيجة استخدام آلات غير معقمة، خاصة حالات الختان التي لا تتم عند الأطباء.

ولم تتوقف مشاكل الختان على الأضرار الصحية فحسب، فهو يتسبب في العديد من الأضرار النفسية، فوفقا لما أكده اساتذة الطب النفسي، بأن له أضرار أولية وأضرار تظهر على المدى البعيد، فالأضرار الأولية هي الشعور بالخوف والرعب الشديد والصدمة التي تؤدي إلى التبول اللإرادي للفتاة، مع وجود اضطرابات في النوم قد تصل في كثير من الأحيان إلى حد الكوابيس نتيجة الألم الذي عانته الفتاة نتيجة عملية الختان.

وهذا الضرر هو الضرر النفسي الذي يخلق حالة من الرهبة في نفس الفتاة من الإقبال على الزواج، ويصبح الزواج مصدر رعب للفتاة، وهناك الكثير من الحالات التي تعرضت لهذا الضرر النفسي والخوف من العملية الجنسية بسبب ما تعرضت له في صغرها، وفي هذا الوقت لابد من علاجها حتى لا يستمر هذا الضرر مدى الحياة، لذا سوف نعرض كل هذا وغيره من آراء ودراسات متعددة الجوانب عندما يعرض أي قانون أو مشروع قانون على مجلس الشيوخ، وسوف يكون لمجلس الشيوخ دورا هاما في كل ما من شأنه رفعة الوطن والمواطن .

وأرى أنه للقضاء على هذه المشكلة الخطيرة، فإنه يجب رفع الوعي بشأن ختان الإناث وتوضيح المفاهيم الخاطئة بشأنه، ومواجهة ظاهرة "الختان الطبي للفتيات"، ودعم تطبيق القانون في محاربة هذه  الظاهرة، وذلك بالتعاون مع الجهات الحكومية والمجالس المحلية المعنية والجمعيات الخيرية، وكذلك توفير الخدمات الطبية والدعم النفسي والاجتماعي لحماية الفتيات من الختان والعناية بالفتيات اللواتي مررن بهذه التجربة.

كما يجب تفعيل دور الأزهر الشريف والوصول إلى الناس بلغة خطاب ديني واضح  يراعى كل المستويات الفكرية ، والتوعية من قبل علماء الأزهر  داخل القرى، والنجوع وتثقيفهم ، فهم يلعبون دورا مهما في تعديل أفكار الناس واقناعهم بالمعلومات الصحيحة ، لتمتعهم بالمصداقية في المجتمع، كما يجب توعية الاسرة المصرية بأضرار ختان الإناث من خلال الندوات الدورية ، وتغليظ العقوبة على مرتكبي هذه الجريمة في حق أطفالهم.