الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

منى زيدو تكتب: معضلة المرأة في المجتمع

صدى البلد

بعدما كانت المرأة تحتل مكانة ومنزلة الإلهة الأم في التاريخ العميق للتطور البشري والتي كانت تمتلك مفاتيح الحل للكثير من القضايا التي كانت تعاني منها المجتمعات عامة في ذاك العصر. إذ، كانت تمثل إلهة العشق والجمال، وكذلك إلهة الخصب والزراعة وأنها كانت إلهة العدل. كانت تمثل كل ما يحيط بالإنسان وآماله وأحلامه وطموحاته التي كان يتمناها أو يجهلها. وعليه استمرت المرأة متمسكة بإدارة المجتمع بما امتلكته من خبرة إدارية وانتاجية وعامل استقرار وتوازن لمرحلة طويلة من الزمن ربما تكون امتدت لآلاف السنين وفق ما تخبرنا به اللقى الأثرية.


بعد كل ما نقرأه عن تلك المكانة في يومنا هذا يحاولون تمرير ذاك التاريخ وكأنه لحظة عابرة من عمر الانسان وليس من الضروري التوقف عنده والبحث في آلياته وعوامله وأسباب. أو حتى لا يعطوننا تفاصيل تلك المرحلة ويتوقفون على بعضٍ من الرسومات المتواجدة على جدران المعابد أو القبور ويمرون عليها مرور الكرام. عقلية لا تتقبل أن تكون في الدرجة الثانية في السلم المجتمعي والذي لطالما تتمسك بالسلطة من أجل ألا تفقدها بعدما عرفت كيفية الاستحواذ عليها. إنها العقلية الذكورية الاقصائية التي لا تقبل بوجود الآخر والتي ترى أن الآخر ما هو إلا كافر أو ناقص عقل أو مجنون أو لا شيء البتة، وما الدنيا وكل ما فيها إنما خلقها الله من أجل الرجل ذي العقلية الذكورية التسلطية.


هذه العقلية التي ما زالت مستحوذة على السلطة وممسكة بها ترى أن وجودها فقط كائن من خلالها وأنها من دون السلطة فهي لا شيء مطلقا. السلطة والعقلية الذكورية وجهان لشخصية واحدة لا يمكن فصلهما عن بعضهما مهما كلف الأمر. لهذا نرى أنه من أجل أن يكون الرجل هو المسيطر يعمل كل ما بوسعه للحط من شأن المرأة إلى الدرك الأسفل. عقلية راضية عن نفسها ولا تتقبل النقد ولا تريد التغيير مطلقًا وتحاربه أينما وجد أو من يحاول التفكير به. وما معارضة الكثير من رجال الدين من الوقوف في وجه من يحاول تجديد الخطاب الديني، إلا لأنه يدرك تمامًا بأن سلطته ستتبخر من يده وأول ما سيخسره هو نزواته وغرائزه التي لطالما كان يتغنى بها ليثبت رجولته الرعناء.


المرأة جعلوها معضلة ولا حل لها سوى أن تكون ضمن البيت ولا تخرج منه أبدًا إلا بعد موافقة الأب أو الأخ أو الزوج أي الرجل الوصي عليها على نفسها وروحها وهي التي لا تملك أي شيء من ذلك، وإذا خرجت عليها أن تلبس كل شيء كي لا يظهر من عورتها شيء وهي كلها عورة بنظر الرجل من شعرها حتى أخمص قدميها. هكذا قدموا وعرفوا المرأة طيلة مئات وآلاف من السنين تحت حجج دينية والدين من ذلك براء. لكنها العقلية التي لا تتقبل أن تقودها امرأة تملك إرادتها وقوتها، ويتحكمون بفكرها ويلقنونها بهذه الأفكار حتى تقتنع هي بها وكأنها من المسلمات والحقائق التي ينبغي أن تؤمن بها، وإلا كانت ضريبة عدم الايمان كبيرة جدا وربما تكلفها حياتها، وهو ما كان عبر التاريخ القديم والحديث والمعاصر. معضلة لا يمكن حلها نتيجة الصراع ما بين من ينادي بحرية المرأة شكلًا ومن يتمسك لعبوديتها تحت مسمى الطاعة. تنافس ما بين المنطق واللا منطق، ما بين العلماني والديني، وما بين اليسار واليمين، مع العلم أن كِليهما لا يختلف بالجوهر عن بعضهما بشيء.


كيف تتمكن المرأة بحد ذاتها من التعريف عن ذاتها بعيدًا عن التعريفات التي يطلقها الرجل عنها؟ سؤال ينبغي نحن النساء ان نطلقه على أنفسنا قبل كل شيء إن أردنا أن نتعرف على ذاتنا ونقضي على حالة الاغتراب التي نعيشها. هل بمقدورنا ان نعيش من دون أن يُملي علينا الرجل سلوك حياتنا وأسلوب يومنا، أم أنه ينبغي أن نسأل الرجل عن كل شيء كي يحدد مسارنا وكيف نأكل ونمشي وننام ونلبس.


للخروج من هذه المعضلة ينبغي على المرأة ان تقرر ذلك بعيدًا عن توصيات العقلية الذكورية التي لن تسمح للمرأة ان تخرج من تحت سيطرته وسلطته، لأنها آخر سلاح يمتلكه كي يثبت وجوده في الحياة على الأقل. ربما علينا المحاولة والتي لن تكون سهلة بالمطلق ومن المؤكد أنه سيكون لها تداعيات كبيرة، لكن كما يقال لا ولادة من مخاض عسير ومؤلم. المهم هو اتخاذ القرار بأن نكون أصحاب إرادتنا الحرة كي نعيد للحياة بهجتها ورونقها وبهجتها.