تحل اليوم ذكرى ميلاد الفنان إلياس مؤدب الذي اُشتهر بأدوار الكوميديا، وقدم عددًا من الأعمال الفنية التى لاقت إعجاب الجمهور رغم ظهوره في أدوار ثانوية.
نرصد في السطور التالية أبرز المعلومات عن الفنان الراحل.
وُلد إيليا مؤدب ساسون في 6 فبراير 1916 لعائلة يهودية، إذ ترجع أصول والده الذي حصل على الجنسية المصرية إلى مدينة حلب السورية، أما أمه، فكانت مصرية من مدينة طنطا محافظة الغربية، وهي المدينة التي ولد فيها، تعرف والده على والدته وتزوجا عام 1910.
والدته كانت تُدعى «عائشة»، وهو ما أثار الأقاويل، خاصة وأنها كانت يهودية الديانة، وانتشرت في تفسير ذلك عدة أقاويل، منها أنها كانت تنتمي لعائلة يموت كل أطفالها وهم صغار، فأطلقوا عليها هذا الاسم لحمايتها من الحسد.
انتقل إلياس في عمر 4 أعوام مع عائلته بالكامل للحياة في القاهرة حيث كانت إقامتهم في شارع الفراخ بحارة اليهود بحي الضاهر، وفي هذه المنطقة نشأ «مؤدب» وتربى.
التحق بمدرسة «الليسيه» الفرنسية وتخرج فيها عام 1932.
بدأ حياته العملية منذ شبابه في مهنة والده وهي تصليح الساعات وكانت مهنة هامة جدًا في ذلك الوقت، وكان يمتلك هو وشقيقه محلا لتصليح الساعات والنظارات في شارع عبد العزيز بالعتبة، ورغم براعته الشديدة في هذه المهنة إلا أن الفن والتمثيل استهوياه بشكل كبير في شبابه وقرر أن يجرب حظه في مجال التمثيل.
بدأ بغناء أولى مونولوجاته بالفرنسية في ملهى «الأوبرج»، وعمل لفترة طويلة في هذا المجال وهي ظاهرة غريبة بالنسبة لغير المصريين، ثم اتجه إلى الأغاني «الفرانكو آراب»، وكوّن فرقة غنائية مع أخيه وأبناء عمه، تلك الفرقة التي جالت بشارع عماد الدين وقدمت المونولوج الكوميدي في الأفراح والملاهي متوسطة الحال.
اكتشفه الممثل والمخرج بشارة واكيم ومعه إسماعيل ياسين ورشحاه للراقصة ببا عز الدين التي عمل بفرقتها بأحد كازينوهات وسط القاهرة لأعوام طويلة، كما تنقل بين عدة ملاهي ليلية منها «الأريوزنا، وحلمية بالاس».
اشتهر بطريقته المميزة في إلقاء المونولوجات، فكان يقوله أولًا بالعربية ثم يؤديه بالفرنسية ثم اليونانية، وهكذا لاقى استحسان الجماهير على اختلاف لغاتهم.
شاهده بالصدفة المخرج حسن الإمام وأعجب بخفة ظله، فقدمه لأول مرة في السينما من خلال فيلم «الستات عفاريت» مع ثريا حلمي، وليلى فوزي، ومحمود المليجي، وإسماعيل يس، وزينات صدقي، وحسن فايق، وعزيز عثمان، عام 1947، وعلى عكس العديد من الفنانين بدأ «مؤدب» منذ هذا العمل أن يشكل الشخصية التي سيقوم بتجسيدها على مدار حياته الفنية، وقدم في العام نفسه فيلم «حبيب العمر» مع فريد الأطرش وسامية جمال وإسماعيل ياسين إخراج هنري بركات.
في عام 1948، اشترك في فيلم «الروح والجسد» مع كاميليا ومحمد فوزي وكمال الشناوي وشادية، قصة وسيناريو وحوار يوسف جوهر، إخراج حلمي رفلة.
معرفته الحقيقية بالجمهور كانت مع ليلى مراد، وأنور وجدي، وبشارة واكيم، وفريد شوقي، وحسن فايق، في «عنبر» عام 1948، وكان دورًا صغيرًا لكن اشتراكه في مونولوج «اللي يقدر على قلبي» وغنائه باللهجة الشامية أدى إلى بروزه بشكل كبير، ليؤدي بعد ذلك ما يقرب من 20 عملًا خلال 6 أعوام، شارك فيهم إسماعيل ياسين في بطولة 12 فيلمًا سينمائيًا.
شارك في 4 أفلام في عام 1949، هم «كلام الناس» مع شادية وإبراهيم حمودة قصة وسيناريو وحوار وإخراج حسن حلمي، و«منديل الحلو» أمام تحية كاريوكا وعبدالعزيز محمود وماري منيب، تأليف وإخراج عباس كامل، و«ليلة العيد» مع إسماعيل يس وشادية ومحمود شكوكو، قصة وسيناريو وحوار أبو السعود الإبياري وأنور وجدي، إخراج حلمي رفلة، و«شارع البهلوان» إخراج صلاح أبو سيف، وبطولة كاميليا وإسماعيل يس وكمال الشناوي، ويعد هذا الفيلم من أهم الأعمال الفنية التي شارك فيها «مؤدب».
قدم 7 أفلام في عام 1950، هم «عيني بترف» تأليف وإخراج عباس كامل، بطولة تحية كاريوكا، وكارم محمود، ومحمود المليجي، و«بنت باريز» أمام تحية كاريوكا، وليلى فوزي، ومحمد فوزي، قصة وسيناريو وحوار أبو السعود الإبياري وحلمي رفلة، إخراج حلمي رفلة، و«ست الحسن» مع سامية جمال، وليلى فوزي، وكمال الشناوي، وهدى سلطان، وإسماعيل ياسين، تأليف أبو السعود الإبياري ونيازي مصطفى، إخراج نيازي مصطفى، و«فلفل» مع إسماعيل يس، ولولا صدقي، وماجدة، وحسن فايق، تأليف وإخراج سيف الدين شوكت ومصطفى العطار، و«البطل» أمام إسماعيل يس، وتحية كاريوكا، وشادية، تأليف أبو السعود الإبياري وأنور وجدي، إخراج حلمي رفلة، و«سيبوني أغني» بطولة صباح وإسماعيل يس وسعد عبدالوهاب، قصة وسيناريو وإخراج حسين فوزي، حوار أبو السعود الإبياري، و«قسمة ونصيب» مع عزيزة أمير، ويحيى شاهين، وتحية كاريوكا، ومحسن سرحان، قصة وسيناريو وحوار يوسف جوهر ومحمود ذو الفقار، إخراج محمود ذو الفقار.
رغم أصول والدته اليهودية، فضل «مؤدب» الابتعاد عن السياسة سواء في حياته أو في أعماله، فهو لم يقم بشخصية اليهودي غير مرة واحدة في فيلم «البطل» عام 1950 مع شادية وإسماعيل يس، ولعب فيه دور «راؤول» صديق البطل.
اشترك في 3 أفلام عام 1951، هم «فايق ورايق» مع كارم محمود وإسماعيل يس وتحية كاريوكا، قصة وسيناريو وحوار أبو السعود الإبياري وحلمي رفلة، إخراج حلمي رفلة، و«قطر الندى» بطولة شادية، وكمال الشناوي، وإسماعيل يس، قصة وحوار أبو السعود الإبياري، سيناريو وإخراج أنور وجدي، و«البنات شربات» بطولة أحلام، وإسماعيل يس، وسراج منير، قصة وسيناريو وحوار أبو السعود الإبياري، إخراج حلمي رفلة.
شهد عام 1952 اشتراكه في 5 أفلام، هم «بيت النتاش» قصة علي كامل فهمي، سيناريو وحوار محمد متولي، إخراج حسن حلمي، بطولة شادية، وإسماعيل يس، وعبدالفتاح القصري، و«السر في بير» مع شرفنطح، ومحمود شكوكو، ووداد حمدي، قصة وحوار عبدالفتاح السيد، سيناريو وإخراج حسن حلمي.
وضعت صورته على أفيش أحد الأفلام للمرة الأولى والأخيرة في تاريخه في فيلم «حلال عليك» عام 1952 بطولة إسماعيل ياسين، واستيفان روستي، وعبدالفتاح القصري، وعزيزة بدر، إخراج عيسى كرامة، ويعد من الأعمال الرائعة التي ظهرت فيها موهبة «مؤدب» بشكلها الرائع، ويتناول الفيلم قصة رجل ثري يموت ويترك ثروة طائلة لكنها مخبأة في مكان ما في قصره فيسعى كل أفراد العائلة إلى الحصول على هذه الثروة لكن يحدث ما لم يكن يتوقعه الجميع في غياهب هذا القصر الغريب.
فيلم «النمر» عام 1952 كان آخر الأعمال السينمائية التي شارك فيها «مؤدب» بطولة أنور وجدي، ونعيمة عاكف، وزكي رستم، وفريد شوقي، وكمال حسين، وفي هذا الفيلم أدى «مؤدب» شخصية ناصح، وبعد أشهر قليلة من صدور هذا الفيلم توفي «مؤدب» في شهر مايو من العام نفسه.
كان ضمن الفنانين المصريين الذين رفضوا الهجرة لإسرائيل بعد عام 1948، رغم أن عائلته كانت يهودية من الجذور وحتى الفروع ورفض أيضًا محاولات القريبين منه بإقناعه الهجرة إلى إسرائيل في عام 1948، ولم يعترف بوطن سوى مصر، حتى وفاته في 28 مايو 1952.
تم التحقيق معه في قضية اتهمته بالانتماء لشبكة تجسس ضد مصر، ومن ثم تم إخلاء سبيله، ونشرت المجلات وقتها خبر إحالة «مؤدب» إلى الجهات الأمنية وبعد فتره تم إخلاء سبيله وترك القاهرة عائدا إلى الشام.
يقال إنه مكتشف موهبة الطفلة فيروز حيث كان صديقا لأبيها، وفي إحدى الأمسيات الفنية بمنزل أسرتها، التي كان يقيمها كل من والدها فيعزف الكمان وتغنى والدتها على أنغام الكمان وتقوم فيروز بالرقص على أنغام الكمان والغناء، وبالصدفة لفتت أنظار جميع الحضور وخصوصا صديق والدها «مؤدب» الذي ألف ولحن لها أغنية خصيصا، وكان منولوج لتغنيه بمفردها لتشاركه ضمن مسابقة مواهب بملهى «الأوبرج» الليلي.
توفي في 28 مايو عام 1952 عن عمر يناهز 36 عامًا بسبب جلطة دماغية.