الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حائزة على نوبل واتهمت بإبادة الروهينجا.. من هي زعيمة ميانمار المحتجزة لدى الجيش؟

أون سان سو تشي  زعيمة
أون سان سو تشي زعيمة ميانمار

استيقظ سكان ميانمار على انقطاع للاتصالات وإغلاق للبنوك بينما كانت تنتشر دوريات الجيش في شوارع البلاد، ليتفاجئ العالم بانقلاب عسكري في ذلك البلد احتجز منفذوه الزعيمة المنتخبة أون سان سو تشي وعدد من قادة الحزب الحاكم، فمن هي "تشي" العدو اللدود للعسكر.

ولدت زعيمة ميانمار سو تشي في العاصمة يانجون في يونيو 194، وهي سياسية  من أهم الرموز المعارضة للدكتاتورية العسكرية في البلاد، وشغلت مناصب سياسية حكومية مختلفة منذ 2016 بما في ذلك منصب مستشارة الدولة، مما جعلها الزعيمة الفعلية للبلاد.

وفاز حزب سو تشي بغالبية ساحقة في آخر انتخابات ديمقراطية أجريت بالبلاد في نوفمبر الماضي، قبل أن يتحرك الجيش البورمي، اليوم الاثنين، للإطاحة بها من السلطة.

عندما كانت تبلغ عامين فقط، اغتيل والدها أونج سان، البطل الوطني الداعي للاستقلال،  ودرست في ميانمار حتى 1960 إلى أن سافرت للدراسة بجامعة أكسفورد والتقت بزوجها الأكاديمي البريطاني مايكل آريس وأنجبت منه ولدين.

وفي 1988، عادت السياسية المعارضة إلى بلادها للتكفل بوالدها التي كانت تعاني من أزمة صحية وتحتضر آنذاك، لتترك ورائها زوجها والأبناء.

وتزامن وصولها مع الإطاحة بالرجل العسكري القوي يو ني وين وارتكاب مذابح جماعية ضد المتظاهرين، ما دفعها لدخول المجال السياسي وارتبط اسمها بالنضال من أجل الديمقراطية والحرية.

بعدها بعام، وضعت الحكومة العسكرية سو تشي رهن الإقامة الجبرية واحتجزتها بمعزل عن العالم الخارجي، ثم عرض الجيش الإفراج عنها مقابل مغادرة البلاد لكنها رفضت وفضلت البقاء مسجونة حتى عودة البلاد إلى حكومة مدنية وإطلاق سراح السجناء السياسيين. 

حصلت على جائزة نوبل للسلام عام 1991 وهي قيد الإقامة الجبرية تقديرا لجهودها في تحقيق التغيير السلمي، لتصبح أيقونة للحقوق المدنية حول العالم.

أُطلق سراح سو تشي من الإقامة الجبرية في يوليو 1995، رغم فرض قيود على قدرتها على السفر خارج عاصمة ميانمار.

وخلال تلك الفترة، كانت السياسية البورمية انخرطتت في تأسيس حزب "الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية" والذي حقق مكاسب ضخمة في انتخابات 1990.

وفي 1998 شكلت سو تشي لجنة من الحزب أعلنت أنها البرلمان الحاكم الشرعي للبلاد، فقرر الحكام العسكريين وضعها مرة أخرى رهن الإقامة الجبرية لانتهاكها القيود بمحاولة السفر خارج يانجون.

وتعرضت في 2003 لمحاولة اغتيال على يدد عدد من أنصار الجيش، ثم فرض عليها الإقامة الجبرية مجددا واستمرت قيد الحجز حتى إطلاق سراحها في 2010 بعد إعلان الجيش سلسلة من الإصلاحات الديمقراطية.

ويمكن القول أن تلك الفترة هي العامل الأساسي في زيادة شعبية سو تشي، وحصلت في 2011 على حرية شبه كاملة في التحرك خارج المدينة والتقاء أنصارها في مختلف الأماكن.

وفي 2015، أطلقت سو تشي وحزبها حملة للمشاركة في أول انتخابات ديمقراطية في البلاد، وأسفر الاقتراع عن فوزها باكتساح بأغلبية البرلمان والسماح لحزبها بتشكيل الحكومة.

وكانت سو تشي تحكم البلاد بالوكالة في تلك الفترة، بعد اختيار صديقها المقرب، هتين كياو، كمرشح للحزب للرئاسة، ثم شغلت مناصب رسمية في البلاد كوزيرة الطاقة ثم التعليم والخارجية.

ثم عينت سو تشي مستشارة دولة، وهو منصب تم استحداثه من قبل المجلس التشريعي وصدق عليه الرئيس ليصبح جزءا من الدستور، ويعد مشابها لمنصب رئيس الحكومة وربما أقوى من الرئيس فعليا.

وعلى الرغم من تركيز الزعيمة البورمية على دعم السلام مع مختلف الأقليات العرقية حتى المنظمات المسلحة، لكن سمتعها تضررت في السنوات الأخيرة بسبب صمتها عن عمليات الإبادة الجماعية ضد مسلمي الروهينجا في ميانمار.

وشن مسلحون من مسلمي الروهينجا هجمات على منشآت أمنية بين عامي 2016 و2017، لكن الجيش والشرطة شرعوا في حملة وحشية ضد المجموعة.

وحرق الجيشوقتها عشرات القرى وارتكب جرائم قتل بشعة ترقى إلى "الإبادة الجماعية"، كما تسببت الأحداث في نزوح نسبة كبيرة من سكان البلاد.

واتهمت سو تشي بعدم التنديد بوحشية قوات الأمن أو التدخل في العمليات العسكرية التي طالت الأقلية المسلمة، ونقل عنها قولها إن الجيش كان يعمل وقتها على فرض سيادة القانون.

وخلال 2019، كانت سو تشي هي ممثلة البلاد أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي للرد على اتهامات ارتكاب مجزرة جماعية ضد مسلمي الروهينجا، وقالت وقتها إن الجيش شن عملية عسكرية مشروعة وإذا ارتكبت جرائم حرب ستقوم ميانمار بمحاكمتهم.

وها هو التاريخ يعيد نفسه، ويعلن الجيش في ميانمار، اليوم الاثنين، اعتقاله الزعيمة سو تشي، ونقل السلطة إلى القائد العام للقوات المسلحة، مين أونج هالينج، وسط تنديدات أممية ودولية.