الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

قبل مذبحة القلعة.. الجمالية شاهد على تطهير مصر من رؤوس الفساد الأتراك

مذبحة الجمالية
مذبحة الجمالية

جميعا سمعنا ودرسنا عن مذبحة القلعة تلك المذبحة التي قام بها محمد على باشا فى بداية حكمه لمصر وذلك التخلص من المماليك ولينفرد بحكم مصر ولكن هناك إيضآ مذبحة أخرى قامت على أرض مصر و قبل حكم محمد على باشا بأكثر بكثير من تاريخ دخلة وتوليه عرش مصر .

ففى عام 1074 م/ 466 ه وأثناء تولى الخليفة الفاطمي الثامن والإمام الثامن عشر في سلسلة أئمة الشيعة الإسماعيلية."المستنصر بالله الفاطمي"  شهدت مصر إزمة وشدة عظيمة فقد حدث فى تلك الفترة أكبر وأسوأ مجاعة مرت فى تاريخ مصر واستمر لمدة سبع سنوات كانت تشبه سنين نبى الله يوسف والتى جاءت فى القراءن الكريم «قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِى سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ ثُمَّ يَأْتِى مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ ثُمَّ يَأْتِى مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ» 

ضرب الجفاف مصر ولم يفض النيل وانحصر ولم تعطى ارض مصر الزارعية خيراتها نتيجة الى تصحر الارض وعدم رويها  و لم يكون هناك يوسف حتى يستطيع أن يتنبأ بالكارثة ويضع خطة لعلاجها و تفاديها مثلا حدث فى الماضى السحيق،  و نزلت هذة الشدة على المصريين كل صاعة أنها الشدة المستنصرية حيث لم يجد المصريين الطعام فأكلوا الحمير والبعاع والكلاب بل وصل الامر الى أكل البشر أنفسهم حيث روى أحد الرواة فى الشدة المستنصرية أن أحد الطباخين ذبح بعض الاطفال والنساء وقام بطبخهم وباع باقى اللحم فى السوق .

وساد التوحش و السرقة و الهرج و المرج بين الناس فى الأسواق و كثرت الجريمة و كان الجشع و الطمع مسيطر على التجار ولم يستطع الخليفة المستنصر ان يحكم ويفرض سلطته على البلاد فاستعان بوالي عكا "بدر الدين الجمالي" والمشهود له بالصرامة والقوة والصلابة والحزم، وطلب منه المستنصر القدوم لإصلاح أحوال البلاد المضطربة وذلك بعد أن ساءت بإستغلال الجنود المغاربة والأتراك والمرتزقة الفرصة وأشاعوا في الأرض سلبا و نهبآ وضاعت البلاد فى الفوضى .

اقرأ أيضا:

ولبى الجمالي طلب الخليفة لكنه تشرط على الخليفة أن يأتي بكامل رجاله واجرب الخليفة على الموافقة لأنه لا يملك أى حلول أخرى، ودخل بدر القاهرة سرآ عام 1074م/466ه و معه عدد قليل من جنده وأمر بقى رجاله وجنوده أن يدخلوا الى مصر فى جامعات قليلة متفرقة حتى يتجمعوا فى القاهرة دون أن يلاحظهم أحد وكان لبدر الدين الجمالى ما أراد. 

ونزل بدر الجمالي مع رجالة فى بيت فى حارة برجوان فى الجمالية بجوار مسجد الحاكم بأمر الله، وبدأ بتجهيز خطته فى القضاء على رؤس الشر من الجنود الاتراك والمرتزقة فأرسل إليهم مندوبين عنه برسائل تظاهر فيها  بالود و التعاطف يدعوهم فيها إلي مساعدته في القضاء على ما في البلاد من فساد و نهب و سلب.

ثم قام بتجهيز مأدبة طعام كبيرة لهم وأكثر من كل ما لذ وطاب وكل ما هو مسكر ومذهب الرشد وجلس معهم يحتفلون ويتناولون الطعام ويشربون حتى أدار الخمر رؤوس المدعوين وكان الجمالى قد كلف وأعد رجاله بالوقوف خارج الغرفة التي كان الامراء والجبالي فيها وإذا ما أراد أحد من الحضور الخروج من الغرفة لدخول الحمام او الذهاب الى بيته ما أن يخرج خارج الغرفة حتى ينقض علية رجال الجمال يقتلونه ويقطعون رأسه حتى إذا أشرقت شمس اليوم التالي، كانت ساحة البيت قد تكدست بجثث أجساد الأمراء وقام بدر الجمالي فى نهاية المطاف بجمع رؤوس الأمراء ووضعها فى شوال وحملها إلى الخليفة المستنصر  يزف له الخبر الذى كان فى انتظار سمعه منذ فترة  وهو أن القاهرة قد تطهرت من كل رؤوس الفساد في ليلة واحدة. 

اقرأ أيضا:

وبعد يوم الذبح هذا إعاد بدر الجمالي السيطرة للحكومة، وأعاد سلطة القانون للبلاد، وعاونه فى إنجاز هذه الأهداف ابنه «الأمير الأفضل» الذى كان رجلًا عسكريًا مثل أبيه.

فانعم الخليفة عليه بوزارة مصر و سمي منذ ذلك الحين بالسيد الأجل، أمير الجيوش، سيف الإسلام، ناصر الإمام، كافل قضاة المسلمين، وهادي دعاة أمير المؤمنين أبو النجم بدر المستنصري.

ويقول المؤرخون إن المصريين والخليفة «المستنصر» فرحوا أيما فرح بنجاح أمير الجيوش فى تحقيق مهمته وأن حي الجمالية بالقاهرة قد تم تسميته نسبة له  .

ويقول ابن تغري بردي عن بدر الجمالي :
تحكم (بدر) في مصر تحكم الملوك، وأصبحت خيوط السلط كلها فى أصابعه .

وأدخل «الجمالى» العديد من الإصلاحات فى الجهاز الإدارى للدولة و أعاد تقسيم البلاد إلى مجموعة من الولايات (المحافظات بالمصطلح الحديث) شملت قوص والشرقية والغربية والإسكندرية، بالإضافة إلى القاهرة والفسطاط، وهو الأمر الذى ساعد أمير الجيوش على إحكام سيطرته على البلاد من ناحية، وأدى إلى ضبط الأوضاع العامة.