الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

إيمان عبد الرسول تكتب: الأيتام وجائحة كورونا

صدى البلد

إنه لأمْرٌ جليلٌ وطبعيٌّ أن نجد في ديننا الحنيف  ذلك التشريع الرحيم الذي يعتني بالطفل اليتيم - الذي فَقَدَ أباه أو مَنْ في حكمه؛ كأن انقطع عنه والده ولم يعلم عنه شيئًا- وإنَّ إهتمام ديننا بهذا الأمر - الذي قد يجده بعضنا أمرًا عاديًا - لَيَدُلُّ على الحكمة العظيمة الباعثة على رعاية أطفال سوف يصبحون في يوم قادم رجالًا في أسرهم ومجتمعاتهم .

فالإحسان إلى اليتيم وكفالته، ورعايته، والقيام على أمره، وحفظه من الأذى، وعدم الإساءة إليه أمر معلوم من الدين بالضرورة، وقد حث عليه الإسلام بشدة؛ بل إن القرآن الكريم اهتم بهذه  الرعاية واعتنى بالحديث عنها في أكثر من عشرين آية، وقد أعطتنا هذه الآيات الكريمات الإحساسَ بأن الرعاية واجبة على المجتمع بأسره، قال تعالى:  " وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَىٰ ۖ قُلْ إِصْلَاحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ ۖ ...".

بل إن الآيات القرآنية حذرتنا من الإساءة إلى اليتيم في أكثر من موضع؛ منها قوله تعالى: " فأما اليتيم فلا تقهر"، وكذلك حذرت الآيات من الاقتراب من مال اليتيم حفاظًا عليه  قال تعالى: " إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَىٰ ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا ۖ وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا  ".

إن المجتمع كله مخاطب بضرورة تحمل المسئولية والقيام برعاية هذه الفئة الضعيفة بصورة عامة، وفي أوقات الأزمات والأوبئة  بصفة خاصة، لا سيما أنه قد انتشر الموت وعمَّ البلاء وكَثُر أعداد اليتامى، وهو أمر يدفع المجتمع إلى زيادة التكافل والتراحم وتوحيد الجهود من أجل النهوض بهذا العبء الثقيل، قال صلى الله عليه وسلم : " خير بيوت المسلمين بيت فيه يتيم يُحْسَن إليه".

وصور هذه الرعاية متعددة :
بداية من الصحة النفسية، وتحقيق الأمان النفسي، والإشباع العاطفي، وإكساب العادات والقيم الإجتماعية، والرعاية الصحية والإجتماعية، وتوفير فرص التعليم، ومساعدتهم على تقبل واقعهم الاجتماعي، وزرع الثقة فيهم .

ومن حقوق اليتيم ما يلي :
- الإيواء : قال تعالى: " أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَىٰ"
- الإنفاق:قال تعالى: " وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَىٰ"
- حق الحياة :قال تعالى: "وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا"
- حق الكفالة:قال تعالى: " وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ ..." .
- المحافظة على أموالهم :قال تعالى: " وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ ..."
- حقه في الطعام والشراب :قال تعالى: " وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا "
- حفظه من الأذى والإهانة : قال تعالى: " فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ" إشارة إلى صفات من يكذب بالدين، حيث قال -تعالى- قبلها: 
" أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ".

هكذا يحيط الإسلام حياة اليتيم بالعناية والرعاية.
أما من يقوم بتلك الرعاية فجزاؤه الجنة، قال صلى الله عليه وسلم: " أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا، وأشار بالسبابة والوسطى".
وعلينا جميعا السعي في ذلك الأمر لنقوم بارتقاء درجاتنا في الآخرة، حيث لا يوجد في الجنة منزلة أعلى من التي ينالها كافل اليتيم.